وأكد سعيّد خلال لقائه أمس بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعم تونس للجانب المصري في القضايا الثنائية التي قال إنه يمكن تجاوزها بسهولة في ظل توافق البلدين على نفس المبادئ.
وأعلن سعيد خلال لقاء إعلامي مشترك مع نظيره عبد الفتاح السيسي رفضه المساس بالأمن القومي المصري، بما في ذلك أمن مصر المائي الذي اعتبره بمثابة أمن تونس الذي تدافع عنه في كافة المحافل الدولية،.
وصاحبت زيارة الرئيس التونسي إلى مصر موجة انتقادات خاصة من أنصار حركة النهضة، والرئيس التونسي الأسبق محمد المنصف المرزوقي الذي شجب الزيارة واعتبر أن سعيد لم يعد يمثله لكونه زار القاهرة.
وكتب المرزوقي على صفحته الرسمية على الفيسبوك "سعيد لا يمثل الثورة التي سمحت له بالوصول للسلطة، ولا يمثل استقلال تونس، ووحدة دولتها ومصالحها وقيمها".
حشد الدعم لسد النهضة
وفي تصريح لـ "سبوتنيك"، قال الدبلوماسي السابق عبد الله العبيدي إن زيارة الرئيس التونسي قيس سعيد لمصر تندرج في إطار حشد الدعم المصري لقضية سد النهضة تجاه إثيوبيا.
وأضاف "من المعروف أن الدولة تستمد قيمتها من المساندة التي تجدها في شبكة العلاقات الخارجية التي تنسجها مع محيطها المباشر وغير المباشر"، مشيرا إلى أن تصريح الرئيس قيس سعيد ترجم مساندة تامة ولا مشروطة لمصر في قضية سد النهضة باسم الوحدة العربية وباسم الجوار.
وبيّن أن هذا التصريح يؤكد أن النقطة الأساسية في جدول أعمال زيارة سعيد إلى مصر هي حشد الدعم الدولي في قضيتها مع إثيوبيا، خاصة في ظل التصريحات الأخيرة للمسؤولين المصريين التي أكدوا من خلالها أن مصر ستذهب إلى أبعد الحدود دفاعا عن مياه النيل.
وفي علاقة بالانتقادات التي رافقت هذه الزيارة، قال العبيدي "إن لم يكن الجو السياسي مشحونا لما تساءل بعضهم عن هذه الزيارة وعن أهدافها وخلفياتها، فمن الطبيعي أن ينتقل رئيس دولة إلى دولة أخرى مهما كانت في مختلف أنحاء العالم، ومن الطبيعي أن تكون تونس محور اهتمام دولي اعتبارا لموقعها الجيو-استراتيجي الاستثنائي المجاور لليبيا والمتاخمة للاتحاد الأوربي".
وأضاف أن تونس تبحث بدورها من خلال هذه الزيارة عن مد الجسور مع محيطها الخارجي وإعادة نسج شبكاتها مع مختلف الدول خصوصا منها الدول الهامة اقليميا مثل مصر التي تحتضن مقر الجامعة العربية التي هي جزء من سياسة تونس الخارجية.
توافق على مستقبل ليبيا
من جانبه اعتبر المحلل السياسي والباحث باسل الترجمان في حديثه لـ "سبوتنيك" أن: زيارة سعيد مهمة باعتبارها تأتي في إطار إعادة ترتيب العلاقات العربية- العربية، خاصة وأنها تأتي بعد سنوات من الجفاء جراء انتفاضة الشعب المصري على حكم الإخوان في مصر التي لم تستسغها بعض الأطراف.
وقال إن زيارة سعيّد تكتسي أبعادا تهم المنطقة والعلاقات الثنائية وخاصة مستقبل ليبيا، "لأن البلدان هما الأكثر تضررا من الأزمة الليبية ودفعت تونس غاليا ثمن ذلك بالدرجة أولى ثم مصر في الدرجة الثانية".
وتابع أن: هذا اللقاء يندرج في إطار تأكيد دعم البلديْن للحكومة الشرعية الجديدة في ليبيا والمجلس الرئاسي وإخراج القوات الأجنبية كاملة من ليبيا وتطهيرها من الإرهاب، وهو ما يخدم المصلحة القومية العليا للبلدين".
وأضاف الترجمان أن زيارة سعيد لمصر تكتسي أيضا بعدا اقتصاديا وتجاريا، اعتبارا لأهمية السوق المصرية بالنسبة للصناعة التونسية، قائلا إن: "علاقة البلدين هي علاقة سياسية بالأساس قائمة على إعادة ترتيب الأولويات وتدعيم المصالح المشتركة، ومستندة أيضا على تدعيم العلاقات التجارية، خاصة وأن للدولتين اهتماما مشتركا في إعادة إعمار ليبيا سواء على مستوى اليد العاملة أو على مستوى دعم المؤسسات التي تقوم ببناء المشاريع الكبرى.
ويرى باسل الترجمان أن: "الهجوم الذي شنته بعض الأطراف على الرئيس التونسي بسبب زيارته لمصر يعبّر عن حالة إحباط لدى هذه الأطراف سواء في حركة النهضة أو لدى الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي، قائلا إن: هذا الأخير "يهاجم مصر ويتذلل في المقابل للقطريين والأتراك وكأن هذه الديمقراطيات هي الديمقراطيات التي يضرب بها المثل".
واعتبر الترجمان أن هذه الانتقادات تأتي في إطار تصفية حسابات سياسية مع الرئيس قيس سعيد الذي أثارت زيارته إلى مصر ارتياحا كبيرا في الشارع التونسي لا يمكن لأحد أن ينكره.
وتابع "هذه الأصوات التي خرجت ضد الزيارة لها حرية التعبير ولكنها تعبر بالأساس عن فشلها وإحباطها، خاصة وأن مشروع الإخوان في المنطقة هزم في مصر وبالتالي فهم يخشون من هزيمته في دول أخرى".
وتأتي زيارة الرئيس التونسي قيس سعيد إلى مصر وسط أجواء سياسية داخلية مشحونة، إذ تتواصل القطيعة بين الرئاسات الثلاث والتي غذاها مطالبة قيس سعيد باستقالة رئيس الحكومة من جهة، ورفضه الإمضاء على تعديلات القانون الأساسي للمحكمة الدستورية التي هددت أطراف سياسية من الحزام السياسي الداعم للحكومة باستخدامها ضده.