يقول مستشار وزير الري المصري الأسبق وخبير الموارد المائية المصري، ضياء القوصي، إن الاتحاد الإفريقي لم يقم برعاية مفاوضات سد النهضة من تلقاء نفسه، إنما كان هذا الأمر بعد فشل المفاوضات في واشنطن وامتناع السودان عن التوقيع وعد حضور إثيوبيا بطريقة لا تليق بسياسات الدول الخارجية، الأمر الذي حدا بمصر إلى اللجوء لمجلس الأمن الدولي بحكم أنه المعني بحفظ الأمن والسلم الدوليين، وهنا أحال المجلس الأمر إلى الاتحاد الأفريقي، وعندما قام الاتحاد بعقد اجتماعات كان معظمها إلكترونيا بحضور مراقبين من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي علاوة على الخبراء الأفارقة، وبلغ تعدادهم جميعا 21 خبير.
تحول الموقف السوداني
وأضاف لـ"سبوتنيك"، "لجنة الخبراء في المفاوضات طلبت من الأطراف الثلاثة إعداد مسودة اتفاق، بعدها حدثت استفاقة من الجانب السوداني في الجولتين الأخيرتين نظرا لأن السودان خلال السنوات الماضية لم تكن مصلحة البلاد هي التي تعنيه بقدر التنكيل بمصر وتعجيزها، لكن بعد تغيير النظام أصبحت المفاوض يبحث عن المصلحة العامة للبلاد، ومصر لا تعترض على هذا".
وتابع مستشار وزير الري، الرؤية المصرية بشأن تمسك السودان بدور أكبر للخبراء الأفارقة، إن "الرؤية المصرية تتطلع إلى الاستفادة الأكبر من الخبراء الأمريكيين والأوروبيين والذين عايشوا المفاوضات منذ شهور طويلة، ومع ذلك لا أرى أن هناك فرق بين متطلبات الجانب السوداني والجانب المصري على الإطلاق، وأي خلاف في وجهات النظر هو شكلي".
المشكلة الكبرى
وأكد أن المصريون يدركون تمام الإدراك أن إثيوبيا لن تحل مشكلة سد النهضة إلا بضغوط شديدة من بينها اللجوء مجددا إلى مجلس الأمن وشرح ما حدث خلال الشهور الماضية وهو الذي يصدر القرار، هذا القرار في حد ذاته سواء تم تنفيذه أو لم يتم تحتاجه مصر، لأنها تريد أن يرى العالم أجمع أن يعرف ما فعلته إثيوبيا، بعد ذلك سيكون لمصر موقفها في التصرف حيال هذا الأمر.
الخبراء الأفارقة
وعلق خبير الموارد المائية والمستشار السابق بوزارة الري السودانية حيدر يوسف، بأن مطالبة السودان بتغيير منهج وأسلوب التفاوض بعد كل هذه السنوات يعني فشله، لأنه لا يدري هل يوافق الطرف الثاني على تغيير المنهج والطريقة في التفاوض أم لا، وهذا يدل على أن الفريق السوداني لا يفهم معنى التفاوض، حيث أن المفاوض المحنك هو الذي يخلق البيئة المناسبة للعمل بحنكته التفاوضية وتحويل كل المشهد لمصلحتك إذا كنت مفاوض جيد.
وأضاف لـ"سبوتنيك"، "أما عملية الانسحاب من التفاوض فهى بمثابة إعلان الفشل، والخصم لن يعطيك الفرصة لإعادة التفاوض من جديد، فكيف تنسحب من التفاوض وأنت من تحتاج له، وكان الأولى التركيز من المفاوض السوداني على الاتفاق الملزم ، فلا يمكن التعويل على أي عملية تفاوض غير ملزمة".
وحول تعويل السودان على الخبراء الأفارقة قال يوسف، من هم الخبراء الأفارقة وهل يمتلكون مكاتب للخبرات في الموارد المائية والخزانات والسدود، وأرى أن عودة السودان للتفاوض بعد الانسحاب غير مقبول إن لم يحقق ما أراده من الانسحاب، فهل تجاوبت إثيوبيا مع مطالبه، الأمر الذي دفعه للعودة مجددا.
أعلن السودان عدم حضوره جلسة وزارية تتعلق بالمفاوضات حول مشروع سد النهضة الإثيوبي في النصف الثاني من نوفمبر الماضي تأكيدا لاعتراضه السابق على طريقة سير المفاوضات بين الدول الثلاث.
وبحسب وكالة الأنباء السودانية، قالت وزارة الري السودانية في بيان أن "السودان قرر عدم المشاركة في الاجتماع الوزاري حول سد النهضة"، وأكد وزير الري السوداني ياسر عباس، في رسالة بعث بها إلى بيكلي سليشي، نظيره الإثيوبي، "على موقف السودان الداعي لمنح دور أكبر لخبراء الاتحاد الأفريقي لتسهيل التفاوض
وجددت الرسالة التأكيد على تمسك السودان بالعملية التفاوضية برعاية الاتحاد الأفريقي للتوصل لاتفاق قانوني ملزم ومرض للأطراف الثلاثة، إعمالا لمبدأ الحلول الأفريقية للمشاكل الإفريقية.
واستأنفت الأطراف الثلاثة مصر وإثيوبيا والسودان، مباحثات حول سد النهضة الإثيوبي برئاسة وزراء الموارد المائية في الدول الثلاث، في مطلع الشهر الجاري، حيث تولى السودان تنظيم الاجتماع.
وحث الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مؤخرا، الدول الثلاث على التوصل لاتفاق حول سد النهضة، محذرا من احتمال قيام مصر (بتفجير) السد حفاظا على حقوقها المائية.
وبدأت إثيوبيا تشييد سد النهضة على النيل الأزرق عام 2011، وتخشى مصر من تأثير السد على حصتها من المياه، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنويا، تحصل على أغلبها من النيل الأزرق.
وعلى الرغم من توقيع إعلان للمبادئ بين مصر والسودان وإثيوبيا، حول قضية سد النهضة في آذار/ مارس 2015، والذي اعتمد الحوار والتفاوض سبيلا للتوصل لاتفاق بين الدول الثلاث حول قضية مياه النيل وسد النهضة، إلا أن المفاوضات، والتي رعت واشنطن مرحلة منها، لم تسفر عن اتفاق منذ ذلك الحين.
وتوقفت المفاوضات بين مصر والسودان وأثيوبيا منذ آب/ أغسطس الماضي، والتي تمت تحت رعاية الاتحاد الأفريقي. ولم تنجح تلك المفاوضات في التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاثة، وانتهت عقب إعلان أثيوبيا انتهاء مرحلة الملء الأول للسد.