فتونس المصنّفة في المرتبة الثانية عالميا من حيث عدد الوفيات والإصابات بفيروس كورونا انتشر الوباء في جل محافظاتها، إذ صنّفت اثنتا عشر منها على أنها ذات مستوى خطورة عالية جدا بعد أن بلغ فيها عدد الإصابات أكثر من 400 إصابة لكل 100 ألف ساكن، وهو ما استوجب اعلان الحكومة حجرا صحيا شاملا في هذه المحافظات ومنع التنقل إليها، فضلا عن إعلان حجر شامل في محافظة تونس نهاية كل أسبوع.
إجراءات أثارت غضب المهنيين في قطاع السياحة الذين استنكروا عدم اتخاذ الحكومة تدابير مرافقة لحماية القطاع المتضرر أصلا من الجائحة وإنقاذ موارد الرزق المتصلة بالنشاط السياحي.
تراجع كبير للسياحة الداخلية
وأكد رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار جابر عطوش لـ "سبوتنيك"، أن القرارات الحكومية الأخيرة أربكت المهنيين وحتى الحرفاء الذين طرحوا العديد من التساؤلات حول كيفية التنقل في ظل قرار الغلق.
وبيّن عطوش أن الإجراءات الأخيرة تسببت في توقف الحجوزات خاصة على مستوى السياحة الداخلية، مؤكدا أن عددا مهما من شركات الطيران ألغت رحلاتها إلى تونس بعد اتخاذ قرار الغلق.
وأضاف أنه تم تسجيل إلغاءات لعديد من الحجوزات تجاوزت في بعض الحالات ألفيْ إلغاء بسبب تخوّف المسافرين من القدوم إلى تونس، وهو ما أثر سلبا على القطاع.
وقال عطوش "صحيح أن هذه القرارات تم اتخاذها بناءً على تطور الحالة الوبائية في تونس ولكن المهنيين عبروا في أكثر من مناسبة عن رفضهم لأي قرار من شأنه أن يحد من حرية التنقل خاصة في المجال السياحي".
وأكد أن الجامعة طالبت بمراجعة هذه القرارات بالتشاور مع المهنيين، خاصة وأن النزل والفضاءات السياحية من أكثر الأماكن ضمانا لعدم انتشار العدوى وتطبيقا للبروتوكول الصحي الخاص الذي أعلنت عنه وزارة السياحة، وفقا لقوله.
ولفت عطوش إلى أن أنه تم تلقيح أكثر من 85 بالمائة من المشتغلين في وكالات الأسفار، إلى جانب تلقيح أكثر من 70 بالمائة من العاملين في النزل وخاصة تلك التي فتحت أبوابها للحرفاء، مؤكدا أن الفضاءات السياحية اتخذت جميع الاجراءات الكفيلة بحماية السياح التونسيين والأجانب.
خسائر تتجاوز رأس المال
وتقدّر قيمة الخسائر الجملية التي تكبدها قطاع السياحة في تونس بـ 20 مليار دينار (نحو 7.2 مليار دولار) وفقا للجامعة التونسية للنزل، فيما يؤكد رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار جابر عطوش لسبوتنيك، أن الخسائر تجاوزت رأس مال الشركات بكثير، مشيرا إلى أنها فاقت المليار دينار خلال شهر كانون الأول/ديسمبر 2020، ويتوقع أن تتفاقم بنسبة تصل إلى الخمسين بالمائة حاليا نتيجة توقف النشاط.
وبيّن عطوش أن قطاع السياحة من أكثر القطاعات المهددة على الصعيد الاجتماعي، مشيرا إلى أن أكثر من 40 مليون موطن شغل في العالم مهدد بسبب الجائحة وفقا لمنظمة السياحة الدولية.
وأضاف: "في تونس رغم أن الوباء عصف بالقطاع السياحي فإن المؤسسات سعت إلى المحافظة على مواطن الشغل، حيث تم تسريح أكثر من 47 بالمائة من العمال ولكن تمت إحالتهم على البطالة الفنية (بطالة مدفوعة الأجر) مع تمكينهم من مساعدات مالية".
ونبه عطوش إلى أن هذا الوضع لن يستمر على حاله وأن مواطن الشغل ستكون مهددة بشكل حقيقي إذا ما لم تعد الدورة الاقتصادية للنشاط السياحي.
وقال المتحدث: "لا يمكن الحديث عن انتعاشة اقتصادية مرتقبة ما لم تزل أسباب التوقف عن النشاط وما لم يتم القضاء على الوباء والتسريع في عمليات تلقيح المواطنين".
مئات العائلات المتضررة
من جانبه، أشار الكاتب العام للجامعة العامة للسياحة والصناعات التقليدية والتجارة صابر التبيني في تصريح لسبوتنيك، إلى أن قرارات الغلق الأخيرة أفقدت المهنيين الأمل في تحقيق انتعاشة سياحية قريبة.
وأضاف أن المطاعم والمقاهي السياحية والنزل ووكالات الأسفار وغيرها من المؤسسات ذات العلاقة بالقطاع تضررت بشكل مباشر من الإجراءات الحكومية الأخيرة.
ويرى التبيني أن هذه القرارات ولئن تم اتخاذها لحماية صحة المواطن بعد تسجيل ارتفاع غير مسبوق في الوفيات والإصابات بفيروس كورونا، فإنها أثقلت كاهل المهنيين في القطاع السياحي الذين سبق وأن تكبدوا خسائر هامة على مستوى الأرباح المادية أو العناصر البشرية.
وبيّن التبيني أن العديد من العائلات تضررت من أزمة القطاع السياحي نظرا لاتصال العديد من المهن بهذا القطاع الذي يشغّل 350 ألف تونسي بشكل مباشر و250 ألف بشكل غير مباشر.
وبيّنت دراسة سابقة أجرتها الجامعة التونسية للفنادق أن 60 بالمائة من عمال القطاع السياحي مهددون بالفقر رغم الاجراءات المرافقة التي أقرتها الحكومة، وأن 27 ألف عامل خسروا وظائفهم بسبب توقف النشاط خاصة بعد إغلاق الحدود البرية والجوية والبحرية لتونس خلال موجة الوباء الأولى.
ويعلّق التبيني آمالا بتحقيق حركية طفيفة في النشاط السياحي وعودة الحجوزات مع بداية شهر آب/ أغسطس المقبل إذا ما تحسن الوضع الوبائي وتم تعليق قرار الغلق، مشيرا إلى وجود خطة مع وزارة السياحة لإنقاذ الموسم وطرد شبح الإفلاس عن المؤسسات المشغلة.
وقبل أيام، نشرت الأمم المتحدة للتجارة والتنمية التابعة للأمم المتحدة (أونكتاد) تقريرا أنجزته بمعية منظمة السياحة العالمية أكدت من خلاله أن تونس وردت في المرتبة السادسة عالميا من حيث تراجع عدد الوافدين بنسبة بلغت 79 بالمائة، علما وأن نسبة التراجع قدرت بـ 74 بالمائة على المستوى العالمي.
وكان وزير السياحة الحبيب عمار قد أعلن في وقت سابق أن العائدات السياحية تراجعت بنسبة 64 بالمائة وأن عدد السياح انخفض بنسبة 80 بالمائة بسبب جائحة كورونا.