التطورات السريعة في الميدان العسكري رافقها الكثير من الجدل السياسي، خصوصا مع زج تركيا الكثير من العتاد والمدرعات العسكرية والجنود في المنطقة، لدعم نقاط المراقبة التركية وحمايتها، وردع تقدم الجيش السوري وحماية المدنيين، بحسب المزاعم التركية، ما جعل المتحدث باسم "البنتاغون" جوناثان هوفمان يقول في تصريح صحفي بأن روسيا وتركيا على شفا نزاع مباشر في محافظة إدلب السورية.
القوات البرية
يعتبر سلاح الدبابات من أهم عوامل تفوق القوة البرية في الحروب المباشرة، وخصوصا في ظروف تحقيق اختراق الخصم والتطويق والتغلغل ومهاجمة العدو من العمق، وصنف موقع "globalfirepower" المتخصص في الشؤون العسكرية، الدول بحسب تعداد دباباتها، لتتصدر سوريا المرتبة السادسة عالميا لعام 2020، من حيث عدد الدبابات والمدرعات حيث يقدر عددها بحوالي 4135 دبابة ومدرعة، فيما أخذت تركيا المرتبة التاسعة عالميا بتعداد دبابات يقدر بحوالي 2622 دبابة ومدرعة.
وتصدرت روسيا، الحليف الأول والأقوى لسوريا، المرتبة الأولى عالميا بتعداد دبابات يقدر بحسب الموقع بنحو 6289 دبابة، مما يجعلها تتربع على عرش العالم بالقوة البرية.
القوات الجوية
من حيث القوة الجوية تتفوق تركيا، بحسب الموقع، بتعداد عتاد سلاح الجو بعدد طائرات يصل الى 1055 طائرة منها 206 طائرات هجومية، فيما يقدر تعداد سلاح الجو السوري 456 طائرة، لكنها زودت طاقمها بحوالي 199 طائرة هجومية مقاتلة.
مايميز سوريا في الوقت الحالي، الدعم الجوي الروسي، من مركز حميميم، الذي زودته روسيا بأحدث أنواع الطائرات وأكثرها قوة في العالم على رأسها "البجعة البيضاء".
الدفاع الجوي
من حيث القدرات الدفاعية الجوية، تتميز سوريا بخبرتها الواسعة في هذا المجال، وزودت طاقمها بمنظومة "إس 300" المطورة، وتمرس طاقمها على استخدام هذه المعدات على مدى سنوات الحرب، بالإضافة إلى منظومة "بانتسر إس 1" الشهيرة، ونقل موقع "الميادين" في وقت سابق، عن مصادر أن موسكو زودت دمشق بحوالي 40 وحدة دفاع جوي من منظومة الدفاع الجوي الصاروخية "بانتسر" المصممة لحماية المرافق المدنية والعسكرية، بما في ذلك وأنظمة الدفاع الجوي بعيدة المدى، وحمايتها من جميع وسائل الهجوم الجوي الحالية والمستقبلية، ويستطيع حماية المواقع العسكرية من التهديدات البرية والبحرية.
وأثبتت المنظومات جدارتها في الهجمات الأخيرة التي نفذتها إسرائيل على دمشق، حيث أعلنت دمشق إسقاط أغلب الصواريخ، ومن المؤكد فإن إسقاط طائرة مقاتلة أسهل بالنسبة لأنظمة الدفاع الجوي من إسقاط صاروخ، وهو ما يجعل إسرائيل تقصف من خارج الحدود السورية.
وتراقب منظومة "إس 400" الروسية في مطار حميميم على مدار الساعة الأجواء السورية بانتظام، وتعهدت موسكو بإسقاط أية طائرة تخرق الأجواء السورية لضمان أمن قواتها في قاعدة "حميميم" السورية بعد إسقاط طائرة روسية من نوع "سو 24" من قبل سلاح الجو التركي فوق الأراضي السورية.
زودت تركيا منظومة دفاعها الجوي بصواريخ "باتريوت" الأمريكية، بالإضافة إلى منظومة "حصار أ" محلية الصنع، وزودت نفسها أيضا بمنظومة الدفاع الجوي الروسية "إس 400"، والتي تعتبر من أقوى منظومات الدفاع الجوي العالمية، ما سبب تأزم الأوضاع مع أمريكا، التي عارضت الصفقة واعتبرتها لا تتناسب مع المقاتلات الأمريكية.
قتال الشوارع
اعتبر الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء رضا شريقي في حديث مع وكالة "سبوتنيك"، أن الجيش التركي غير مستعد لمواجه سوريا بشكل مباشر في الوقت الحالي، لعدة أسباب: "الجيش السوري بات يملك من الخبرات ما يستطيع فيها مواجهة أي جيش في العالم، خاصة على أماكن محددة أو مساحات محددة، والجيش السوري تدرب خلال الأعمال القتالية على حرب العصابات وعلى حرب الشوارع والخنادق والأنفاق وغيرها".
اللواء شريفي " الجيش السوري بات لا يخشى الحرب إطلاقا، ومن هنا يمكن أن نقول إن الجيش السوري له الأفضلية في أي حرب تقع بشكل محدود طبعا في أي منطقة من مناطق الجمهورية العربية السورية".
الحلفاء الفاعلون
تعتمد سوريا في قوتها السياسية وثقلها النوعي في الشرق الأوسط على حلف صاعد جديد، يشكل في الوقت الحالي قوة كبرى لا يستهان بها، خصوصا أن هذا الحلف يتميز بتنسيق عال، سياسي وعسكري، على رأسه أكبر دولة في العالم وبطل الحرب العالمية الثانية، روسيا، وأكبر اقتصاد عالمي ووزن سكاني في العالم، وهي الصين، وإيران وغيرهم، الذين يدعمون الحكومة السورية عسكريا وسياسيا، وهم فاعلون على الأرض.
اللواء شريفي "بالإضافة إلى ذلك هذه الحرب يمكن أن تمتد إلى حرب على مستوى الإقليم، لأن الجمهورية العربية السورية لديها اتفاق وتحالف مع الأصدقاء الإيرانيين وحزب الله والقوى التقدمية في المنطقة، بالإضافة إلى المساندة الجوفضائية الروسية التي لا يمكن أن تتخلى في هذه الظروف عن الجيش العربي السوري".
ومن الجهة الأخرى، يشكل حلف الناتو الداعم الرئيسي لتركيا في إدلب، لكن مع مشكلة بسيطة ومعقدة في آن واحد، وهي عدم توحد رأي أعضاء الحلف الفاعلون حول عدد من القضايا، منها إدلب، فمن جهة تدعم أمريكا أعداء تركيا التاريخيين في المنطقة (الأكراد)، ومن جهة ثانية أعلن ماكرون قبل أيام أن تركيا تدعم الإرهابيين في بلاده، وأن باريس تدعم موقف روسيا في إدلب، ومن ناحية ثالثة، تنشغل بريطانيا بمشكلتها الداخلية الخارجية المتمثلة بمغادرتها الاتحاد الأوروبي، وما يشكله هذا الرحيل من تبعات سياسية وعسكرية.
(المقال يعبر عن رأي كاتبه)