وسط مناخ سياسي متوتر.. قيس سعيد يعلن موعد انتخابات الرئاسة التونسية

انشغلت الأوساط السياسية في تونس بخبر إعلان الرئيس قيس سعيد عن موعد الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في السادس من تشرين الأول/أكتوبر 2024، وسط مخاوف متباينة من إقصاء بعض المعارضين.
Sputnik
ويجرى الاستحقاق الانتخابي الرئاسي لهذا العام وسط مناخ سياسي يسوده التوتر بسبب تعدد الملاحقات القضائية ووسط انشغال شعبي بارتفاع الأسعار واتساع دائرة البطالة والخوف من المستقبل.
وجاء في بيان مقتضب، نُشر مساء الاثنين، على الصفحة الرسمية للرئاسة التونسية، أن "رئيس الجمهورية قيس سعيد أصدر أمرا يتعلق بدعوة الناخبين للانتخابات الرئاسية يوم الأحد 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2024"، دون ذكر أي تفاصيل أخرى بشأن هذا الاستحقاق الانتخابي.

تضييق على المترشحين

وفي تصريح لـ "سبوتنيك"، قال المرشح الرئاسي عن حزب العمل والإنجاز وأمينه العام عبد اللطيف المكي، إن "تعيين موعد الانتخابات جاء بشكل متأخر بما لا يسمح للمترشحين الاستعداد لهذا الاستحقاق وللرأي العام من فهم المشهد الانتخابي".
ليبيا تعلن منطقة حدودية مع تونس "عسكرية" بالكامل
وأضاف: "ينص الدستور على 3 أشهر على الأقل، وكلمة على الأقل تعني أن الأفضل هو تحديد موعد الانتخابات قبل هذه المدة".
ولا يخفي المكي قلقه من إعلان الهيئة العليا للانتخابات عن تغيير قواعد اللعبة الانتخابية باتجاه إضافة شروط جديدة تقصي بعض المترشحين، زيادة على الملاحقات القضائية التي قال إنها أصبحت تتزامن مع إعلان الشخصيات السياسية والوطنية عن مشاركتها في هذا الاستحقاق الانتخابي.
ومن المنتظر أن يمثل المكي يوم الجمعة الموافق لـ 12 يوليو/ تموز الجاري أمام قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس فيما يعرف بقضية الفقيد الجيلاني الدبوسي'' وفق ما أكده حزب العمل والإنجاز في بيان له.
وقال المكي إنه تم افتعال هذه القضية التي مضى عليها أكثر من 10 سنوات داعيا لفتح هذا الملف، معتبرا أن استدعاءه للتحقيق هو محاولة لمضايقة المعارضة، خاصة وأن الاستدعاء جاء بعد إعلان ترشحه للرئاسة.
تونس ترد على "قلق الاتحاد الأوروبي" من تقاربها مع روسيا والصين
ويؤكد المكي أن حزبه سيشارك في هذه الانتخابات رغم معارضته للسلطة القائمة، لافتا إلى أن المعارضة ستناضل من أجل توفير شروط نزيهة لهذه الانتخابات، مشددا على أن الترشح وإعطاء برامج هو وسيلة من وسائل الضغط لتوفير هذه الشروط ولإبراز أن المعارضة تملك بدائلَ ومرشحين.
واستطرد: "لكن إذا لم توفر هذه الشروط لن نشارك في انتخابات شكلية لا تعكس إرادة الشعب".

مغالطات مردودة على أصحابها

على الجهة المقابلة، يرى الأمين العام لحزب مسار 25 يوليو محمود بن مبروك، أن ادعاءات المعارضة بإقصائها من الاستحقاق الانتخابي مغلوطة ومردودة على أصحابها.
ولفت في تعليق لـ "سبوتنيك" إلى أن عددا من المستقلين والمعارضين لمسار 25 يوليو من مختلف الأحزاب والمنظمات أعلنوا عن ترشحهم لهذه الانتخابات ولم يتم إقصائهم منها.
وقال بن مبروك: "يمكن للأحزاب التي يواجه مترشحوها ملاحقات قضائية أن تقدّم مترشحين آخرين من نفس الحزب، وإذا كانت غاية الرئيس هي إقصاء المعارضين لما قام بدعوة الناخبين لهذه الانتخابات ولكان استفرد بالحكم لنفسه كما تدعي المعارضة".
واعتبر بن مبروك أن رئيس الجمهورية احترم الدستور والآجال الانتخابية بإعلان موعد هذا الاستحقاق الانتخابي قبل 3 أشهر وفتح باب تجديد العهدة.
وشدد على أن الملاحقات القضائية لا تخضع لسياسة الإقصاء وإنما هي استجابة لمطالب الشعب الذي دعا إلى محاسبة من أجرم في حقه.
تونس.. إقالة وزير الشؤون الدينية بعد وفاة 49 حاجا
وقال بن مبروك إن تنظيم هذه الانتخابات هو أمر ضروري لتجديد الشرعية مهما كان الشخص الذي يتولى الحكم، مشددا على أن باب الترشح مفتوح لكل التونسيين والتونسيات الذين تتوفر فيهم الشروط المطلوبة.
ووفقا للمعلومات التي تحصل عليها بن مبروك، فإن التعديلات الجديدة المتصلة بشروط الترشح للانتخابات الرئاسية ستشمل منع حاملي الجنسية المزدوجة من الترشح، والترفيع في السن الدنيا للترشح من 35 إلى 40 سنة، إلى جانب اعتماد بلوغ عدد التزكيات المطلوبة لقبول الترشح كما هو الحال في الانتخابات البرلمانية والمجالس الجهوية.
وحول الجدل المثار بشأن إعلان الرئيس عن موعد الانتخابات عوضا عن هيئة الانتخابات، قال بن مبروك إن الدستور التونسي ينص على أن الرئيس هو من يوجه الدعوة للناخبين إلى الانتخابات وأن الأمر يدخل ضمن صلاحياته القانونية.
وبخصوص مشاركة حزب المسار في هذه الانتخابات، أكد المتحدث أن الحزب سيرشح الرئيس الحالي قيس سعيد بسبب توافقه معه في نفس الرؤى والخط الإصلاحي.

مناخ سياسي متوتر

ويقر رئيس الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات بسام معطر، في حديثه لـ "سبوتنيك"، بأن رئيس الجمهورية احترم بالفعل الآجال القانونية المحددة للإعلان عن موعد الانتخابات الرئاسية.
وأضاف: "أعتقد أن الإعلان جاء متأخرا وكان من الأفضل أن يتم الإعلان عنه بشكل مبكر ثم تتم دعوة الناخبين إلى الانتخابات لاحقا لفسح المجال للمواطنين وجميع المهتمين بالعملية الانتخابية للاستعداد والتعرف على قواعدها".
تونسيون يخرجون إلى الشارع للمطالبة بطرد سفراء الدول الغربية الداعمة لإسرائيل... صور وفيديو
ويرى معطر أن شروط الترشح المعلنة في دستور 2022 تختلف عن شروط الترشح في القانون الانتخابي الذي يعود لسنة 2014، مشددا على أنه سبق وأن دعا إلى تنقيح هذا القانون لملائمة شروط الترشح مع ما جاء في الدستور.
وقال إنه من المتوقع أن تصدر هيئة الانتخابات اليوم الخميس، أمرا ترتيبيا يتم فيه الحسم في هذه المسألة خاصة في علاقة بسن الترشح والجنسية والحالة القانونية.
ويرى الخبير في الشأن الانتخابي أن هذه الانتخابات ستجرى في خضم مناخ سياسي يسوده التوتر خاصة في ظل وجود اتهامات من عدد من الأطراف السياسية بوجود محاولة لتصفية المعارضين عن طريق التتبع القضائي لمن ينوون الترشح لهذه الانتخابات، فضلا عن تزامن هذه الانتخابات مع وضع اقتصادي واجتماعي صعب.
ودعا معطر هيئة الانتخابات إلى نشر روزنامة الانتخابات في أسرع وقت وتوضيح شروط الترشح وأن تسهر على تطبيقها بشكل عادل بين كل المترشحين وإعطاء الفرصة للمترشحين للقيام بحوارات حقيقية حول البرامج وأن تكون هناك حملة انتخابية نشطة.
ويرى معطر أن الانتخابات الرئاسية تحظى تاريخيا باهتمام واسع من التونسيين على عكس الانتخابات البرلمانية أو المحلية.
مناقشة