وأدرج تقرير دولي متخصص في قطاع المياه، الأردن من بين الدول التي يتوقع أن تواجه عجزا خطيرا بوضع المياه حتى العام 2025، وسط مخاوف من حرمان نصف سكان العالم من الحصول على وصول موثوق للمياه النظيفة والآمنة.
وفي ظل شبح شح المياه الذي يواجه الأردن، والحلول المطروحة التي تبدأ الدولة في تنفيذ أي منها إلى الآن، طرح البعض تساؤلات بشأن حقيقة وضع المياه في الأردن، والتوجهات الحكومية لحل الأزمة.
أزمة مياه
وأكد التقرير الدولي، الذي جاء بعنوان "إذا كنت ترغب بإحراز تقدم في جميع التحديات العالمية الرئيسة.. فابدأ بالمياه"، ضرورة تركيز اهتمام العالم أجمع على قضية إمدادات المياه.
وانتقد إهمال جداول أعمال الحكومات والشركات والأفراد لقضية إمدادات المياه واختفائها من الحوار العالمي رغم خطورته، مشددًا على أهمية التركيز على التقدم الإيجابي الذي يمكن إحرازه عند إنشاء إمدادات مياه موثوقة.
واعتبر التقرير أن منح الأولوية لإمدادات المياه التي يمكن الوصول إليها والاعتماد عليها، يرفع بشكل أساسي من التقدم نحو تحقيق السلام، وسط ارتباط تأثير ندرة المياه على الهجرة والصراعات.
وأضاف أنه مع تفاقم تغير المناخ، قد يساهم ذلك بتشريد ما يصل إلى 700 مليون شخص بحلول العام 2030، إذا لم يتم العثور على حلول بديلة لتأمين المياه.
واعتبر أن إمدادات المياه النظيفة الموثوقة والتي يمكن الوصول إليها والمستدامة، أقوى أساس لدى العالم أجمع لضمان النجاح على المدى الطويل للتحديات الأخرى.
وعلى صعيد قطاع المياه الأردني، تشكل نتائج دراسة علمية، أجرتها الوزارة سابقًا بالتعاون مع جامعة ستانفورد الأمريكية وبعض معاهد البحث العلمي الألمانية، حول التغير المناخي وانعكاساته على انخفاض هطل الأمطار والتقلبات المناخية في الأردن، تهديدا للأمن المائي واستدامة التنمية الاقتصادية في بلد يعاني أصلاً من شح المياه، فضلاً عن الزيادة الحادة في الطلب جراء موجات اللجوء المتعاقبة وآخرها اللجوء السوري، وفقا لصحيفة الغد الأردنية.
استنزاف أردني
الدكتور إلياس سلامة، خبير المياه في المركز الوطني للبحث والتطوير بالأردن، وأستاذ علوم المياه في الجامعة الأردنية، قال إن "التقارير الدولية التي تحذر من الأوضاع المائية في الأردن خلال السنوات القادمة دقيقة، حيث بات الوضع خطيرًا، بالنسبة للتزود بالمياه ومصادرها".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "السبب في الأزمة المائية بالأردن الزيادة السكانية الطبيعية، وموجات الهجرة التي تلقتها المملكة، بدءًا من هجرة الفلسطيين منذ عام 1948، والعراقيين في الثمانينات، وبعدها السوريين والعراقيين، ما شكل ضغوطا كبيرة على مصادر المياه في الدولة الأردنية، والتي تعاني من الشح، وأن مصادرها مشتركة مع دول أخرى".
وتابع: "قامت الدولة الأردنية بتطوير مصادرها المائية سواء بالنسبة للاستخدامات الزراعية في المناطق القابلة للرأي، أو فيما يتعلق بتزويد السكان واللاجئين بحاجاتهم من مياه الشرب، وكذلك جزء خاص بالصناعة".
وأكد أن "عدم توافر مصادر المياه الداخلية واستخدام سوريا لكثير من المياه الأردنية عبر نهر اليرموك، أدى إلى استنزاف الأردن من مياهه الجوفية، بكميات أكبر من معدل الضخ والعطاء، ما يشكل خطورة على تلك المصادر من النضوب، أو تردي نوعيتها بحيث تصبح غير صالحة للاستعمال".
وعن الحلول المطروحة لتخطي هذه الأزمة، قال إن "من داخل حدود الأردن لم يعد هناك أي حلول خاصة بالمياه السطحية التي طورها الأردن، أو للمياه الجوفية التي تم استنزافها، الحل الوحيد الآن هو تحلية مياه البحر في خليج العقبة، وضخها لمختلف المناطق، وهو الحل الذي لم تقم الدولة تجاهه إلى الآن بأي خطوات، خاصة أنه لم يعد مكلفًا ويمكن للمواطن الأردني تحمله".
حلول مطروحة
بدوره قال النائب محمد عواد العلاقمة، رئيس لجنة الزراعة والمياه النيابية بمجلس النواب الأردني، قال إن "المملكة الهاشمية الأردنية تعتبر من أشد الدول فقرا بالمياه، وتواجه بالفعل أخطارًا حقيقية في هذا الشأن في السنوات القادمة".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "الحكومة الأردنية لديها خطة حقيقية لمواجهة العجز المائي لعام 2021 إلى عام 2025، وذلك من خلال عدة مشروعات سيتم تنفيذها الفترة المقبلة لتوفير مصادر أخرى للمياه".
وتابع: "من المقرر أن يتم تنفيذ الناقل الوطني (العقبة – عمان)، وذلك بتحلية مياه البحر ما يوفر حوالي 150 مليون متر مكعب من المياه سنويًا، إضافة إلى إعداد خطة لتفيذها في القريب العاجل بشأن إنشاء سدود مائية جديدة ترفع كمية المياه المخزنة من 336 مليون متر مكعب، إلى 400 مليون متر مكعب سنويًا".
وأكد العلاقمة أن "الحكومة تعمل حاليًا على إجراءات جديدة وحازمة من أجل خفض الفائض المالي الذي يقدر بحوالي 47% سنويًا، وستكون نسبة التخفيض بعد الإجراءات المتبعة 1% سنويا، وتقدر بـ 2 مليون متر مكعب سنويا".
ووقعت فلسطين والأردن وإسرائيل اتفاقاً عام 2013 لربط البحرين الأحمر والميت عبر قناة مائية، وإقامة مجمع لتحلية المياه شمال مدينة العقبة الأردنية.
وبموجب الاتفاق، ستتم تحلية مياه البحر الأحمر وتوزيعها بين الأردن وإسرائيل وفلسطين، ونقل المياه المالحة في أعقاب عملية التحلية عبر قناة يصل طولها إلى 200 كم إلى البحر الميت لإنقاذه من الانحسار وانخفاض مستوى المياه فيه.
وتتعهد إسرائيل بموجب الاتفاق بتزويد الأردن أيضا بكميات إضافية (50 مليون متر مكعب) من مياه بحيرة طبريا. لكن المشروع لا يزال في مرحلة الدراسات وطرح العطاءات.