يرى مراقبون أن هذا الاجتماع يأتي في إطار سبل توحيد الرؤى بين القاهرة والخرطوم في التحرك الدولي، وتقديم عريضة بمخاطر عمليات الملء من جانب إثيوبيا.
وكانت مصر والسودان قد أكدتا أهمية تنسيق جهود البلدين على الأصعدة الإقليمية والدولية والقارية، لدفع إثيوبيا على التفاوض بجدية وحسن نية وبإرادة سياسية حقيقية من أجل التوصل إلى اتفاق شامل وعادل وملزم قانونياً حول ملء وتشغيل سد النهضة، بعد أن وصلت المفاوضات التي يرعاها الاتحاد الأوروبي.
في البداية يرى وكيل المخابرات المصرية الأسبق، اللواء محمد رشاد، أن مشكلة إثيوبيا هي مشكلة داخلية بالدرجة الأولى، لذا ترى أديس أبابا أن عليها اتخاذ مواقف متشددة من أجل الحفاظ على استقرار الداخل، لأن كل أمل إثيوبيا في موضوع السد.
استمرار التعنت
وأضاف في اتصال مع "سبوتنيك"، أن ارتفاع سقف مردود سد النهضة التي سوقته حكومة آبي أحمد وصل إلى حد أن معظم الإثيوبيين يتصورون أن الحياة سوف تبدأ من جديد مع اكتمال السد، وبالتالي الحكومة الآن في موقف صعب جدا، ويجب أن تستمر في هذا التشدد، حتى يكون لها مصداقية أمام شعبها، وهذا الأمر يمثل مشكلة كبيرة للحكومة، حيث أنها وزعت آمالا وطموحات كبيرة على الشعب، وإلى اليوم لم يتم تحقيق أي مسائل إيجابية في هذا المجال، بالتالي سوف يظل الموقف الإثيوبي متشددا إلى أن تنتهي الانتخابات المقررة خلال الأشهر القادمة.
البحث عن المقابل
وأشار وكيل المخابرات المصرية الأسبق إلى أن، إثيوبيا تبحث عن المقابل في تلك الأزمة، فهى تريد أن تحصل على بعض الفوائد من تلك الأزمة من كل من مصر والسودان، من أجل تنمية الاقتصاد الإثيوبي، مشيرا إلى أن أزمة سد النهضة هى أزمة نظام حكم مع شعب، وبالتالي هم يريدون تقديم صورة للشعب الإثيوبي، عن التنمية القادمة من دول المصب بالدرجة الأولى وخصوصا مصر.
وحول جدوى اجتماع وزراء الخارجية العرب في الدوحة قال رشاد، هذا الاجتماع سوف يدعم موقف مصر بعد أن وصل التشدد والتعنت الإثيوبي إلى القمة، لذا فإن هذا الاجتماع يدعم موقف مصر دوليا، حيث تقوم القاهرة الآن بتمهيد الأرض، حتى يكون لديها حرية الانطلاق واستخدام كل الطرق والوسائل للمحافظة على حقوقها التاريخية في مياه النيل، وبالتالي تكون كل المجالات مفتوحة.
اجتماع الدوحة
من جانبها، قالت أسماء الحسيني، المحللة السياسية المتخصصة في الشأن الأفريقي، إن اجتماع وزراء الخارجية العرب بالدوحة بمبادرة مصرية- سودانية، يأتي في إطار عملية التنسيق التي أقرها الجانبين خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها وزيرا الخارجية والري المصريين إلى الخرطوم، حيث قرر الطرفان التحرك على المستوى الإقليمي والقاري والدولي.
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن التحرك باتجاه الجامعة العربية تم في السابق وكان هناك إعلان عربي واضح ومؤيد لحقوق مصر والسودان في تلك الأزمة، لكن الوضع الآن دخل في مرحلة دقيقة وحساسة، وبالتالي مطلوب من الموقف العربي أن يكون أكبر من الدعم عبر البيانات وإطلاق التصريحات، المطلوب أو المأمول أن يكون هناك موقف وتحرك عربي قوي، وبشكل خاص من العواصم التي لها تأثير في هذا الملف، والتي زارها المبعوث الأمريكي جيفري فلتمان، الأسبوع الماضي، إيمانا منه بقدرتها على التدخل الإيجابي في هذا الشأن، وهى قطر والإمارات والسعودية.
رسالة إلى العالم
وأكدت الحسيني، أن اجتماع وزراء الخارجية العرب في قطر، هي رسالة إلى العالم من خلال اللجنة الرباعية العربية المشكلة بالجامعة لدعم حقوق مصر والسودان المائية، لأن إثيوبيا وضعت نفسها في الإطار والمشاكل الداخلية والانتخابات القادمة، في ظل انقسام شعبي ومعاناة، الأمر الذي جعل من قضية سد النهضة قضية متفق عليها من الجميع رغم الخلافات والانقسامات.
ولفتت الحسيني، إلى الدعم العربي سيكون رسالة للعالم من أجل التحرك لحلحلة تلك الأزمة التي لا تعد قضية مصر والسودان وحدهما، وإنما هي قضية أن قومي عربي وإقليمي، وتهدد الأمن والسلم الدوليين، وقد تستغل إثيوبيا هذا الدعم العربي لتحريض الأشقاء في أفريقيا، بحيث يكون هناك استقطاب عربي إفريقي، لكن مصر والسودان حاولا تدارك ذلك من خلال العديد من التحركات الدبلوماسية في القارة السمراء، وإيصال الصوت بأن القاهرة والخرطوم لا يريدان سوى حل عادل لتلك القضية.
ويعقد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، اجتماعا غير عادي بالدوحة، غدا الثلاثاء لبحث تطورات قضية سد النهضة.
وذكر بيان مشترك من مصر والسودان، يوم الأربعاء الماضي، أن البلدين اتفقا على تنسيق الجهود "لدفع إثيوبيا على التفاوض بجدية" على اتفاق بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الضخم على النيل الأزرق.
وأصدرت دولتا المصب البيان في ظل الجمود الذي يعتري المحادثات التي يرعاها الاتحاد الأفريقي لحل الأزمة.
وأرجعت الدولتين فشل المحادثات التي يرعاها الاتحاد الأفريقي إلى "التعنت الإثيوبي".
وتقول إثيوبيا إنها تعتزم الانتهاء من المرحلة الثانية من ملء السد في موسم الفيضان المقبل، وهي خطوة يرفضها السودان ومصر قبل التوصل إلى اتفاق ملزم قانونا.
وطالبت مصر والسودان المجتمع الدولي بالتدخل "لدرء المخاطر المتصلة باستمرار إثيوبيا في انتهاج سياستها القائمة على السعي لفرض الأمر الواقع على دولتي المصب".