يتحدث الكثير من الخبراء عن أن قمة وراسو لن تعدو حلقة جديدة من حلقات التآمر الدولي على العالم، وخاصة على منطقة الشرق الأوسط حيث تأكل الدول المجتمعة بعضها البعض وتتناحر داخلياً / وها هم "يتناهشون" في بعضهم البعض حيث لم يتبقَ في العالم ما يمكن الإستيلاء عليه.
على سبيل المثال لا الحصر- الخلافات العميقة بين الولايات المتحدة ودول الإتحاد الأوروبي، وخاصة مع بريطانيا وفرنسا العنيدة" التي ذهبت بإتجاه التعاون مع ألمانيا (لتجديد فكرة بناء الجيش الأوروبي)، إذ لن تسمح هذه الدول للولايات المتحدة بالعبث أكثر في مصيرها ومصير جيرانها وحلفائها وعلى الطرف الآخر، نتابع الخلافات المتصاعدة بين دول الإتحاد ذاتها.
التاريخ يعيد نفسه لكن في ظروف وأشكال مغايرة من النزاع العالمي والمكان نفسه والأحداث مختلفة
في الحقيقة، التاريخ هنا يعيد نفسه ولكن بتغيير المواقع والمواقف. في العام 1955، قاد الإتحاد السوفياتي السابق "حلف وارسو" لمواجهة هيمنة الولايات المتحدة وعنجهيتها، ولكن لم يتم تحقيق الغاية التي تأسس من أجلها هذا الحلف. فاليوم، نرى أن الأمريكي متواجد في نفس المكان ونفس البقعة الجغرافية، مع تباعد زمني، من أجل "إفتعال" أزمات عالمية جديدة، لكن الفارق أن الروسي بات خارج هذا الإطار حيث أصبح ممسكاً بزمام المبادرة، وصلابة في الموقف والموقع، ويتحكم عن بعد إيجاباً وسلباً بتحالفاته الإقليمية والدولية على جميع الأصعدة ما يعد عاملاً أساسياً ومهماً في إفراغ هذا المؤتمر من مضمونه.
تعليقاً على هذه القمة وفي حديث خاص لبرنامج "بلا قيود"، قال المحلل السياسي وأستاذ الإقتصاد والعلاقات الدولية في جامعة طرطوس الدكتور ذو الفقار عبود أن قمة وارسو ضعيفة التمثيل وهذا ما يعكس تردي الدبلوماسية الأميركية.
واضاف أن "ضعف مستوى التمثيل في قمة وارسو يعكس تراجع مستوى الدبلوماسية الأميركية في عهد الرئيس ترامب، وتراجع الهدف من عقدها وهو تأسيس حلف عسكري واقتصادي لمحاربة إيران".
كما لفت إلى أن تبديل الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط هو مؤشر آخر على تراجع قوة الولايات المتحدة عالميا على الصعيد السياسي والاقتصادي لصالح نمو القوة الروسية والصينية، في الوقت الذي تحتفل فيه إيران بالذكرى الأربعين لانتصار ثورتها بالتزامن مع إنجازات عسكرية وتقنية تعكس حالة تجاوز الحصار والمقاطعة التي تحاول الولايات المتحدة فرضها. وكذلك تنامي قوة حزب الله وامتلاكه لصواريخ جديدة كاسرة لقواعد الاشتباك مع الكيان الصهيوني.
كل الدول التي وضعتها الولايات المتحدة كدريئة لتنفيذ مخططاتها العدوانية تنجح في الفكاك من براثن السياسات الأميركية وهذا ما يصيبها بالجنون ويدفعها لمزيد من السياسات العدوانية التي بدورها تنعكس سلبا على الدور الأميركي عالميا، حيث فشلت في حربها الاقتصادية على الصين، وفي احتواء روسيا، وحصار إيران، وتدمير سورية، ولي ذراع كوريا الشمالية، وإسقاط فنزويلا، ولن تنجح سوى في إفلاس السعودية ومحميات الخليج الوظيفية التي تلعب رأس الحربة في السياسات الأميركية في المنطقة.
كما ونوه عبود إلى أن الفشل الأمريكي يترسخ يوماً بعد يوم على الساحة العالمية مشيراً إلى أن قمة سوتشي التي تعقد بخصوص سورية ستكون أسفين جديد في ضرب المخططات الأمريكية وقال:
نحنبانتظار القمة الثلاثية الروسية الإيرانية التركية في سوتشي والتي من المتوقع أن تضع خارطة طريق لحل ملف إدلب والتنظيمات الإرهابية وكذلك ملف الشمال وشرق الفرات السوريين، ويبدو تصميم القيادة لسورية على تحرير كل متر من الأراضي السورية نصب أعين القيادتين الروسية والإيرانية الفشل الأميركي يترسخ يوما بعد يوم، وكما فشلت الولايات المتحدة في العراق، فشلت في سورية.
تترقب المنطقة عقد قمة سوتشي بين الرؤساء الروسي والإيراني والتركي لمناقشة الملف السوري وتعلق على هذه القمة أمال لإيجاد حل يكفي الجميع شر إنهيار ماسبق من إتفاقات.
وكان وزير الخارجية سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحفي مع نظيره وزير خارجية مملكة ليسوتو الأفريقية تحدث عن المسألة السورية لجهة حل مسالة إدلب بالتنسيق مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الإيراني حسن روحاني،
وقال أنه "ستكون قبل القمة لقاءات ثنائية بين الرئيس بوتين والرئيس أردوغان والرئيس روحاني. وبالطبع ستكون مسألة منطقة إدلب الإجتماع مع الرئيس أردوغان واحدة من القضايا الرئيسية ، لأن الجميع يدرك أنه لا يمكن السماح لجبهة النصرة الإرهابية بالبقاء في إدلب لقد عززت جبهة النصرة أكثر وأكثر تواجدها في هذه المنطقة إلى أن تضاعفت مساحة سيطرتها تقريباً ثلاث مرات في إدلب.
أما فيما يخص اللجنة الدستورية فلفت لافروف إلى أنه "ستتم مناقشتها بالضرورة، وهو موضوع مشاورات لخبرائنا ، الذين يحضرون هنا اليوم ،لإعداد اتفاقيات للرؤساء الثلاثة في قمة الغد.
ورأى أنه تم حل مسألة تشكيل لجنة دستورية في ديسمبر وتم إعداد قائمة بدعم من الحكومة والمعارضة المتفق عليها ، لأن بعض الدول الغربية تعرقل بدء عمل لجنة الإصلاحات الدستورية.
ومتابعة لهذا الموضوع وفي حديث خاص لبرنامج "بلا قيود " قال الباحث السياسي والخبير بالقضايا الجيوسياسية الدكتور سومر صالح أن "الوضع في إدلب بات أكثر تعقيداً مع سيطرة جبهة النصرة على كافة مفاصل الحركة في المدينة، برضى من المخابرات التركية وبتنسيق معها."
وأضاف أن "المسألة الرئيسية التي سيتم بحثها هي اللجنة الدستورية، التي كان من المفترض أن يتم البدء بإطلاق عملها بعد الإتفاق مع الدولة السورية"
ولفت إلى أن "النقطة الأكثر حساسية ستكون إنجاح تفاهمات سوتشي الثنائية بخصوص المنطقة منزوعة السلاح، وملف إدلب، نظراً للخروقات الواضحة للإفتقايات السابقة في سوتشي وأستانا."
الملف الفلسطيني: جهود روسية حثيثة لرأب الصدع بين الفصائل الفلسطينية
وكان ممثلو الفصائل أكدوا على تقارب وجهات النظر، ورفض الإنقسام والخطاب عن إستحالة التغلب عليه، والتمسك بإتفاق القاهرة في 12 تشرين الأول/ سبتمبر 2017، ورفض صفقة القرن وعبروا عن القلق من تكثيف المحاولات الخارجية لمنع إعادة الوحدة الفلسطينية".
وكان عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد قد قدم في المؤتمر الإعتذار إلى موسكو لـ"عدم التمكن من التوصل إلى اتفاق".
أما نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين فهد سليمان فقال في حديث لإذاعتنا، إن "مجرد إجراء اللقاء بين الفصائل الفلسطينية بعد إتقطاع دام لعام يعتبر بحد ذاته حدثاً إيجابياً يمكن أن يؤسس عليه لإجراء لقاءات مستقبلية يمكن من تقريب المواقف بين الفرقاء الفلسطينيين".
ولفت القيادي الفلسطيني إلى الدور الإيجابي الذي قامت به الخارجية الروسية لتوفير الاجواء المناسبة لعقد اللقاء، فضلاً عن موقفها تجاه صفقة القرن، والذي يتلاقى مع الرؤية الفلسطينية.
وفي أول رد فعل إسرائيلي على لقاء موسكو للفصائل الفلسطينية قال وزير الإستخبارات والمواصلات الإسرائيلي، إن "دعوة ممثلي حركة حماس للمشاركة في لقاء موسكو كان خطاً لأنها — وفق تعبيره- حركة راديكالية ولا تؤمن بالتسوية السياسية".
بدوره المحلل السياسي الروسي قسطنطين ترووتسيف علق على كلام الوزير الإسرائيلي بالقول:
إن تل أبيب هي من أرتكبت الخطاً عندما راهنت في فترة ما في السابق على الإستفادة منها لإضعاف الرئيس ياسر عرفات، مضيفاً أن موقف روسيا يعتبر أن حماس هي مكون سياسي أساسي، ووصل إلى السلطة عبر إنتخابات ديمقراطية، وموسكو لا يمكنها أن لا تأخذ هذا الأمر بعين الواقع، وعبرالخبير الروسي عن قناعته بأن موسكو ستواصل جهودها على خط تقريب وجهات النظر لدى الفاصئل الفلسطينية، وستدعم أي تقارب وتسوية تقبل بها اطراف الإنقسام.
إعداد وتقديم: نواف إبراهيم وفهيم الصوراني