المبادرة الشعبية التي جاءت تحت عنوان "نداء المستقبل" تسعى لفتح الحدود بشكل تدريجي على أن تكون المرحلة الأولى للأفراد بحيث يسمح لهم العبور للجانبين لزيارة الأهل أو الأقارب، ومن ثم التدرج نحو المستويات الأخرى.
ظلت الحدود مغلقة منذ ذلك التاريخ، ورغم تأسيس اتحاد المغرب العربي في 1989، إلا أنه لم يستطع حل أي من الإشكاليات القائمة بين البلدين، بسبب الخلاف السياسي، حيث عقدت آخر قمة اقتصادية في 1994، في حين أشارت تقارير اقتصادية عدة أن الخلاف بين البلدين يحرمهما من نحو 3 نقاط في نسبة النمو.
استمرار الجمود
بحسب معلومات حصلت عليها "سبوتنيك"، من مصادر مطلعة، أن الأطراف الرسمية بين البلدين لا ترى أي تقارب في الوقت الراهن، وأن الجمود في العلاقات قد يستمر لفترات ما في ظل تصعيد الخطاب الدبلوماسي.
وحاولت "سبوتنيك" الحصول على تصريحات رسمية من حكومة البلدين، إلا أننا لم نتلق رد حول الأمر حتى تاريخ النشر.
محاولة شعبية
من ناحيته، قال نوفل البعمري الباحث المغربي، إن "النداء جاء لمحاولة حلحلة الوضع القائم، وإعادة بعث الأمل في أهمية أن يجمع البلدين مستقبلا آخر غير ما يحدث من توتر وأزمات متتالية وصلت حد إغلاق الحدود ورفض فتحها من جديد".
ويرى البعمري في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "إغلاق الحدود جاء لأسباب سياسية، ولا ينبغي إلغاء حق المغاربة والجزائريين في التنقل بين البلدين لصلة الرحم، ولأسباب إنسانية من خلال تخصيص على الأقل معبر خاص بالراجلين يتنقل من خلاله شعبي البلدين لكلا الجانبين".
وعلى الرغم من أن الجانب السياسي لم يحدث فيه أي تغيير حتى الآن، إلا أن الباحث المغربي يشير إلى أن "الجانب الإنساني يمكن أن يحرك الجانب السياسي المتجمد، نحو تدرج العلاقات بعض الشيء".
مطالب لعبور الأفراد
المبادرة الشعبية تطالب بفتح معبر للعبور بين البلدين على مستوى الأفراد كمرحلة أولية، حيث تسعى إلى أن تساهم هذه الحركة في فك الجمود الدبلوماسي الحاصل، مع الذهاب نحو عودة الحركة الاقتصادية.
عراقيل أمام المبادرة
فيما يتعلق بالعراقيل التي قد تحول دون استجابة السلطات في البلدين، أوضح الباحث المغربي أنه "لا يوجد أي عراقيل موضوعية حتى الآن سوى المواقف الدبلوماسية المتصلبة خاصة من الجانب الجزائري الرافض لفتح الحدود".
وتسعى المبادرة لجمع توقيعات من شخصيات سياسية وإعلامية في الجزائر في إطار الدفع نحو التأثير على الجهات السياسية المسؤولة في الجزائر، في ظل الحديث عن أن الجانب المغربي ليس لديه إشكالية في فتح الحدود.
ما موقف الجزائر؟
من الجانب الجزائري، يقول وليد كبير، رئيس الجمعية المغاربية للسلام والتنمية بالجزائر، إن "النداء الحالي يختلف عن النداءات التي كانت تطلق فيما سبق".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "النداء هدفه رفع المعاناة النفسية عن العائلات الجزائرية المغربية، التي حرمت من حقها في زيارة ذويها عبر البر".
ويرى أنه "من غير المنطقي أن يمنع جزائري أو مغربي من زيارة قرية أو مدينة موجودة على طرفي الحدود، حيث تتواجد عائلته وهو يراها مثلا من نافذة منزله".
ويراهن المطالبون بفتح الحدود على تجاوب الجهات الحكومية مع المبادرة، رغم أن الظرفية تشهد تصعيدا يستثمر فيه أعداء التقارب لصالح مصالحهم الضيقة، بحسب كبير.
فوائد فتح الحدود
يتفق كبير حول أن "لفتح الحدود فوائد كبيرة على جميع المستويات، وعلى رأسها المستوى الاقتصادي، إذ أن التقارير السابقة للبنك الدولي تشير إلى خسارة ما بين نقطتين إلى ثلاث نقاط، فيما يخص نسبة النمو".
ومضى بقوله إنه "في حالة فتحها يمكن أن تخفض نسب البطالة التي دفعت شباب المناطق الحدودية إلى الهجرة غير الشرعية من خلال عملها في التبادل التجاري والاقتصادي بين البلدين".
انعكاسات أخرى لا تقتصر على البدين فحسب، إذ يرى أن "فتح الحدود له انعكاسات إيجابية على شمال إفريقيا بكل كبير، من خلال تعزيز التعاون الاقتصادي وتبادل السلع بين بلدانه برا".
وبشأن العراقيل التي تقف أمام فتح الحدود استطرد :"أهم العراقيل التي تحول دون فتح الحدود هو عدم توفر نية صادقة لتجاوز الخلافات، وتكريس منطق العداء، وبالتالي لا يمكن أن تنتظر الخير ممن لا يرى فيك خيرا".
"استمرارية الخلط بين الملفات العالقة وتوظيف ذلك لتحقيق نقاط سياسية، يظل أحد أهم العراقيل"، حسب كبير، الذي شدد على أن "ملف النزاع في الصحراء هو الملف الذي ينعكس أثره بشكل مباشر على استمرار غلق الحدود".
خلافات عدة
وفي حديثه لـ"سبوتنيك"، أضاف أن "الجزائر طلبت من المغرب في مايو سنة 2013، وضع أرضية للتفاهم، والتي من بينها وضع قضية الصحراء في إطارها الحقيقي، لدى هيئة الأمم المتحدة، ووقف الهجمات الإعلامية والدبلوماسية التي يشنها الجانب المغربي على الجزائر"، بحسب الخبير.
ويرى أن "مسألة فتح الحدود تحتاج إلى وقت، بحيث ينبغي أن تحدث تفاهمات على مستوى قيادة البلدين".
برؤية مغايرة يرى الأكاديمي الجزائري أن "الحدود في هذه الأوضاع لا يمكن أن يثمر بنتيجة هامة، إلا أنه حال وجود تفاهمات بين الجانبين والتراجع عن النقاط الخلافية، يمكن الحديث عن انتعاش اقتصادي وحركية تبادل تجارية هامة وتنقل كبير للسياح".
وبحسب ما ورد في بيان المبادرة: "نحن المواطنون المغاربة والجزائريون الموقعون أدناه، وأمام التحديات الراهنة ونظرا لاستمرار حالة الجمود التي تخيم على العلاقات بين الجزائر والمغرب، وإيمانا منا بضرورة ترميم هذه العلاقات وإرجاعها الى سكتها الصحيحة عبر إعادة بعثها من منطلق إنساني واجتماعي، نوجه نداءنا إلى أصحاب النوايا الصادقة المؤمنين بوحدة المصير المشترك قصد البدء في حلحلة العقد تدريجيا والنظر في البعد الإنساني للعلاقات الأسرية خصوصا على جانبي الحدود".
وتابع البيان: "وتمكين تلك العائلات التي تضررت بشكل بالغ على المستوى النفسي من أحقية تبادل الزيارات بينها في إطار فتح معبر بري إنساني للراجلين فقط يمكنها من صلة أرحام بعضها البعض، والتخفيف عن معاناة أكثر من ربع قرن غادر فيها الكثير دون أن يروا بعضهم البعض".