وقال غريش، في مقابلة مع وكالة "سبوتنيك": "الحوادث الإرهابية التي وقعت في فرنسا مؤخرا (ذبح المدرس وحادث نيس)، لها تأثير سلبي جدا جدا في المجتمع الفرنسي، وتنمي مشاعر الكراهية تجاه المسلمين والمهاجرين عموما".
وأضاف غريش "الملاحظ أن ماكرون يحاول الاستفادة من المشاعر المعادية للمسلمين والمهاجرين حتى من قبل تلك الحوادث، وجاءت تلك الحوادث لتدعم توجه ماكرون".
وأوضح غريش أن "انتخابات الرئاسة الفرنسية بعد عام ونصف فقط، وماكرون يحاول بخطابه الحالي تحقيق مكاسب في أوساط اليمين، والحوادث التي وقعت تساعده على ذلك".
وأضاف: "قبل تلك الحوادث، لم يكن لتوجه ماكرون أثر يذكر لأن هناك مشاكل أخرى كانت تهم الفرنسيين، ولكن هذه الحوادث بطبيعتها الوحشية زلزلت المجتمع الفرنسي، وخلقت أجواء سلبية غذت النزعات اليمينية في المجتمع، وحتى جزء من اليسار تأثر بالإسلاموفوبيا، وهو ما شكل فرصة لماكرون لكسب مساحات وسط اليمين".
وتوقع غريش أن يصل اليمين المتطرف وممثلته مارين لوبان إلى الجولة الأخيرة الحاسمة في الانتخابات الفرنسية، وقال: "ماكرون يسعى لكي يكون منافسا في الجولة الأخيرة، وبالتالي يحظى بحشد تأييد اليمين المعتدل واليسار له في مواجهة لوبان، لذا فهو معني الآن بالحصول على تأييد وسط قطاعات اليمين غير المتطرف ليتمكن من منافسة لوبان في الجولة الأخيرة، وساعتها يكون الاختيار بينه وبين لوبان، فيحصل على الأصوات الرافضة لليمين المتطرف كلها متفوقا على لوبان".
ومن ناحية أخرى رأى غريش أن "تفاعل القوى الإسلامية العالمية مع الأزمة تسبب في تفاقمها، معتبرا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أراد الاستفادة من الأزمة في صراعه مع فرنسا، والأزهر كان مهتما بتأكيد مرجعيته للإسلام، والسعودية كذلك كانت معنية بمكانتها في العالم الإسلامي، وهو ما أدى لمفاقمة الأزمة، وتصويرها كصراع حضارات وثقافات، وهذا لم يساعد المسلمين في فرنسا وأوروبا".
وتابع "الأنظمة الديكتاتورية في العالم الإسلامي تسعى دائما لاستخدام الإسلام لدعم وجودها، ولكن خلف الخطاب الديني الذي تقدمه هناك دائما أزمات سياسية".
واستطرد غريش قائلا: "مثلا الأزمة بين تركيا وفرنسا، أزمة جيوسياسية بالأساس، (ساحاتها) ليبيا وسوريا والبحر المتوسط، وأردوغان أراد بخطابه تصوير الصراع بين تركيا وفرنسا كصراع بين الإسلام والغرب، ليحشد قوى إسلامية إلى جانبه في مواجه فرنسا، والقضية ليست الإسلام ولكن البحر المتوسط".
وتشهد فرنسا هجمات إرهابية عدة مؤخرًا، في أعقاب تصريحات للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، التي ألقى فيها باللوم على ما وصفه بـ"الإرهاب الإسلاموي" لتصاعد العنف في بلاده.
وأقدم شاب تونسي يبلغ من العمر 21 عاما يوم الخميس الماضي، على قتل ثلاثة أشخاص داخل كنيسة وفي محيطها في مدينة نيس جنوب فرنسا قبل أن تطلق عليه الشرطة النار.
وقام المعتدي بنحر شخصين داخل الكنيسة، ثم قام بعدها بقتل ثالث في مطعم بالقرب من الكنيسة. وأطلقت الشرطة 14 طلقة على المعتدي وقد تم نقله على الفور إلى المستشفى.
وقال مدعي عام الجمهورية لمكافحة الإرهاب جان فرنسوا ريكار، في مؤتمر صحافي الخميس الماضي: إن "المهاجم تونسي الجنسية أتى إلى فرنسا حديثا عبر جزيرة لامبيدوسا الإيطالية".
وأضاف المدعي العام إن المعتدي صرخ "الله أكبر" عندما طلبت منه الشرطة الاستسلام فيما تم العثور على قرآن بحوزته".
وأوقفت الشرطة الفرنسية، يوم أمس، رجلين يبلغان من العمر 47 و35 عاما يشتبه بصلتهما بالمعتدي في هجمات نيس، ووضعتهما قيد التحقيق، وبذلك يصل عدد الموقوفين في القضية إلى ثلاثة فيما زال المعتدي يقبع في المستشفى بسبب إصابته البالغة.