القاهرة- سبوتنيك. وقالت الرئاسة التونسية في بيان إن سعيد وجه إلى المشيشي "كتابا يتعلّق بالجوانب القانونية للتحوير الوزاري، وخاصة بتجاهل بعض أحكام الدستور".
كما تضمن هذا الكتاب أيضا تذكيرا بـ"جملة من المبادئ المتعلقة بضرورة أن تكون السلطة السياسية في تونس معبرة عن الإرادة الحقيقية للشعب"، بحسب البيان.
وفي وقت سابق من اليوم الاثنين، أقال المشيشي خمسة وزراء ممن وقع اختيارهم في التشكيل الأخير، والذي حاز ثقة البرلمان التونسي أواخر كانون الثاني/يناير الماضي، وذلك بعد أزمة سياسية مع رئيس البلاد قيس سعيد الذي أبدى تحفظه على عدد من الوزراء ولم يدعوهم لأداء اليمين الدستورية أمامه، وهو شرط دستوري ليتمكن الوزراء من مباشرة أعمالهم.
وذكرت رئاسة الحكومة التونسية، في بيان، أنه تقرر "إعفاء كل من محمّد بوستّة وزير العدل، وسلوى الصغيّر وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم، وكمال دقيش وزير الشباب والرياضة والإدماج المهني، وليلى جفال وزيرة أملاك الدولة والشؤون العقارية، وعاقصة البحري وزيرة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، من مهامهم".
وفي هذا السياق، حذر نائبان تونسيان من تصاعد الخلاف بين سعيد والمشيشي، ومن تبعات هذا الخلاف وتأثيراته الاقتصادية والسياسية على البلاد.
وقال النائب عن كتلة التيار الديمقراطي أنور بن الشاهد في تصريح لوكالة "سبوتنيك" إن "قرار إقالة الوزراء المفترض تعويضهم و بالتوازي مع عدم أداء الوزراء المقترحين لليمين الدستورية، يعني خلق فراغ في تشكيلة الحكومة، وهذا يعد هروبا في وقت نحتاج فيه إلى الحوار قبل أي خطوة تصعيدية".
وأضاف بن الشاهد "الحكومة في شكلها الحالي أي بدون الوزراء المقترحين يمكنها قانونيا مباشرة مهامها و لكن مباشرة الوزراء المقترحين لأعمالهم تتطلب أداءهم اليمين أمام رئيس الجمهورية و هو شرط دستوري".
وحذ بن الشاهد من أن تصاعد الخلاف قد يدفع إلى تغيير الحكومة بأكملها، حيث قال "الوضع لا يحتمل استمرار الأزمة، كل خطوة تصعيدية تزيد الأمور تعقيدا بشكل يجعل استقالة الحكومة هي الحل الحقيقي".
وأكد أن "المرحلة تتطلب الرصانة وقدر من المسؤولية في التعامل مع الأزمة خاصة وأن الوضع الاقتصادي والصحي والاجتماعي دقيق والمسؤولية يقتضى تحقيق الانسجام بين رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس الحكومة".
في السياق ذاته، قال النائب عن الحزب الدستوري الحر علي الطياشي في تصريح لوكالة "سبوتنيك" إن "الأزمة بين رأسي السلطة التنفيذية اتخذت شكل تصعيدا، وأصبح الصراع بينهم مفتوحا، وهذا سيكون له انعكاسات خطيرة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وسيعمق من الأزمة الموجودة حاليا".
كما حذر الطياشي من أن تلويح أطراف سياسية بالنزول إلى الشارع لدعم الحكومة في مواجهة الرئيس، منحى تصعيد خطير ستكون له عواقبه الوخيمة"، موضحا "أن من يدعو للنزول إلى الشارع هو الحزام السياسي الداعم للحكومة والمكون من حركة الإخوان وحركة قلب تونس وائتلاف الكرامة".
ولفت الطياشي إلى أن "الوزراء الذين تم اختيارهم اليوم لا يدخلون في إطار التعديلات الحكومية، بل تكليف مباشر من المشيشي، وذلك يمكنهم من أداء عملهم مباشرة دون الحصول على ثقة البرلمان مرة أخرى".
ووافق البرلمان التونسي، نهاية يناير الماضي، على تعديل وزاري أثار جدلا بين الرئيس ورئيس الوزراء ، وذلك في نهاية يوم شهد مظاهرات خارج مقر البرلمان المحاط بحواجز كثيرة وبمئات من قوات الشرطة احتجاجا على الظلم الاجتماعي وتفشي البطالة وعنف الشرطة.
وشمل التعديل الوزاري، الذي نال موافقة البرلمان، 11 وزيرا من بينهم وزراء جدد للعدل والداخلية والصحة، بعد أن استبعد رئيس الحكومة وزراء مقربين من الرئيس قيس سعيد. ولكن الأخير قال إن التعديل الوزاري سيكون غير دستوري من الناحية الإجرائية، مستنكرا عدم وجود نساء بين الوزراء الجدد. وأضاف أن بعضهم تحيط به شبهة تضارب المصالح.
ووسط الأزمة بين المشيشي والرئيس قيس سعيد، دخل اتحاد الشغل التونسي (التكتل البارز في الحياة السياسية) على الخط، داعيا، بوقت سابق من هذا الشهر، إلى إبعاد 4 وزراء من التشكيل الحكومي في ظل اتهام من قبل الرئيس التونسي بوجود شبهات تضارب مصالح.
واندلعت الاحتجاجات هذا الشهر في ذكرى مرور عشر سنوات على الثورة التونسية عام 2011 التي ألهمت انتفاضات الربيع العربي وجاءت بالديمقراطية إلى تونس. وتفاقم الجمود السياسي والتراجع الاقتصادي مما دفع كثيرا من التونسيين للتشكيك في ثمار الثورة.
وعرقل الجمود السياسي الذي يعتري تونس منذ الانتخابات التي أجريت في 2019 جهودها لعلاج المشكلات الاقتصادية المتفاقمة، في الوقت الذي يطالب فيه المقرضون الأجانب والاتحاد التونسي العام للشغل بإجراء إصلاحات سريعة.