وتعليقا على القرار الأمريكي بعدم سحب القوات من العراق، قال حاتم الفلاحي، الباحث العراقي بمركز الرافدين للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن كانت أعداد القوات الأمريكية بالعراق تقارب 5 آلاف جندي، وتم تخفيضها إلى ما يقارب 2500 جندي، حسب تصريح كينيث ماكنزي، قائد القيادة الوسطى الأمريكية في الفترة السابقة.
وتابع حديثه لـ "سبوتنيك": "أضف إلى ما سبق حاجة العراق إلى الجوانب الفنية والتدريبية، رغم أن هذه القوات التي تم الإبقاء عليها تم تغيير مهامها، من مهام قتالية إلى مهام استشارية بالنسبة للقوات الحكومية".
وسبب تراجع الولايات المتحدة عن خفض قواتها عما هو على الآرض الآن، يأتي نتيجة التهديدات للقوات الأمريكية من قبل الميليشيات الولائية التابعة لإيران، وهو جزء من الصراع بين الولايات المتحدة وإيران على الأراضي العراقية، وكانت هناك ضربات لعدد من المواقع التي توجد فيها القوات الأمريكية، سواء في مطار أربيل أو قاعدة عين الأسد، كما قال الفلاحي.
تهديد الميليشيات
وتابع الفلاحي: "هناك أيضا استهداف لقوافل الدعم اللوجستي التابعة للتحالف الدولي، لذا لا يمكن تخفيض القوات الأمريكية بأقل مما هى عليه الآن في العراق، لأن ذلك سيؤدي إلى إشكاليات كبيرة جدا في عدم إمكانية تلك القوات على توفير الحماية اللازمة سواء للمواقع العسكرية أو الدبلوماسية سواء في أربيل أو مناطق أخرى".
وقد قدمت مؤسسة "راندا" أربع خيارات أمام القوات الأمريكية في العراق، تمثلت في الانسحاب الجزئي أو الانسحاب شبة التام، أو الانسحاب الكلي، والخيار الرابع إنهاء الارتباط، وفي إدارة ترامب السابقة كان هناك تهديد بفرض عقوبات كبيرة جدا قد تؤدي إلى إنهيار النظام السياسي الحاكم في العراق، لكن المؤسسة الأمريكية لم تعطي أي احتمال انسحاب كامل للقوات الأمريكية.
وأوضحت أن واشنطن تدرك جيدا أن بقاء القوات الأمريكية في العراق هو ضروري بشكل كبير جدا، لمواجهة إيران التي لم يتم الاتفاق معها حتى الآن، حيث يعد العراق ساحة نفوذ كبيرة جدا بالنسبة لإيران.
القصف الأمريكي والمعطيات الجديدة
ويرى المحلل السياسي العراقي الدكتور عادل الأشرم، أن الولايات المتحدة الأمريكية باتت تتعامل مع معطيات جديدة باتت واضحة على الأرض في العراق، ولا تستطيع إدارة بايدن أو أي مسؤول أمريكي أن يغض الطرف عنها، وهذه المعطيات تتعلق بمدى التوسع والنفوذ وقدرة إيران على شغل أي فراغ قد يخلفه انسحاب القوات الأمريكية من العراق.
وفي حديثه لـ"سبوتنيك"، أوضح أن الاستهداف المبرمج والموجه الذي تستخدمه الميليشيات التابعة لطهران على الأرض العراقية يدل دلالة قطعية على اتجاهها لتحريك أدواتها للتعامل مع ملفات في البعد العراقي، مثل الملفات المتعلقة بالبرنامج النووي أو تهديد أمن الخليج، وكذا الملفات المرتبطة بالخلافات مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وهو ما أعطى إيران دوافع كثيرة لتتقدم في جبهات عدة، لذلك بدأت أمريكا تتريث في عملية سحب القوات من العراق، وبدأت تعالج من خلال منطلقات داخلية، كذلك هى تريد إرسال رسائل ومؤشرات لدعم حكومة الكاظمي، والذي تجد فيه بعض مؤشرات التململ من القدرة الإيرانية، وهو ما يجعلها قد تعول عليه لاستخدامه كأداة لضرب المليشيات، وهو تعويل يبقى شكليا ولا نجد له صدى على أرض الواقع، وليس أمامها خيار سوى أن تتعامل من خلال هذا المنطلق.
الوجود الشرعي
وحول إعلان واشنطن بأن قرارها بالبقاء يأتي بناء على طلب من من الحكومة العراقية، قال الأشرم إن أمريكا تريد أن ترسل مثل تلك الرسائل بأن وجودها في العراق هو وجود شرعي بطلب من الحكومة المنتخبة ورئيس وزرائها، وتلك هى رسالة شكلية، لكن في الحقيقة هى للتعامل مع الاستراتيجية الجديدة المتعلقة بشكل خلافها مع إيران، وفي الوقت ذاته تدرك واشنطن أن الحكومة العراقية أضعف من أن تواجه المليشيات، أو أن تتبنى أجندة لا تتوافق عليها طهران.
وكان قائد القيادة المركزية الأمريكية في العراق قد صرح خلال الساعات الماضية، بعدم خفض قوات بلاده في العراق، وهو ما أثار تساؤلات عدة في بغداد حول جدية الولايات المتحدة في سحب قواتها من البلاد.