ويلبي هذا الغاز قسم من حاجة السوقين المحليين، ويدر أرباحا قد تصل إلى أكثر من نصف مليار دولار هذا العام، مع رغبة بالدخول إلى السوق الأوروبية، من خلال الاتفاق الذي وقعه رئيسا الحكومتين الإسرائيلية واليونانية بمد أنبوب للغاز من إسرائيل إلى أوروبا عبر اليونان لمدها بالغاز.
ريادة في المنطقة
هذه الصفقات التي تمت وما يليها من اتفاقات تسعى إسرائيل إلى اتمامها، قد يطرح اسمها كلاعب بارز في سوق الغاز ضمن المنطقة، في الوقت الذي كان حكرا على دول كقطر وإيران وروسيا.
للحديث أكثر عن إمكانية لعب إسرائيل دورا أكبر في السوق اتصلت وكالة "سبوتنيك" بنائب رئيس جامعة فاروس، الخبير النفطي الدكتور رمضان أبو العلا، الذي وضح صعوبة قيام إسرائيل بهذا الدور، ويقول:
قبل الإجابة عن هذا السؤال يجب الإشارة إلى بعض النقاط، تصدير الغاز الإسرائيلي يتم بين الجانب الإسرائيلي وإحدى الشركات الخاصة المصرية، برعاية ومباركة من الحكومة المصرية التي سمحت بمرور الغاز عبر الأراضي المصرية، سواء كان للاستخدام المحلي أو لأوروبا.
ويتابع أبو العلا: النقطة الثانية هي أن التسييل في محطات الإسالة التي تمتلك استثمارها الشركات التي حققت الاكتشافات في حقلي البياثان وتمار، ما تم الاتفاق عليه أنه سوف يتم تصدير غاز مقداره 64 مليار متر مكعب مقابل 15 مليار دولار، وسعر المليون حرارية في هذه الحالة سيكون 6.5 دولار، بخلاف نفقات النقل والتوزيع إذا كان سيستخدم محليا أو التسييل إذا كان سيتم تصديره إلى أوروبا.
ويضيف: في حالة الاستخدام المحلي فالسعر هو بين 2-3.5 دولار، فكيف يمكن أن يباع الغاز الذي يمكن أن يكلف ما يقارب 8 دولار، فهذه ستكون خسارة لا يمكن تحملها، أما في حال التصدير إلى أوروبا فالسعر المتداول هناك يبلغ حوالي 5.8 دولار للمليون وحدة حرارية بينما التكلفة تبلغ 6.5 قبل أن يتم إسالته، فلو تم إضافة التسييل فالسعر يمكن أن يبلغ حوالي 10 دولار للوحدة الحرارية،
ويواصل: بالتالي منافسة الغاز الإسرائيلي للتصدير لأوروبا سيكون فيها صعوبة بالغة، والحل أن يتم تصريف هذا الغاز إلى دول شرق آسيا كالصين واليابان، لأن في هذه المناطق يمكن أن يكون هناك تنافس بين الغاز الإسرائيلي وبين الغاز القطري والإيراني والروسي.
فيما يرى المستشار الإقليمي الفلسطيني في مجال الغاز طارق عواد العكس تماما، في حوار مع "سبوتنيك" ويقول: إسرائيل ستكون لاعبا أساسيا في المنطقة عن طريق اكتشاف الغاز في الآبار الموجودة لديها، بالإضافة إلى قضية التحالف الدولي الذي تجريه في البحر الأبيض المتوسط، وحاليا هي مرشحة لتلعب دور الريادة في مجال الغاز في المنطقة خلال الوقت القريب جدا.
مزاحمة عمالقة الغاز
الدور الإسرائيلي الصاعد يقابله منتجون دوليون عدة كروسيا وإيران أو محليون كالسعودية وقطر، وعما إذا كان حصة هذه الدول في السوق قد تنقص نتيجة لدخول الغاز الإسرائيلي على الخط، يقول نائب رئيس جامعة "فاروس": لن يتضرر أحد فالغاز هو سوق وفيه أماكن دائمة لتوفير الاحتياجات على المستوى الدولي، وعلى رأس هذه الدول روسيا وإيران وقطر.
ويتابع: حصة هذه الدول سوف تقل في السوق لو أن الغاز المكتشف في شرق المتوسط كان سعره ينافس الغاز الذي تقدمه مصادر الغاز في الدول التي تورد الغاز حاليا، بالإضافة الجزائر التي تورد ألى أوروبا كميات كبيرة من الغاز الطبيعي وتقدمه بأسعار معقولة جدا.
أما طارق عواد فيرى أن ليس هناك متضررين بشكل مباشر ، ويضيف: سيكون هناك تحالفات دولية جديدة، حيث أن قطر كانت هي من تورد الغاز إلى الأسواق الأوروبية، وفي حال تم تمرير أنبوب إلى أوروبا من إسرائيل فأن الأسواق العالمية قد تتضرر نوعا ما ، وقد يعيد ذلك خلط الأوراق بشكل أو بآخر، لا ننسى المحور القطري الروسي وما يمكن أن يفعلوه في هذا المجال.
صراع إقليمي جديد
وفي منطقة تعج بالصراعات قد يشكل ظهور الغاز بكميات كبيرة مصدرا للمزيد من هذه الأزمات، وعن ذلك يقول الخبير النفطي الدكتور رمضان أبو العلا، بأنه الصراعات تتخذ هنا نوع التسلط بين الدول، ويوضح ذلك بقوله:
أنا أعتقد أن هناك سيكون نوع من البلطجة كالتي يقوم بها الجانب التركي، لأنها لم توقع على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار ولم ترسم حدودها البحرية مع الدول المجاورة، ونستطيع أن نقول أن المياه الاقتصادية التركية محاصرة، واتفاقها مع حكومة الوفاق هو اتفاق لا تعترف به أي دولة.
ويتابع: الصراع الداخلي بين الدول الإقليمية في المنطقة، إسرائيل بدورها تمارس نوع من البلطجة على الجانب اللبناني، لأن لبنان رسمت حدودها مع قبرص وكان ذلك في عام 2007، وهناك نوع من التعدي الإسرائيلي على المياه الإقليمية اللبنانية، وتعتمد فيه على القوة الإسرائيلية في حماية المنصات خاصة في حقل تمار، ومن واقع خبرتي لو أن هناك عدل في التوزيع يجب أن يكون للبنان نصيب في هذا الحقل.
بدوره يرى المستشار الإقليمي طارق عبود بأن الغاز قد يكون سببا إضافيا لهذه الصراعات، ويتابع: حاليا من المرجح جدا أن يكون الغاز في شرق المتوسط تحديدا سبب جديدا للصراع، ولكن نأمل أن يجلس الجميع على طاولة الحوار وأن تحل هذه المشكلة، فالمنطقة ليست بحاجة إلى مشاكل وأزمات، ونتمنى أن يكون الغاز نعمة وليس نقمة على الأجيال الحالية والقادمة.