https://sarabic.ae/20220629/العطلة-الصيفية-عند-التونسيين-من-الادخار-إلى-الاقتراض-إلى-الدفع-بالتقسيط-1064437449.html
العطلة الصيفية عند التونسيين... من الادخار إلى الاقتراض إلى الدفع بالتقسيط
العطلة الصيفية عند التونسيين... من الادخار إلى الاقتراض إلى الدفع بالتقسيط
سبوتنيك عربي
على الرغم من الارتفاع الصاروخي للأسعار الذي شمل جميع نواحي الحياة، يكابد التونسيون من مختلف الطبقات الاجتماعية من أجل الظفر بعطلة صيفية تنسيهم ولو مؤقتا ضغوط... 29.06.2022, سبوتنيك عربي
2022-06-29T23:36+0000
2022-06-29T23:36+0000
2022-06-29T23:38+0000
أخبار تونس اليوم
https://cdn.img.sarabic.ae/img/103972/73/1039727388_0:277:5313:3266_1920x0_80_0_0_0d4d45f3d554a90935cd57e6dccd35e5.jpg
فمع حلول فصل الصيف تتسابق العائلات التونسية هذه الأيام على إعداد برنامج العطلة الصيفية أو كما يسمونها "الخلاعة"، بين من يخيّر حجز مكان في أحد الفنادق الداخلية، وبين من يختار استئجار منزل لعائلته يطل على شاطئ إحدى المدن التونسية الساحلية. فيما يبقى خيار السفر خارج البلاد لمن استطاع إليه سبيلا.وبينما تتنازل بعض الأسر التونسية عن الخلاعة بسبب ظروف الحياة القاسية، تكابد أسر أخرى من أجل تخصيص ميزانية لها سواء كان ذلك عن طريق الادخار كامل السنة أو الاقتراض أو التداين من الأقارب والأحبة أو الدفع بالتقسيط.فـ"الخلاعة"، ارتقت تدريجيا حسب أخصائيين من مرتبة الكماليات إلى مرتبة الضروريات بالنسبة للعديد من العائلات التونسية التي تجد فيها ملاذا للترفيه ومناسبة للمِ شمل العائلة.من الادخار إلى الاقتراض إلى التقسيطيقول نادر (48 سنة) الذي يعمل موظفا في مصنع للرخام لـ "سبوتنيك"، إنه لا يمكنه تخيّل صائفة دون "خلاعة"، مشيرا إلى أنه يؤجل إجازاته للصيف بهدف الاستمتاع بالعطلة مع عائلته في إحدى المدن الساحلية.وأضاف "لا يمكن للإنسان أن يتحمل العمل المرهق طوال السنة دون أن يرفه عن نفسه.. لا بد من كسر الروتين وتغيير الأجواء حتى يقل الضغط النفسي ويجدّد المرء طاقته الداخلية حتى يتمكن من المواصلة".يدّخر نادر تكلفة الخلاعة منذ بداية السنة، تماما كما يدخر ثمن أضحية العيد وثمن لوازم العودة المدرسية لأطفاله، يقول "القاعدة الأساسية هي النظام وحسن التصرف في الأموال".وضعية نادر تختلف كثيرا عن وضعية إدريس (35 سنة) الذي أخبر "سبوتنيك" أنه التجأ هذه السنة إلى التداين من ابن عمه لتوفير ثمن الخلاعة.وأردف إدريس:يقول إدريس الذي يعمل ميكانيكيا إن غلاء المعيشة لا يسمح له بادخار ثمن "الخلاعة"، وأن أجرته بالكاد تسمح له بتوفير حاجيات أسرته الأساسية خاصة وأنه يعيش في منزل على وجه الكراء، مضيفا "ورغم ذلك لا يمكنني أن أظلم عائلتي خاصة وأننا لا نكثر الخروج من المنزل وسط السنة".وأشار إلى أن أغلب الناس يعيشون على الاقتراض والتداين ليس من أجل قضاء عطلة بأسبوع في نزل وإنما حتى لسداد نفقاتهم العادية.وتفكر رانية (29 سنة) في استغلال إحدى العروض التي تقدمها وكالات الأسفار من أجل قضاء عطلة الصيف في إحدى الفنادق المطلة على البحر.وذكرت لـ "سبوتنيك"، أن بعضا من هذه العروض يقدم امكانية الدفع بالتقسيط، مشيرة إلى أنها مطالبة في البداية بدفع مبلغ أولي قيمته 100 دينار للشخص الواحد على أن تكمل بقية المبلغ على مدار أربعة أشهر. وأضافت "صحيح أن تكلفة هذه العروض أعلى من السداد دفعة واحدة، ولكنها تمثل حلا لأصحاب الدخل المحدود أمثالنا".الاعتماد على المخاطرةوقال الباحث في علم الاجتماع ممدوح عز الدين في حديثه لـ"سبوتنيك"، "صحيح أن "الخلاعة" دخلت في عادات التونسيين وخاصة الطبقة الوسطى، ولكن ليس بالطريقة التي كان عليها الأمر في السابق".وأوضح أن حجم الطبقة الوسطى تقلص من 75 في المائة قبل الثورة إلى 55 بالمائة حاليا، مضيفا "أصبحت الطبقة الوسطى بدورها عاجزة عن الادخار من أجل الترفيه في ظل غلاء المعيشة وتراجع القدرة الشرائية والظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد وعدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي، وحتى وإن تمكنت من الادخار فإنها تلتجئ في النهاية إلى تقليص فترة الترفيه وجودته تماشيا مع الظروف المعيشية".وأشار عز الدين إلى أن عددا من التونسيين أصبحوا يعيشون فترة "الخلاعة" بشكل استثنائي يعتمد على درجة كبيرة من المخاطرة، كاللجوء إلى الاقتراض والتداين لقضاء عطلة صيف جيدة.وتابع "هذا الاقتراض له تبعاته السلبية لأنه سيؤثر على التوازنات المالية للأسر ويؤدي إلى تقلص قدرتها على الاستهلاك الطبيعي وتوفير حاجياتها الأساسية بشكل طبيعي.. ثم إن الاقتراض سيجر اقتراضا آخر وهو ما سيضع المواطن في دائرة مغلقة". ولفت عز الدين إلى أن فئة واسعة من التونسيين أصبحوا يعيشون بمنطق "أحييني اليوم واقتلني غدا".لمن استطاع إليها سبيلاولفت المختص في علم الاجتماع محمد الجويلي، في تصريح لـ "سبوتنيك"، إلى أن التونسيين يولون أهمية كبرى لفصل الصيف الذي تكثر فيه أوقات الفراغ وتترافق فيه الخلاعة مع المناسبات الاحتفالية.وقال الجويلي إن ثقافة الاستهلاك وجودة الحياة تجذرت في عقول التونسيين خاصة بالنسبة للطبقات الوسطى والعليا، وتحولت بالنسبة للكثيرين من الكماليات إلى الضروريات.واستطرد "ولكن الخلاعة ليست متاحة للجميع كما يعتقد البعض، فهي وإلى حد اليوم ممكنة لمن استطاع إليها سبيلا".ويؤكد رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك لطفي الرياحي هذا المعطى، بالقول إن "جزء هاما من التونسيين أصبحوا اليوم عاجزين عن تأمين العطلة الصيفية في ظل الغلاء المشط للأسعار وارتفاع نسبة الفائدة الموظفة على القروض الاستهلاكية".وأضاف: "نسي التونسيون الترفيه، حتى أن بعضهم لم يدس يوما عتبات الفنادق السياحية والشواطئ الساحلية، وبعضهم بلغ مرحلة الاقتراض من أجل سداد ديون سابقة".ويرى الرياحي أن على الدولة أن تتدخل لتأمين حق مواطنيها في الترفيه في ظل غلاء المعيشة، من خلال التفكير في سياحة اجتماعية والمبادرة باستثمار المرافق العمومية التي تغلق أبوابها صيفا على غرار المبيتات الجامعية.
https://sarabic.ae/20220619/هل-تتجه-تونس-للتقشف-ما-خيارات-الحكومة-في-ظل-الأزمة-الاقتصادية-الداخلية-1063863576.html
https://sarabic.ae/20220520/وزير-الاقتصاد-التونسي-لسنا-في-وضع-يسمح-لنا-برفع-الأجور-فيديو-1062458574.html
https://sarabic.ae/20220428/الاتحاد-التونسي-للشغل-البلاد-تعيش-على-حافة-كارثة-اقتصادية-1061720415.html
أخبار تونس اليوم
سبوتنيك عربي
feedback.arabic@sputniknews.com
+74956456601
MIA „Rossiya Segodnya“
2022
سبوتنيك عربي
feedback.arabic@sputniknews.com
+74956456601
MIA „Rossiya Segodnya“
الأخبار
ar_EG
سبوتنيك عربي
feedback.arabic@sputniknews.com
+74956456601
MIA „Rossiya Segodnya“
https://cdn.img.sarabic.ae/img/103972/73/1039727388_295:0:5018:3542_1920x0_80_0_0_da076548a0ad3899c89806db0da217ee.jpgسبوتنيك عربي
feedback.arabic@sputniknews.com
+74956456601
MIA „Rossiya Segodnya“
أخبار تونس اليوم
العطلة الصيفية عند التونسيين... من الادخار إلى الاقتراض إلى الدفع بالتقسيط
23:36 GMT 29.06.2022 (تم التحديث: 23:38 GMT 29.06.2022) على الرغم من الارتفاع الصاروخي للأسعار الذي شمل جميع نواحي الحياة، يكابد التونسيون من مختلف الطبقات الاجتماعية من أجل الظفر بعطلة صيفية تنسيهم ولو مؤقتا ضغوط العمل ومشاغل الدنيا.
فمع حلول فصل الصيف تتسابق العائلات التونسية هذه الأيام على إعداد برنامج العطلة الصيفية أو كما يسمونها "الخلاعة"، بين من يخيّر حجز مكان في أحد الفنادق الداخلية، وبين من يختار استئجار منزل لعائلته يطل على شاطئ إحدى المدن التونسية الساحلية. فيما يبقى خيار السفر خارج البلاد لمن استطاع إليه سبيلا.
وبينما تتنازل بعض الأسر التونسية عن الخلاعة بسبب ظروف الحياة القاسية، تكابد أسر أخرى من أجل تخصيص ميزانية لها سواء كان ذلك عن طريق الادخار كامل السنة أو الاقتراض أو التداين من الأقارب والأحبة أو الدفع بالتقسيط.
فـ"الخلاعة"، ارتقت تدريجيا حسب أخصائيين من مرتبة الكماليات إلى مرتبة الضروريات بالنسبة للعديد من العائلات التونسية التي تجد فيها ملاذا للترفيه ومناسبة للمِ شمل العائلة.
من الادخار إلى الاقتراض إلى التقسيط
يقول نادر (48 سنة) الذي يعمل موظفا في مصنع للرخام لـ "سبوتنيك"، إنه لا يمكنه تخيّل صائفة دون "خلاعة"، مشيرا إلى أنه يؤجل إجازاته للصيف بهدف الاستمتاع بالعطلة مع عائلته في إحدى المدن الساحلية.
وأضاف "لا يمكن للإنسان أن يتحمل العمل المرهق طوال السنة دون أن يرفه عن نفسه.. لا بد من كسر الروتين وتغيير الأجواء حتى يقل الضغط النفسي ويجدّد المرء طاقته الداخلية حتى يتمكن من المواصلة".
يدّخر نادر تكلفة الخلاعة منذ بداية السنة، تماما كما يدخر ثمن أضحية العيد وثمن لوازم العودة المدرسية لأطفاله، يقول "القاعدة الأساسية هي النظام وحسن التصرف في الأموال".
وضعية نادر تختلف كثيرا عن وضعية إدريس (35 سنة) الذي أخبر "سبوتنيك" أنه التجأ هذه السنة إلى التداين من ابن عمه لتوفير ثمن الخلاعة.
"وعدت ابني بقضاء عطلة الصيف في شاطئ الهوارية (مدينة ساحلية تتبع محافظة نابل بالشمال الشرقي لتونس)، ولا يمكنني أن أخلف وعدي، فالأطفال يتذكرون وعود آبائهم حتى ولو كبروا في السن".
يقول إدريس الذي يعمل ميكانيكيا إن غلاء المعيشة لا يسمح له بادخار ثمن "الخلاعة"، وأن أجرته بالكاد تسمح له بتوفير حاجيات أسرته الأساسية خاصة وأنه يعيش في منزل على وجه الكراء، مضيفا "ورغم ذلك لا يمكنني أن أظلم عائلتي خاصة وأننا لا نكثر الخروج من المنزل وسط السنة".
وأشار إلى أن أغلب الناس يعيشون على الاقتراض والتداين ليس من أجل قضاء عطلة بأسبوع في نزل وإنما حتى لسداد نفقاتهم العادية.
وتفكر رانية (29 سنة) في استغلال إحدى العروض التي تقدمها وكالات الأسفار من أجل قضاء عطلة الصيف في إحدى الفنادق المطلة على البحر.
وذكرت لـ "سبوتنيك"، أن بعضا من هذه العروض يقدم امكانية الدفع بالتقسيط، مشيرة إلى أنها مطالبة في البداية بدفع مبلغ أولي قيمته 100 دينار للشخص الواحد على أن تكمل بقية المبلغ على مدار أربعة أشهر. وأضافت "صحيح أن تكلفة هذه العروض أعلى من السداد دفعة واحدة، ولكنها تمثل حلا لأصحاب الدخل المحدود أمثالنا".
وقال الباحث في علم الاجتماع ممدوح عز الدين في حديثه لـ"سبوتنيك"، "صحيح أن "الخلاعة" دخلت في عادات التونسيين وخاصة الطبقة الوسطى، ولكن ليس بالطريقة التي كان عليها الأمر في السابق".
وأوضح أن حجم الطبقة الوسطى تقلص من 75 في المائة قبل الثورة إلى 55 بالمائة حاليا، مضيفا "أصبحت الطبقة الوسطى بدورها عاجزة عن الادخار من أجل الترفيه في ظل غلاء المعيشة وتراجع القدرة الشرائية والظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد وعدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي، وحتى وإن تمكنت من الادخار فإنها تلتجئ في النهاية إلى تقليص فترة الترفيه وجودته تماشيا مع الظروف المعيشية".
وأشار عز الدين إلى أن عددا من التونسيين أصبحوا يعيشون فترة "الخلاعة" بشكل استثنائي يعتمد على درجة كبيرة من المخاطرة، كاللجوء إلى الاقتراض والتداين لقضاء عطلة صيف جيدة.
وتابع "هذا الاقتراض له تبعاته السلبية لأنه سيؤثر على التوازنات المالية للأسر ويؤدي إلى تقلص قدرتها على الاستهلاك الطبيعي وتوفير حاجياتها الأساسية بشكل طبيعي.. ثم إن الاقتراض سيجر اقتراضا آخر وهو ما سيضع المواطن في دائرة مغلقة". ولفت عز الدين إلى أن فئة واسعة من التونسيين أصبحوا يعيشون بمنطق "أحييني اليوم واقتلني غدا".
ولفت المختص في علم الاجتماع محمد الجويلي، في تصريح لـ "سبوتنيك"، إلى أن التونسيين يولون أهمية كبرى لفصل الصيف الذي تكثر فيه أوقات الفراغ وتترافق فيه الخلاعة مع المناسبات الاحتفالية.
وقال الجويلي إن ثقافة الاستهلاك وجودة الحياة تجذرت في عقول التونسيين خاصة بالنسبة للطبقات الوسطى والعليا، وتحولت بالنسبة للكثيرين من الكماليات إلى الضروريات.
واستطرد "ولكن الخلاعة ليست متاحة للجميع كما يعتقد البعض، فهي وإلى حد اليوم ممكنة لمن استطاع إليها سبيلا".
ويؤكد رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك لطفي الرياحي هذا المعطى، بالقول إن "جزء هاما من التونسيين أصبحوا اليوم عاجزين عن تأمين العطلة الصيفية في ظل الغلاء المشط للأسعار وارتفاع نسبة الفائدة الموظفة على القروض الاستهلاكية".
وأضاف: "نسي التونسيون الترفيه، حتى أن بعضهم لم يدس يوما عتبات الفنادق السياحية والشواطئ الساحلية، وبعضهم بلغ مرحلة الاقتراض من أجل سداد ديون سابقة".
ويرى الرياحي أن على الدولة أن تتدخل لتأمين حق مواطنيها في الترفيه في ظل غلاء المعيشة، من خلال التفكير في سياحة اجتماعية والمبادرة باستثمار المرافق العمومية التي تغلق أبوابها صيفا على غرار المبيتات الجامعية.