فيما يتعلق بالداخل، برزت بعض الإشارات الخاصة بتراجع شعبية حزب العدالة والتنمية المغربي الذي يرأس الحكومة الحالية، خاصة أن سعد الدين العثماني رئيس الحكومة كانت قد تحدث أكثر من مرة عن معارضته للتطبيع مع إسرائيل.
ورغم تأكيد الملك محمد السادس على تمسكه بالحقوق الفلسطينية والموقف المغربي الثابت من القضية الفلسطينية، وحل الدولتين، إلا أن الخطوة يمكن أن تنعكس على التركيبة السياسية الداخلية في تشكيل الحكومة المقبلة، خاصة وأن الانتخابات باتت على الأبواب.
فعلى المستوى الداخلي في الحزب نفسه هناك حالة من الغضب الداخلية ضد الأمين العام والأمانة بشكل كبير، وصلت إلى أن مقترحات برزت منها المطالبة بإعفاء الأمين العام من طرف المجلس الوطني، وفق الشكليات المنصوص عليها، والمبادرة إلى إعفاء الأمانة العامة، بعد عقد دورة استثنائية للمجلس الوطني للتداول في المستجدات، بحسب "هسبريس"
ومع اقتراب المملكة من محطة انتخابية مهمة، تشير المؤشرات إلى عزوف كبير خاصة في صفوف الشباب، حيث لا تتجاوز نسبة المسجلين في اللوائح الانتخابية 3% بالنسبة للشباب المتراوح أعمارهم ما بين 18 و24 سنة، وترتفع النسبة في صفوف الذين تتراوح أعمارهم ما بين 25 و34 سنة لتبلغ 19%، حسب إحصاءات وزارة الداخلية المغربية.
الكاتب والمحلل يوسف الحايك يرى أن الخطوة سيكون لها تأثيرها على الكتلة الناخبة في ظل ما يواجهه الحزب من انتقادات خارجية، وأيضا على مستوى قواعده التنظيمية، والتي تعكسها الاستقالات التي قدمت في الآونة الأخيرة.
وفي حديثه لـ"سبوتنيك" يوضح الحايك أن "بن كيران" الذي بدا بمظهر "المنقذ" للحزب، نجح في تسجيل نقاط لصالحه في هذا السياق، لاسيما بعد التصريح الذي أدلى به تعليقا منه على استئناف المغرب علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل، وما استتبع ذلك من تخفيف حدة الضغط على الحزب.
ويؤكد الحايك أن شعبية الحزب تلقت ضربة قوية بفعل بروز ازدواجيته بين الخطاب وشعاراته السابقة، التي كان الدفاع عن القضية الفلسطينية أحد مرتكزاته وممارسات الحزب الحالية، وهو ما سيكون له ما بعده من تأثير بلا شك سيستغله خصومه السياسيون.
القيادي في حزب العدالة والتنمية عزيز أفتاتي قال إن الوضع الراهن صعب، وغير واضح وبالغ التعقيد وملتبس، مضيفا أنه وضع يهم الأمة برمتها وليس مكونا أو مؤسسة معينة، وأنه في بداياته الأولى، ولا شيء يمكن حسمه حتى الآن.
ويرى أن المغاربة متمسكون بالجمع بين الحسنيين، "القضية الوطنية" و"القضية الفلسطينية"، وأن التعاطي مع محاولات التطبيع والاختراق الصهيوني صعب، وأن الجميع مستوعب لخطورته وتشويشه على صورة البلد.
وتابع قائلا: "في رأيي هذا التطبيع لا حظوظ له، وسيسقط كما سقط في 2002 بفعل المقاطعة الشعبية، وفعاليات ومجريات وتطورات المقاومة الفلسطينية"
فيما قال الخبير المغربي محمد أكضيض، إن تراجع العدالة والتنمية قائم قبل إعادة العلاقات المغربية الإسرائيلية، لأنه لم يحقق ما التزم به، وأن أغلب المغاربة يرون أن الحزب كان في حال وأصبح في حال آخر.
ويرى أكضيض أن توقيع الأمين العام للحزب ورئيس الحكومة سعد الدين العثماني على الاتفاقية هو استمرار لصورة انسحاب الحزب من التزاماته في شقها السياسي، كما اعتاد عليها في المناخ السياسي داخل الحزب نفسه.
ويرى أن المواقف المعارضة داخل الحزب تنذر بمزيد من الانشقاقات السياسية، خاصة بعد أن طالب بعض إخوان الأمين العام للحزب، تنحية الأمين العام سعد الدين العثماني، مما جعل السيد عبد الإله بنكيران الأمين العام السابق ورئيس الحكومة السابق يجد الفرصة السياسية ليعبر بطريقة ضمنية.
وعرف حزب العدالة والتنمية المغربي بمواقفه السياسية تجاه إسرائيل على غرار فروع الحزب في كل الدول العربية، بناء على أرضيتها التأسيسية التي تمنع أي "تطبيع" مع إسرائيل التي تعتبرها "كياناً" وليست "دولة" وفق أدبياتها السياسية، إلا أن وجود الحزب على رأس الحكومة وتوقيعه للاتفاقية شكل نقطة خلل كبير للحزب داخليا وللفكرة ذاتها على مستوى جماعة الإخوان في كل المنطقة.