تساؤلات عديدة تطرح حول إمكانية نجاح تلك الحكومة التي لا تمتلك الكثير من الإمكانيات، وأمامها اعتراضات كبيرة قد تمنعها من توحيد الجهود لمحاربة أنصار الله وهو ما يسعى له التحالف... فلماذا يتم رفضها؟
يقول القيادي في الحراك الجنوبي اليمني، عبد العزيز قاسم المآني، إن حكومات المحاصصة والقبلية دائما ما تنتهي إلى الفشل، خلال أكثر من 5 سنوات من الحرب تم تشكيل 4 حكومات وجميعها انتهت إلى صراعات وخلافات، من هنا يأتي رفض بعض القوى السياسية لتلك الحكومة التي لا تعبر عن رغبة شعبية وإنما رغبة بعض القوى.
غياب التمثيل الوطني
وأشار قاسم إلى أن اتفاق الرياض لم يشمل الحلول الجذرية لمشاكل الجنوب، كما هو الحال في الحكومات السابقة منذ العام 2015 التي فشلت في كل الجوانب الحياتية، كل هذا يدلل على أن هذه الحكومة أيضا قد تقابل صعوبات على رأسها تشكيل الحكومة والمحاصصة التي تعد المكون الأساسي بها.
غير مستقلة
وأوضح أن الحكومة الجديدة لا تملك قرارها وهى بحاجة إلى الدعم، وطالما أنها لا تستطيع العمل بدون دعم من التحالف، فهى لا تملك قرارها السيادي وبالتالي تحمل بين مكوناتها بذور فشلها ولا تحتاج وقوف المعارضين لها ضدها.
راية الانتقالي
ولم يتفق الدكتور ثابت حسين المحلل السياسي اليمني، مع المتحدثين عن رفض لتلك الحكومة في الجنوب قائلا: لا اعتقد أن هناك رفض لأن معظم القوى السياسية الفاعلة منضوية وممثلة في المجلس الانتقالي.
وأكد حسين أن التحالف العربي بشقيه السعودية والإمارات ماضين في دعم تلك الحكومة من أجل تحقيق الأمن والاستقرار ورفع المعاناه عن كاهل الشعب الذي مازال يعيش أصعب أيام حياته، بعد أن غابت الحكومة عن المحافظات المحررة.
يغرد خارج السرب
أما رئيس المركز العالمي للسلام وتنمية حقوق الإنسان، عضو منظمة العفو الدولية في اليمن، رائد الجحافي فيقول : إن وزير الداخلية السابق في حكومة الشرعية اليمنية، عندما كان أحد ابرز الشخصيات في حكومة هادي حاول التحرر من الاملاءات الخارجية، والانفراد بإدارة وزارة الداخلية والبلاد بسياسة مستقلة يشارك في صنع القرار فيها جميع أعضاء الحكومة من منطلق المصلحة العليا للوطن، لذا لاقى هذا الرجل حربا شرسة من كل الأطراف، حيث اعتبروه يغرد خارج السرب.
وأضاف لـ"سبوتنيك"، اعتادت دول التحالف العربي منذ اندلاع الحرب في اليمن الاعتماد على عناصر جنوبية لا تخوض أي نقاش معها وتوافقها رؤيتها كاملة وكل ما تطرحه يتم تنفيذه دون اعتراض أو استفسار.
الشراكة اليمنية
وأضاف لـ"سبوتنيك"، يأتي تشكيل الحكومة وهذا التناصف باعتباره مبدأ من مبادىء الشراكة اليمنية التي نصت عليها اتفاقية الوحدة في العام 1990، كذلك إعادة الاعتبار للجنوب بحكم أنه مكون أساسي وشريك حقيقي وفاعل في هذا الوطن، حيث كان للجنوب دور ريادي في التضحية وتقديم بعض التنازلات من أجل إعادة الوحدة اليمنية، كما أن هذه المناصفة تقلل من التغول الموجود لبعض مراكز القوى وبعض الجماعات الدينية على السلطة، لأنها سوف تتيح أفق جديد وربما يخفف ذلك من الفساد الحكومي الذي أصبح مكون أساسي في الحكومات المتعاقبة منذ "أنصار الله" وما قبلهم.
وتابع الشميري، بشكل عام تشكيل الحكومة خطوة مهمة، ولا يعول على أنه سيكون لها إنجازات سياسية وعسكرية واقتصادية كبيرة جدا، لكن على مستوى الخدمات يمكنها تحقق بعض التقدم إذا ما قامت دول التحالف وعلى رأسها السعودية بضخ أموال للبنك المركزي المفلس، لأن الحكومة الآن ليس لديها أي موارد لكي تغطي الخدمات الأساسية ومرتبات القطاعين العسكري والأمني والمدني أيضا، وبشكل عام ربما تعيد عملية الدعم بعض الاستقرار للعملة اليمنية "الريال" والذي انهار بشكل متسارع، كعلامة بارزة على انهيار الاقتصاد اليمني والدخول في دائرة الدول شبة المفلسة.
حكومة خدمات
وأكد الشميري على أنه من المبكر القول أن الاتفاق والحكومة نجحت أم فشلت، وسوف توضح الأسابيع القادمة إن كان بالإمكان نقل تلك الخطوة من دين متأخر إلى شبه إنجاز للفرقاء السياسيين إذا ما حافظوا عليه وانتقلوا من المربع الأول إلى مربع آخر وأعني المربع العسكري إلى أفق الحوار السياسي الشامل الذي يغرد حوله المبعوث الأممي مارتن غريفيث بأنه بات وشيكا رغم عدم وجود مؤشرات على ذلك.
وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، قد أصدر أمس الجمعة، مرسوما بتشكيل الحكومة اليمنية الجديدة برئاسة الدكتور معين عبد الملك، تضم 24 وزيرا بينهم وزراء من المجلس الانتقالي الجنوبي، تنفيذا لاتفاق الرياض الموقع بين السلطة الشرعية والمجلس الانتقالي في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي، الذي نص على تشكيل حكومة كفاءات سياسية مناصفة بين الشمال والجنوب.
وقعت الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي اتفاق مصالحة بوساطة سعودية بعد الأحداث الدامية بين الجانبين في أغسطس/ آب من عام 2019 التي راح ضحيتها العشرات بين قتيل وجريح غادرت على إثرها الحكومة اليمنية العاصمة المؤقتة عدن.
وجرى التوقيع على الاتفاق في العاصمة السعودية الرياض، في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، برعاية الملك سلمان بن عبد العزيز، وحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي.
ومثل الحكومة اليمنية في توقيع الاتفاق سالم الخنبشي، فيما مثل المجلس الانتقالي الدكتور ناصر الخبجي، ويستند الاتفاق على عدد من المبادئ أبرزها الالتزام بحقوق المواطنة الكاملة ونبذ التمييز المذهبي والمناطقي، ووقف الحملات الإعلامية المسيئة.