ما تداعيات قرار تجنيد "الحريديم" في الجيش الإسرائيلي على حكومة نتنياهو؟

في خطوة يرى مراقبون أنها تشعل إسرائيل وتهدد حكومة نتنياهو، أقرت المحكمة العليا الإسرائيلية، بالإجماع قانونا يطالب بتجنيد طلاب المدارس الدينية المتشددة (الحريديم)، وتجميد ميزانية هذه المدارس.
Sputnik
وأشارت "القناة الـ14" الإسرائيلية، نقلا عن المحكمة إلى أن "القضاة أكدوا أنه لا يوجد إطار قانوني يمكّن الدولة من التمييز بين طلاب المدارس الدينية وغيرهم من المعنيين بالتجنيد".
حزب نتنياهو: حل أزمة التجنيد في الجيش الإسرائيلي تتمثل بمناقشة قانون "التجنيد" وليس بفرضه
وأضافت أنه "في ظل غياب إطار قانوني للإعفاء من التجنيد، لا يمكن الاستمرار في تحويل أموال الدعم إلى المدارس الدينية و"الكوليل" للطلاب الذين لم يحصلوا على إعفاء أو الذين لم يتم تأجيل خدمتهم العسكرية".
وطرح البعض تساؤلات بشأن تداعيات هذه الخطوة على الداخل الإسرائيلي وحكومة بنيامين نتنياهو، ومدى إمكانية أن تطال الفلسطينيين في الداخل الإسرائيلي.
أمر بالغ الخطورة
اعتبر أحمد فؤاد أنور، الأكاديمي المصري، والخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن القرار الذي صدر من المحكمة العليا الإسرائيلية بإجماع كافة آراء القضاة، بضرورة إلزام الحكومة الإسرائيلية بتجنيد الحريديم، أمر بالغ الخطورة في إسرائيل.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، عبر عن هذا الأمر إعلانات مدفوعة الأجر في أكثر من صحيفة إسرائيلية، تم تمويلها من جماعات ضغط ممثلة للجنود الاحتياط الذين يجدون بأن هناك رغبة وتوجه من الحكومة الإسرائيلية في سن قانون تزيد من فترة الخدمة الإلزامية لهم كل عام، ويرفع من سن الإعفاء من الخدمة العسكرية لـ 50 عاما، وفي المقابل هناك مجموعة لا تخدم في الجيش.
وأكد أن هناك نقصا في الموارد البشرية بالجيش الإسرائيلي في ظل الحرب على قطاع غزة، وفي ظل استمرار نزيف الخسائر هناك، ومن المستغرب أن يستمر تجاهل استبعاد الحريديم للتجنيد الإلزامي إلى الآن، كما أن الخطوة تستفز الأغلبية العلمانية، لا سيما في ظل الميزانيات السخية التي تقدم للحريديم.
غالانت: لن ننسى وقوف واشنطن معنا منذ اليوم الأول للحرب على غزة
وأوضح أن هذا الحكم أشعل المجتمع الإسرائيلي، حيث رفضت المحكمة المسكنات التي كانت تتمثل في استدعاء عدد محدود من هذه الطائفة للجيش، وتقديم خدمات عسكرية مخففة لهم، أو استدعاء من تم تخليه عن جماعة الحريديم للجيش، لكنها في النهاية لا تنطلي على الأغلبية العلمانية في إسرائيل، والتي ترى بضرورة توزيع العبء بالتساوي على الجميع، لا سيما في ظل النقص العددي بالجيش.
وبين أنه ليس من المعقول أن يكون هناك تفكير في استدعاء فلسطينيي 48 المشكوك في ولائهم، وترك يهود لا يخدمون في الجيش.
وفيما يتعلق بموقف المجتمع الحريدي، قال إنهم يرفضون بشدة أي حلول وسط، ولا يريدون التنازل بشأن التجنيد، ويفضلون الموت أو السجن، ولا يوجد أفق لموافقتهم على قانون التجنيد الذي يتم بحثه في الكنيست.
واعتبر أن "القرار يعيد فتح مسألة هوية الدولة من جديد، حيث يرى البعض في الداخل الإسرائيلي بأن رفض الحريديم الخدمة العسكرية في زمن الحرب، يحول إسرائيل إلى دولة دينية، خاصة وأن العجز البشري في القوة العسكرية لإسرائيل لا تتناسب مع مساحة الأرض المحتلة، ولا يمكن الاعتماد على جدار الفصل والتكنولوجيا"، مؤكدًا أن "زيادة عدد الجيش في ظل رفض الحريديم الخدمة يؤجج مشاعر الأغلبية العلمانية ويضع الكثير من العراقيل أمام حكومة نتنياهو".
بقاء الحكومة
بدوره، اعتبر محمد حسن كنعان، رئيس الحزب القومي العربي، وعضو الكنيست الإسرائيلي السابق، أن قرار المحكمة بتجنيد الحريديم، يثير حفيظة هذه الطائفة المتدينة بكل انتماءاتهم، باعتبار أن القرار يخالف عقيدتهم.
لابيد مهاجما نتنياهو: إذا كنت في حرب على 7 جبهات فعليك بتجنيد "الحريديم"
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، يخالف القرار كذلك الاتفاق المبرم ما بين الحريديم والحكومة الإسرائيلية الحالية بزعامة بنيامين نتنياهو، من أجل عدم تجنيدهم، معتبرًا أن هذه الخطوة قد تؤثر بشكل قوي على بقاء الحكومة الإسرائيلية.
وفيما يتعلق بمدى تأثير القرار على الفلسطينيين في الداخل الإسرائيلي، ممن يحملون الجنسية الإسرائيلية، يعتقد أنه لن يؤثر على هذه الفئة، حيث أن قانون إسرائيل ينص على تجنيد كل مواطن فوق 18 عاما، فيما يتم استثناء المواطنين العرب من الخدمة العسكرية.
وقال إن هذا الاستثناء المعروف والمعمول به منذ سنوات طويلة، يأتي لاعتبارات سياسية وأمنية، ما يؤكد أن القرار لن يشمل فلسطينيي الداخل، لكنه في النهاية سيثير الجدل والنقاشات داخل الشارع الإسرائيلي.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، أمس الثلاثاء، بأن حزبي "شاس" و"يهودوت هتوراه" يعتزمان الانسحاب من الائتلاف الحاكم بقيادة بنيامين نتنياهو.
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد صادقت، في أيار/ مايو الماضي، على قانون تقدم به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعدم فرض تجنيد اليهود المتدينين (الحريديم) في الخدمة بالجيش الإسرائيلي.
وطالب (الحريديم) حزب "الليكود" بتمرير قانون تجنيد جديد، في الدورة الصيفية الحالية من عمل الكنيست، في ظل الغضب الجماهيري المتصاعد من إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية الإلزامية، خصوصا في ظل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
بعد قرار المحكمة الإسرائيلية بشأن "قانون التجنيد"… أحزاب إسرائيلية تعتزم الانسحاب من حكومة نتنياهو
وتمكن اليهود المتشددون في سن الخدمة العسكرية من تجنب التجنيد في الجيش الإسرائيلي لعقود من الزمن من خلال الالتحاق بالمعاهد الدينية لدراسة التوراة والحصول على تأجيلات متكررة للخدمة لمدة عام واحد حتى بلوغهم سن الإعفاء العسكري.
ومنذ 2017، فشلت الحكومات المتعاقبة في التوصل إلى قانون توافقي بشأن تجنيد "الحريديم"، بعد أن ألغت المحكمة العليا قانونا شرّع عام 2015 قضى بإعفائهم من الخدمة العسكرية، معتبرةً أن الإعفاء يمس بـ "مبدأ المساواة".
ومنذ ذلك الحين، دأب الكنيست على تمديد إعفائهم من الخدمة العسكرية ومع نهاية آذار/ مارس الماضي، انتهى سريان أمر أصدرته حكومة نتنياهو بتأجيل تطبيق التجنيد الإلزامي لـ "الحريديم".
ويلزم القانون كل إسرائيلي وإسرائيلية فوق 18 عاما بالخدمة العسكرية، ولطالما أثار استثناء "الحريديم" من الخدمة جدلا طوال العقود الماضية، لكن تخلفهم عن الخدمة العسكرية بالتزامن مع الحرب المتواصلة على غزة وخسائر الجيش الإسرائيلي زاد من حدة الجدل إذ تطالب أحزاب علمانية المتدينين بالمشاركة في تحمل أعباء الحرب.
مناقشة