مرض غامض أصاب مليون شخص ثم اختفى كلغز غريب
© unsplash/ Mathew MacQuarrieالموت الأسود (الطاعون)
© unsplash/ Mathew MacQuarrie
تابعنا عبر
أثر مرض التهاب الدماغ الخمول، أو "مرض النوم"، على مليون شخص في جميع أنحاء العالم، أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى، ثم اختفى وظل لغزًا طوال القرن الماضي، والسؤال الذي لم تتم الإجابة عليه أبدًا هو ما الذي تسبب فيه.
وتم تشخيص المرض لأول مرة من قبل طبيب أعصاب في فيينا عام 1917، حيث لوحظ أن الأعراض الأولية كانت مشابهة لأعراض الأنفلونزا، ولكن هذا هو المكان الذي انتهت فيه أوجه التشابه.
فعلى مدى الأسابيع القليلة التالية، لم يتمكن البعض من النوم على الإطلاق، بينما سيشعر آخرون بالنعاس الشديد لدرجة أنه لا يمكن إيقاظهم إلا لبضع دقائق لتناول الطعام.
مات نحو نصف المرضى في هذه المرحلة المبكرة، لكن أولئك الذين نجوا، بعد التعافي، والعودة إلى العمل غالبًا، بدأ العديد منهم يلاحظون تصلبًا وبطءًا في حركتهم وحتى أن أعينهم كانت عالقة في أوضاع معينة، مما ترك العديد منهم في حالة تجمد، غير قادرين على الكلام أو الحركة.
لكن هذا لم يكن كل شيء، حيث أصيب العديد منهم باضطرابات النطق، وحدثت تغييرات في مزاجهم وإدراكهم وشخصيتهم، حسبما ذكره موقع "ساينس أليرت"، اليوم الأربعاء.
وفي دراسة أجراها جوناثان روبرتس وزملاؤه، ونشروها في موقع "أوكسفورد أكاديميك"، صادفوا أربعة مرضى أصيبوا بنفس المرض.
وحسب روبرتس، العثور على أصل المرض ليس بالأمر السهل كما يبدو، إن اكتشاف فيروس نقص المناعة البشرية كسبب للإيدز، أو فيروس الورم الحليمي البشري المسبب لسرطان عنق الرحم، كان رحلة طويلة ولم يكن من الواضح على الإطلاق في وقت مبكر، وينطبق نفس الشيء على التهاب الدماغ الخمول.
ونظرًا لأنه (التهاب الدماغ الخمول) بدأ فجأة ثم اختفى، فقد اقترح البعض أنه قد يكون مرتبطًا بعدوى، وقد حدثت الأنفلونزا الإسبانية في نفس الوقت تقريبًا، على الرغم من أن الحالات الأولى من التهاب الدماغ الخمول كانت في وقت سابق.
ولم يجد الباحثون، أي فيروس أنفلونزا في أدمغة الأشخاص المصابين، لذا فإن الأمر لا يتناسب تمامًا مع الطريقة البسيطة.
لإلقاء نظرة على ما قد يحدث، أمضى الفريق البحثي ساعات، في قراءة السجلات المحفوظة بدقة لأكثر من 600 مريض مصاب بالتهاب الدماغ الخمول.
ومؤخراً، طرحت نظرية جديدة لتفسير التهاب الدماغ الخمولي، والفكرة هي أن الأمر قد يكون مرتبطاً بعملية مناعية ذاتية، أي أن آليات الدفاع الطبيعية في الجسم ربما تحولت ضد نفسها وهاجمت الدماغ.
ويحدث هذا في أماكن أخرى من الجسم. فالتفاعل ضد الخلايا في البنكرياس يسبب مرض السكري من النوع الأول، في حين أن الأجسام المضادة للخلايا في الغدة الدرقية قد تؤدي إلى الإصابة بمرض غريفز.
وفي الدماغ، قد تكون النتائج مدمرة، وفي السنوات الأخيرة، أدرك الباحثون أن التصلب المتعدد ينتج أيضاً عن مشكلة في الجهاز المناعي.
وهناك ما يسمى بالتهاب الدماغ المناعي الذاتي حيث تهاجم بعض الأجسام المضادة الخلايا العصبية في الدماغ، لقد وجد فريق البحث، أن ما يقرب من نصف المرضى الذين تم تشخيصهم بالتهاب الدماغ الخمول ربما كانوا مصابين بالتهاب الدماغ المناعي الذاتي، على الرغم من أنه لم يناسب النمط لأي من الأنواع التي نتعرف عليها اليوم.
ويمكن أن تنجم بعض الحالات المناعية الذاتية عن عدوى من نوع ما، والتي قد تبدو أشبه بشيء مألوف للجسم، إنه تمويه جيد للجرثومة الغازية، ولكن بمجرد أن يتعرف عليها جسمك، فهناك خطر أن تحول دفاعات الجسم ضد نفسه.