فلسطيني يعيش في حافلة معطلة بعد نزوحه قسرا من مخيم طولكرم شمالي الضفة الغربية
11:30 GMT 22.07.2025 (تم التحديث: 15:43 GMT 01.11.2025)
© Sputnik . Ajwad Jradat
تابعنا عبر
حصري
تتعرض الضفة الغربية إلى تصاعد في وتيرة الاقتحامات والمداهمات المتكررة، والعمليات العسكرية للجيش الإسرائيلي في مدن وقرى ومخيمات الفلسطينيين، ويغلق الجيش الإسرائيلي الضفة الغربية، منذ بدء الحرب على قطاع غزة، ويفصل المدن والقرى الفلسطينية عن بعضها بحواجز وبوابات عسكرية وسواتر ترابية.
وفي طولكرم شمالي الضفة الغربية، تعيش المدينة ومخيميها، طولكرم ونور شمس، أوقاتا عصيبة مع استمرار الحصار المطبق الذي فرضه الجيش الإسرائيلي على المنطقة، وتوسع العملية العسكرية، وسط تدمير كامل للبنية التحتية والممتلكات العامة والخاصة، التي تعرضت للتجريف والتفجير والحرق، وما رافقه من مداهمة للمنازل وطرد أغلبية سكانها.
واضطر قرابة 15 ألف فلسطيني للنزوح من مخيم طولكرم شمالي الضفة الغربية، ومن بين النازحين الحاج عبد السلام عودة (72 عاما) الذي لم يجد مأوى، فاستقر به الحال في حافلة معطّلة، حوّلها مضطرا إلى مسكن له ولزوجته.
ويقول الحاج عبد السلام لوكالة "سبوتنيك": "لقد نزحنا من مخيم طولكرم، ولم نجد مكانا نذهب إليه، ولم نستطع تأمين منزل، وهذه الحافلة لصديقي وهي متعطلة، فقمت بإغلاقها بواسطة ألواح معدنية، وساعدني الجيران في إغلاق الثقوب بمادة عازلة لمنع الحشرات من دخول الحافلة، لكن درجة الحرارة في النهار مرتفعة جدا داخل الحافلة لذلك لا ندخلها في النهار إلا قليلا، وندخل إلى الحافلة في الليل بعدما تنخفض درجة الحرارة".
فلسطيني يعيش في حافلة متعطلة بعد نزوحه قسرا من مخيم طولكرم شمالي الضفة الغربية
© Sputnik . Ajwad Jradat
ويحاول عودة، من خلال طريقة تبريد بدائية، باستخدام قطعة سجاد صغيرة يضعها على سقف الحافلة من الخارج، ويسكب عليها الماء للتخفيف من درجات الحرارة المرتفعة داخل الحافلة، وحتى يتمكن هو وزوجته من النوم ليلا داخلها.
فلسطيني يعيش في حافلة متعطلة بعد نزوحه قسرا من مخيم طولكرم شمالي الضفة الغربية
© Sputnik . Ajwad Jradat
ويضيف: "أجبرنا الاحتلال على النزوح قسرا من المخيم، وتركنا خلفنا كل شيء تقريبا، وبتنا نبحث عن مكان نعيش فيه، فلم نجد سوى هذا الحديد المهترئ"، وأردف: "أعيش مع زوجتي هنا، حيث نواجه ظروفا صعبة في منطقة نائية لا تصلح للسكن، وجزء من عائلتي يوجد في مراكز الإيواء، ولا نستطيع أن نجتمع بسبب ضيق المساحة، وقمت ببناء منافع للصمود في هذه المنطقة البعيدة عن السكان".
ويواصل الجيش الإسرائيلي عمليات الهدم في مخيم طولكرم بوتيرة عالية، ويستهدف المزيد من المباني السكنية، مع سماع دوي انفجارات تهز المخيم ومحيطه.
فلسطيني يعيش في حافلة متعطلة بعد نزوحه قسرا من مخيم طولكرم شمالي الضفة الغربية
© Sputnik . Ajwad Jradat
ويقول فيصل سلامة رئيس اللجنة الشعبية في مخيم طولكرم لـ "سبوتنيك": "لا تزال عمليات الهدم التي تقوم بها جرافات الاحتلال مستمرة داخل مخيم طولكرم، وعدد النازحين من المخيم بلغ 15 ألف نازح، ويواجهون ظروف صعبة، وقد تم تهجيرهم تحت تهديد السلاح، ومنهم من ذهب إلى مراكز الإيواء وإلى المدارس وعند الأقرباء، ومنهم من أضطر للحصول على مأوى في مناطق نائية، مثل الحاج عبد السلام عودة، وهو نازح من بين 25 ألف نازح من طولكرم، ويعيش داخل حافلة في أرضه الواقعة في منطقة بعيدة عن المناطق السكنية".
فلسطيني يعيش في حافلة متعطلة بعد نزوحه قسرا من مخيم طولكرم شمالي الضفة الغربية
© Sputnik . Ajwad Jradat
ويضيف: "الحافلة ليست سكنا مريحا لا في الصيف ولا في الشتاء، لكن الظروف التي يشهدها شمال الضفة تجبر الكثير من السكان على التأقلم مع الوضع الحالي، ويوجد كثير من النازحين يعيشون في شتات، قسم منهم في مراكز الإيواء وقسم في أماكن أخرى، ويواجهون واقعا صعبا".
فلسطيني يعيش في حافلة متعطلة بعد نزوحه قسرا من مخيم طولكرم شمالي الضفة الغربية
© Sputnik . Ajwad Jradat
وداخل الحافلة التي باتت الملاذ المؤقت للحاج عبد السلام، يجلس ليروي حكاية نزوح في آخر العمر، حيث تنعدم معظم مقومات الحياة الأساسية في ذلك البيت الحديدي، وينتظر العودة إلى بيته داخل المخيم، ويقضي معظم الوقت في العناية في الأرض وقراءة الروايات.
ويقول عبد السلام عودة لوكالة "سبوتنيك": "قبل عدة أيام ذهبت إلى المخيم، والحمد لله وجدت بيتي لم يهدم، لكن داخله مدمر، حتى غرفة النوم قام جيش الاحتلال بتكسيرها، وكل محتويات البيت لم تعد صالحة للاستخدام".
فلسطيني يعيش في حافلة متعطلة بعد نزوحه قسرا من مخيم طولكرم شمالي الضفة الغربية
© Sputnik . Ajwad Jradat
ويؤكد أنه "من الصعب في الوقت الحالي أن نجتمع مع جميع أفراد الأسرى في مكان واحد، بسبب ضيق المساحة، ولكني أذهب لزيارتهم، وأواجه صعوبة في السير لمسافة بعيدة في منطقة نائية، لغاية الوصول إلى الطريق العام، وأنا في هذا العمر أشعر بتعب كبير كلما قطعت هذه المسافة، لذلك أضطر للبقاء غالبية الأيام بالقرب من الحافلة".
فلسطيني يعيش في حافلة متعطلة بعد نزوحه قسرا من مخيم طولكرم شمالي الضفة الغربية
© Sputnik . Ajwad Jradat
وكان الجيش الإسرائيلي أجبر أكثر من 90% من أهالي مخيم طولكرم ومخيم نور شمس على النزوح، حيث هُجّر قسرا أكثر من 4200 عائلة من المخيمين، تضم ما يزيد على 25 ألف مواطن، ولجأ أغلبية السكان إلى منازل أقارب داخل مدينة طولكرم وضواحيها، بينما جرى استقبال آخرين في مراكز إيواء، ومن تبقى من المواطنين الذين لم ينزحوا من المخيمين يعيشون أوضاعا إنسانية صعبة، في ظل استمرار العملية العسكرية الإسرائيلية، حيث يواجه الأهالي نقصا حادا في المياه والكهرباء مع شح شديد في المواد الغذائية، مما يزيد من معاناتهم اليومية.
فلسطيني يعيش في حافلة متعطلة بعد نزوحه قسرا من مخيم طولكرم شمالي الضفة الغربية
© Sputnik . Ajwad Jradat
وقال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: "التهجير القسري الذي تمارسه إسرائيل على السكان المدنيين في الضفة الغربية يعد انتهاكا خطرا لاتفاقية جنيف الرابعة، وقد يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية".
من جهتها، قالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان: "المستوطنون والقوات الإسرائيلية، كثفوا الهجمات وقتل الفلسطينيين في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وشملت العمليات في الضفة الغربية على هدم مئات المنازل وإجبار الفلسطينيين على النزوح الجماعي قسرا"، مشيرة إلى أن "العمليات تساهم في ترسيخ سياسة ضم إسرائيل أراضي الضفة في انتهاك للقانون الدولي".
