وديليسبس هو صاحب فكرة حفر قناة السويس، وقد ظل تمثاله بمكانه حتى قرر الزعيم الراحل جمال عبد الناصر تأميم القناة، وحين وقع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 أزالت المقاومة الشعبية التمثال لأنه "رمز يجسد الاحتلال والاستعمار"، ثم أودِع مخازن ورش الترسانة البحرية لهيئة قناة السويس بمدينة بورفؤاد.
واعتبر عبد الحكيم نجل الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، ترميم تمثال ديليسبس في بورسعيد، "إهانة للشهداء الذين ضحوا بأرواحهم".
وتابع "يجب أن يحاكم ديليسبس بمعايير اليوم بجرائم في حق الإنسانية، كونه تواطأ مع الإنجليز ضد أحمد عرابي، كما أنه تسبب في مقتل 120 ألفا من المصريين الذين كان يعاملهم بالسخرة".
وأكد أن محافظ بورسعيد يجب أن يقتدي بالرئيس السيسي الذي حمل روحه على يديه لتنفيذ إرادة الشعب، مشيرا إلى أنه يجب وقف ترميم تمثال ديليسبس، لأن ترميم التمثال يعد تحديا لإرادة شعب بورسعيد، وأن أبناء المحافظة هم أحفاد وأبناء أبطال وشهداء حرب 1956، وفق قوله.
وكتب الكاتب المصري عبد الله السناوي في مقال بجريدة "الشروق" "ليس هناك مسوغ واحد مقنع ومتماسك للدعوة مجددا لإعادة تمثال فرديناند ديليسبس إلى قاعدته عند مدخل قناة السويس".
وقال إنه فضلا عن أن مصر لا تحتمل في هذا التوقيت صرف انتباهها عن الأخطار التي تتهددها في وجودها بأزمة سد النهضة، أو في أمنها القومي عند حدودها الغربية مع ليبيا، فإن الوثائق المصرية والفرنسية تثبت أن ديليسبس قاد أخطر عملية احتيال فى التاريخ الحديث، حيث امتلكت مصر (44%) من رأسمال الشركة دون أن يكون لها أى سيطرة على أمورها.
ويضيف الكاتب "هذا فضلًا عن التضحيات الباهظة التى دفعها فلاحوها أثناء حفر القناة، إذ مات تحت السخرة نحو مائة ألف مصري في عمليات الحفر، وهو رقم مهول بالنظر إلى عدد السكان في ذلك الوقت، نحو أربعة ملايين نسمة".
وتساءل الكاتب "إذا كانت براكين الغضب عد مقتل الأمريكي الأسود جوروج فلويد قد امتدت وأسفرت عن هدم تماثيل لشخصيات ذات سجل عنصري في أمريكا ودول أوروبية، فهل يعقل أن نحتفي هنا بمحتال عنصري مثل ديليسبس؟" ويستكمل "ماذا عن جروحنا نحن.. وآلام التمييز العنصري التي عانى منها أجدادنا في حفر قناة السويس؟".
وقال البرلماني البارز مصطفى بكري إن حالة من الغضب طالت الشعب وليس أهالي بورسعيد فقط باعتبار أن عودة التمثال ما هي إلا تمجيد للاستعمار الذي تم دحره في فترة العدوان الثلاثي عام 1956.
وتابع بكري: "يعتبر خيانة لكل دماء الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم فداء لهذا الوطن"، مؤكدا أن وضع التمثال في مدخل قناة السويس أمر مرفوض تماما.
وأصدر اتحاد كتاب مصر، يوم الأحد، بيانًا استنكر فيه ما وصفه بعودة تمثال فرديناند ديليسبس المشئوم على رأس قناة السويس في بورسعيد.
وقال البيان: "جميع مثقفي وكتاب مصر يعدون ذلك جريمة في حق شعبنا المصري البطل، وتحديًا لإرادة شعبنا الباسل الذي أسقط التمثال من منصته، التي نصبته فوقها سلطة الاحتلال، في أثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، فأصبح سقوطه تعبيرًا عن استرداد عزة الوطن، وثأرًا لشهدائه".
وكان مصدر مسؤول بمحافظة بورسعيد، قال أواخر الشهر الماضي إنه جارٍ ترميم قاعدة تمثال ديليسبس الموجودة على المدخل الشمالي لممر المجري الملاحي لقناة السويس بنطاق حي الشرق.
وأضاف المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، لموقع "الشروق"، أن المحافظة تدرس مقترحا لإعادة وضع تمثال ديليسبس في متحف قناة السويس بالإسماعيلية، ووضع تمثال بجانبه للفلاح المصري الذي حفر القناة.
وأشار المصدر إلى أن مسألة وضع التمثال أو التمثالين جار دراستها، ولم يتخذ فيها أي قرار.