الاقتصاد الأردني الذي كان يعاني من قبل انتشار كورونا، بات على حافة الانهيار بعد توقف السياحة، والإجراءات الحكومية الاستثنائية التي أوقفت الضرائب، ودشنت صناديق لمساعدة المواطنين، بعد تعطيل كافة الأعمال وفرض حظر التجوال.
الوضع المتردي دفع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، إلى توجيه الحكومة بدراسة إمكانية استئناف عمل القطاعات الإنتاجية والاستفادة من المواردة المحلية عبر تصدير المنتجات الصناعية، التي يزيد الطلب عليها خارجيًا في الوقت الراهن.
توجيه الملك
وشدد الملك الأردني خلال ترؤسه اجتماعا لمجلس السياسات الوطني أمس الأحد، على ضرورة إيجاد حلول مبتكرة توائم بين الأولوية الصحية والخطط الاقتصادية، مؤكدا على أهمية أن تكون الأولوية لصحة وسلامة المواطنين.
ودعا إلى دراسة إمكانية أن تعمل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مع الالتزام بالإرشادات والتعليمات الموضوعة للحفاظ على السلامة والصحة العامة.
وقال عبد الله الثاني إنه لا يوجد أحد في العالم يملك الحل المثالي لمجابهة وباء فيروس كورونا المستجد والتعامل مع آثاره على القطاعات المختلفة، ما يتطلب المرونة وسرعة التكيف مع المتغيرات.
وأوعز للحكومة بالتعامل مع هذه المرحلة بكل جاهزية والتحضير لما بعد أزمة الفيروس، مشيرا إلى أهمية تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص ودراسة الطرق الناجعة لتمكين القطاع الخاص.
كما أكد على ضرورة توفير شرائح اختبار فيروس كورونا، وزيادة عدد الفحوصات في جميع مناطق المملكة، وفقا لتوصيات اللجنة المختصة في وزارة الصحة.
صحة اقتصادية مهمة
من جانبها قالت الخبيرة الاقتصادية الأردنية، لما جمال العبسة، إن "الأردن اتجه حاليًا في التفكير بعملية استئناف عمل القطاعات الاقتصادية بشكل عام، وليست الإنتاجية فقط".
وأضافت في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "هذا الكلام لن يبدأ قبل منتصف الشهر الجاري، وذلك بعد التأكد من بدء انحسار المرض، وهذه الفترة حددتها الحكومة مسبقًا لمنع تفشي فيروس كورونا".
وتابعت: "الوضع الاقتصادي في الأردن ضعيف، يعتمد على القروض، والدولة غير قادرة على تعويض القطاعات الاقتصادية سواء الخدمية أو الإنتاجية، حيث تضررت كقطاعات كبيرة على رأسها السياحة والنقل".
وأكدت أن "هذه الأوضاع دفعت الحكومة إلى التفكير في استئناف العمل، وذلك بعد تأمين المصانع والشركات صحيًا والتأكد من السلامة العامة، واستعداد هذه المؤسسات لاستقبال الموظفين".
ومضت قائلة: "اقتصاد الأردن لا يستطيع تحمل تبعات فيروس كورونا من وقف العمل، والدولة غير قادرة في المطلق على تعويض العاملين، أو دفع رواتبهم أو جزء منها خاصة في القطاع الخاص، كما حدث في دول الخليج".
وأنهت حديثها بالقول: "الصحة العامة مهمة، وأيضا صحة الاقتصاد، والحكومة عليها الموازنة بين الصحتين، حتى لا يتأثر الأردن اقتصاديًا بشكل كبير".
ضرورة ملحة
من جانبه قال نضال الطعاني، عضو مجلس النواب الأردني إن "القطاع الخاص الأردني يتعرض لضربات قاسية، شأنه كشأن الاقتصاديات العالمية التي انخفضت بشكل كبير بعد انتشار وباء كورونا".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "الأردن سيقوم خلال الأيام القادمة بإعادة الحياة بشكل أقرب من الطبيعي لتسيير الحياة اليومية الإنسانية".
وتابع: "هناك عدد كبير من المتعطلين عن العمل، وعمال اليومية، لابد من دراسة أوضاعهم وعودة حياتهم مرة أخرى، حيث سيكون هناك مصانع تعمل بكامل طاقتها مثل مصانع الأدوية والمنظفات، والمصانع التي يعمل فيها الوافدون، لكن مع أخذ كل الاحتياطات ضد وباء كورونا".
وأكد أن "الأردن تعرض لأزمات كبيرة، ونسعى لأن تكون فترة التعافي الاقتصادي فترة قصيرة، وأن يكون هناك ذراع اقتصادي يعمل بجانب الذراع الصحي للخروج من الأزمة".
وأشار إلى ضرورة أن يكون هناك حضانات اقتصادية مع دول كبرى، وممرات خضراء مع الدول الشقيقة مطلب إنساني وليس سياسي، وإلا سيصبح الوضع الاقتصادي كارثيًا".
ومضى قائلًا: "الأردن يعتمد على مصادر الدخل من السياحة والتحويلات الخارجية والضرائب، لكن كل هذه المصادر توقفت بشكل كامل، ما يمكن أن يؤثر على المديونية الخارجية الأردنية".
إجراءات أردنية
وكانت الحكومة الأردنية قد أعلنت في وقت سابق، مجموعة إجراءات احترازية مشددة للحد من انتشار فيروس كورونا، كان من بينها تعطيل المدارس والجامعات وإغلاق الأماكن السياحية ووقف الصلاة في جميع مساجد المملكة وكنائسها.
وأصدر العاهل الأردني مرسوماً ملكياً يعطي الحكومة الأردنية صلاحية تطبيق قانون الدفاع لمواجهة فيروس كورونا المستجد.
ومنذ ذلك الحين تم تعطيل جميع المؤسسات إلا من تتطلب طبيعة عمله الخروج.