اللغة العربية
واللغة العربية هي لغة القرآن الكريم ومن أكثر لغات العالم انتشارا وثراء في مفرداتها، ويعيش معظم المتحدثين بها في المنطقة الممتدة عبر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. والعربية لغة سامية وسطى، وترتبط ارتباطا وثيقا بالآرامية والعبرية.
تاريخ أصل اللغة
اللغة العربية عضو في عائلة اللغات السامية، وهي على وجه التحديد لغة سامية شمالية، تظهر أقدم قصة مثبتة على وجودها في النقوش المسمارية الآشورية التي تعود للقرن التاسع قبل الميلاد.
تشمل اللغات السامية الأخرى الأكادية في الشمال، والعبرية والآرامية والسريانية في الشرق والغرب والحبشة في الجنوب.
يذهب البعض إلى أن أول من لهج بالعربية كانت قبيلة يعرب بن قطحان في اليمن، فيما يقول آخرون إن أول من نطق بها هو النبي إسماعيل، دون أن يقدموا أي براهين.
الثابت لدى العلماء، أن العربية، ظهرت لأول مرة في شمال غرب شبه الجزيرة العربية، وفي حين أن المظاهر المبكرة جدا لها تعود إلى القرن التاسع قبل الميلاد، فقد تم تعريف اللغة وتحسينها على مدى قرون طويلة لاحقة.
مكانة اللغة العربية
تعتبر اللغة العربية لغة عالمية، إذ يتحدث بها 362 مليون ناطق أصلي، و274 مليون ناطق كلغة ثانية، مما يجعلها اللغة الثالثة عالميا من حيث الانتشار بعد الإنجليزية والفرنسية.
أثرت العربية بشكل مباشر أو غير مباشر في العديد من اللغات التي نهلت من ثروتها اللغوية، على سبيل المثال، تحتوي الإنجليزية على العديد من الكلمات المكتسبة إما مباشرة أو بشكل غير مباشر من الكلمات العربية، وتشمل الأمثلة: الكيمياء (Chemistry)، الكحول (alcohol)، الجبر (Algebra)، الخوارزمية (Algorithm)، القلوية (Alkalinity)، العنبر (Amber، الترسانة (arsenal)، القهوة (Coffee)، القطن (Cotton)، الغول (Ghoul)، الليمون (Lemon)، اللوف (Loofah)، المجلة (magazine)، الشربات (Sorbet) الجن (Jinn)، الكهف (Cave)، المومياء (Mummy)، الأرض (Earth)، الجمل (Camel).
كذلك نقل علماء الغرب أسس بعض العلوم من العرب، مثلا الحرف الجبري "x" الذي يمثل رقما غير معروف، نشأ من الكلمة العربية "shay" (الشيء)، والتي تمت ترجمتها في النهاية إلى "xay" في إسبانيا، مما أدى إلى اختصارها النهائي واستخدامها في الجبر حتى الآن باسم "x".
ساعد انتشار الإسلام، في انتشار اللغة، وعندما غزا المغاربة إسبانيا في القرن الثامن، كان للغة العربية تأثيرا كبيرا على اللغة الإسبانية، كما أثرت على اللغتين الأردية والفارسية.
حتى نظام الأرقام المستخدم اليوم (1، 2، 3 ..) تم تقديمه للأوروبيين من قبل التجار العرب، وقد وضعه على النحو المتعارف عليه حتى يومنا هذا عالم الرياضيات العربي مؤسس علم الجبر محمد بن موسى الخوارزمي (781- 847).
الأبجدية والكتابة
جميع اللغات السامية بما في ذلك العربية تكتب من اليمين إلى اليسار، لكن لا يوجد تفسير تاريخي مؤكد لهذه الظاهرة. إحدى الفرضيات تقول إنه قبل تطور الكتابة، كان الناس ينقشون العلامات المسمارية على الصخور ونظرا لأن عدد الأشخاص الذين يستخدمون اليد اليمنى أكبر من الذين يستخدمون اليسرى، فربما بدأت عملية نحت الصخر من اليمين إلى اليسار.
تتكون الأبجدية العربية، من 28 حرفا، جرى ترتيبها بتكليف من الحجاج بن يوسف الثقفي (661- 714) للنحوي نصر بن عاصم الليثي على النحو التالي (أ - ب - ت - ث - ج - ح - خ - د - ذ - ر - ز - س - ش - ص - ض - ط - ظ - ع - غ - ف - ق - ك - ل - م - ن - ه - و – ي).
قام الليثي بإعادة ترتب الحروف العربية من نظام "أبجد هوز" الذي كان يميز اللغة الآرامية القديمة، واعتمد في ترتيبه على شكل الحروف عند رسمها بحيث اقترنت الحروف المتشابهة والنظائر لتسهيل تمييزها ودراستها.
لكن حروف العربية المعروف اليوم لم تكن كما هي بل كانت تكتب دون نقاط، بمعنى أن حروف مثل "ب، وت، وث"، وكذلك "ج، وح، وخ"، كانت تكتب بنفس الطريقة تماما ولا يميزها عن بعضها إلا سياق الكلام، فكان الإنجاز الثاني لليثي ومعه الباحث يحيى بن يعمر العدواني هو ابتكار النقاط.
قد تبدو الحروف العربية غريبة بالنسبة للناطقين بالعديد من اللغات الأخرى، فبعض حروفها ليس لها صوت معادل مباشر في تلك اللغات، مثل حرف (الضاد)، والذي يستخدم على نطاق واسع في العربية، لذلك تُلقب اللغة العربية أحيانًا بـ "لغة الضاد".
قواعد اللغة وبنيتها
منذ ظهورها الأول وحتى بعد الفتوحات الإسلامية الواسعة، كان العرب يتحدثون اللغة العربية بالسليقة وبفصاحة كبيرة دون الحاجة إلى قواعد تضبطها، ما يتجلى في إرث هائل من الشعر الجاهلي.
لكن اتساع رقعة الدول الإسلامية واختلاط العرب بغيرهم من الأجناس، أدى إلى ظهور اللحن في القرآن، وكان دافعا لوضع القواعد النحوية لحماية العربية من التحريف والنطق الخاطئ.
يُنسب وضع علم النحو إلى أبي الأسود الدؤلي (603–688)، واستمر تلاميذه في تطويره وصولا إلى الخليل بن أحمد الفراهيدي (718- 786)، والعالم النحوي سيبويه (765– 796)
وضع الدؤلي الحركات على الكلمات، استنادا إلى تقسيمها إلى باب الفاعل، والمفعول به، والمضاف إليه وحروف النصب والرفع والجر والجزم.
وفي اللغة العربية تنقسم الكلمة إلى فعل واسم وحرف. أما الفعل فله ثلاث حالات: ماضي ومضارع وأمر.
فيما ينقسم الاسم حسب النوع (مذكر ومؤنث) وحسب العدد (مفرد ومثنى وجمع) وحسب الحالة (نكرة ومعرفة).
ويطلق الحرف على الكلمة التي ليس لها معنى إلا حال جاءت في جملة، كحروف الجر وحروف العطف.
اللهجات والأصناف
منذ نشأتها الأولى مرورا بالفترات التاريخية اللاحقة، ظلت العربية الفصحى متماسكة وأدى القرآن الكريم الدور الأبرز في الحفاظ عليها، لكن هذا لم يمنع ظهور لهجمات مختلفة نتيجة البيئات الجغرافية الواسعة لمتحدثي العربية واحتكاك اللغات واختلاطها، إما بسبب الجوار الجغرافي أو الهجرات والغزو، وساعد تعدد اللهجات لظهور ما تسمى باللغة العامية التي تميز كل منطقة عن أختها.
يمكن تقسيم اللهجات العربية بشكل أساسي إلى:
اللهجة المصرية
هي الأكثر شيوعا ويتحدث بها أكثر من 100 مليون شخص، وتعد أكثر اللهجات العربية فهما، وتأثرت قليلا بالإنجليزية والفرنسية والتركية واليونانية والإنجليزية والإيطالية.
لكن داخل مصر نفسها، تتعدد اللهجات، كالصعيدية، يتحدث بها الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من الحدود السودانية المصرية، بينما لا يفهمها جميع المتحدثين باللغة العربية المصرية.
اللهجة المغاربية
تسمى "الدارجة" ويزيد عدد المتحدثين بها على 70 مليون شخص، وهي في الأساس إرث للحضارة الإسلامية وتأثرت بلهجات الشعوب غير العربية التي شاركت في تأسيس هذه الحضارة بما في ذلك السكان الأصليين الأمازيغ والأندلسيين، وتأثرت باللغة الفرنسية والإيطالية.
اللهجة الخليجية
يتحدث بها نحو 36 مليون متحدث أصلي في العالم العربي، ورغم تشابهها إلى حد كبير بين سكان دول الخليج العربية، إلا أن هناك اختلافات من حيث النقط والمفردات والقواعد.
اللهجة الشامية
يلهج بها ما يزيد على 21 مليون متحدث، وهي شائعة في سوريا والأردن وفلسطين ولبنان، وهي ثاني أكثر لهجة شعبية مستخدمة في القنوات الإعلامية والأفلام الشعبية بعد اللهجة المصرية وتشكلت في القرن السابع، نتيجة التحول من اللغة الآرامية إلى اللغة العربية.
الاختلافات الإقليمية في اللغة العربية
لا اختلاف يذكر في اللغة العربية الفصحى وهي اللغة القياسية المستخدمة في المعاملات الرسمية والصحافة والأدب والتعليم الرسمي، لكن تختلف اللهجات عادة بين الدول العربية.
في المغرب والجزائر وليبيا وتونس، تعتبر اللهجة العربية الشمال أفريقية هي اللهجة الرئيسية المستخدمة. اللغة الرئيسية في موريتانيا هي العربية الحسانية. هناك نسخة عربية مصرية ونسخة عربية عراقية. تُستخدم اللغة العربية الشامية في فلسطين والأردن وسوريا ولبنان.
وفي عمان، والإمارات، وقطر والبحرين والكويت، يستخدمون النسخة العربية الخليجية، فيما يتحدث غالبية الناس في غرب السعودية العربية الحجازية بينما يستخدم معظم المقيمين في وسط السعودية اللهجة النجدية العربية، بينما في الأجزاء الجنوبية الغربية من السعودية واليمن، اللغة العربية اليمنية هي الأكثر هيمنة.
تختلف لهجات العربية العامية كثيرا، لا سيما في المفردات والأصوات والنحو والصرف (في اللهجات العامية وليس الفصحى)؛ فعلى سبيل المثال في اللهجة الشامية يبدأ الفعل المضارع بالسابقة "ب"، ويكون النفي باستعمال "ما" (ما بعرف، ما درست، ما نمت، إلخ.)، بينما في المصرية تستخدم اللاحقة "ش" للنفي (مكلتش، منمتش، مرحتش).
أهمية اللغة العربية
تنبع أهمية اللغة العربية من ارتباطها بالقرآن الكريم، حيث نزل باللغة العربية، ويقول علماء الدين إنه يجب على كل مسلم أن يعرف على الأقل اللغة العربية الأساسية التي تمكنه من أداء واجباته الدينية.
ولللغة العربية أيضًا بعد قومي، فقد كانت من أسس القومية، إذ اعتبرت العروبة وأسس القومية العربية الناطقين بالعربية في الشرق الأوسط أمة ذات لغة وثقافة وتراث تاريخي مشترك.
وبالنسبة لغير متحدثي العربية ينطوي تعلم العربية على أهمية كبيرة. وعندما يتعلق الأمر بالتجارة، فإن الدول الناطقة بالعربية تعد سوقا سريعة النمو، ولهذا السبب، تفتح المبادرات الرامية إلى دمج العالم العربي في الاقتصاد العالمي العديد من الفرص التجارية الجديدة المحتملة، كذلك توفر المنطقة العربية سوقا كبيرة لتصدير السلع والخدمات.
الاستخدام الحديث للغة العربية
تستخدم اللغة العربية الفصحى الحديثة، في الكتابة واللغة الرسمية المنطوقة، على سبيل المثال، في الخطب والبث الإذاعي، على الرغم من أن لها أسلوبا مختلفا عن العربية الفصحى، إلا أنها تحافظ عمليا على نفس الصرف وبناء الجملة.
في الواقع، ساعدت اللغة العربية الفصحى الحديثة الدول العربية على التواصل دون تحويل كل لهجة إلى لغة في حد ذاتها.