وكان الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، تحدث بشأن الأولويات الرئيسية للسياسة الخارجية الإيرانية قبل أن يصبح رئيسا للبلاد، خلال مقابلة خاصة مع وكالة "سبوتنيك" عشية الانتخابات الرئاسية في إيران، يوم 27 يونيو/ حزيران الماضي، وقال فيها إن بين الأوليات تعزيز العلاقات مع روسيا والصين، وتفعيل حضور إيران في منظمة دول "بريكس" ومنظمة شنغهاي للتعاون، وعودة المفاوضات بشأن برنامج النووي الإيراني، ورفع العقوبات عن بلاده.
وأكد بيزشكيان لـ"سبوتنيك إيران" أن "روسيا دولة صديقة وشريكة لإيران، معتبرا أن من أولوياته تعميق وتوسيع العلاقات مع روسيا والصين، وكذلك تكثيف أنشطة السياسة الخارجية في الاتجاه الآسيوي بشكل عام".
وأكد الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان، أنه "سيمد يد الصداقة للجميع"، في أول تصريحات له بعد إعلان فوزه في الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية الإيرانية.
وقال بزشكيان، في تصريح نقلته وسائل الإعلام الإيرانية: "سنمد يد الصداقة للجميع"، وأضاف: "علينا الاستعانة بالجميع من أجل تقدم إيران، نحن جميعنا شعب هذا البلد، أنا غير مدعوم من حزب أو جهة والشعب هو من انتخبني".
قطع العلاقات
وفي عام 2018، قال وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، إن الرباط قررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران على خلفية صلة "حزب الله" اللبناني بجبهة البوليساريو التي تسعى لاستقلال الصحراء الغربية.
وأضاف الوزير أن الرباط طلبت من السفير الإيراني المغادرة بعد حصولها على معلومات كشفت دعما ماليا ولوجستيا وعسكريا قدمه الحزب للبوليساريو، وفقا لقناة "الجزيرة" القطرية.
في المقابل، نفت إيران اتهامات المغرب لها بتسهيل عمليات إرسال أسلحة إلى جبهة البوليساريو.
وأفاد بيان للخارجية الإيرانية حينها، بأن التصريحات الصادرة عن وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، بشأن وجود تعاون دبلوماسي بين إيران وجبهة البوليساريو "غير صحيحة".
سبب الأزمة
يقول الباحث في الشؤون السياسية المغربي، نوفل البوعمري، إن "العلاقات المغربية الإيرانية ظلت منذ دعم النظام الإيراني لـ"البوليساريو"، سواء بشكل مباشر أو عن طريق الوكالة، في حالة قطيعة دبلوماسية تامة، خاصة مع التنبيهات المتكررة التي قدمتها الدبلوماسية المغربية للدولة الإيرانية".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" أن "قطع العلاقات مع إيران جاء إثر عمليات دعم البوليساريو، ما اعتبره المغرب حينها خطوة عدائية، ما يعني أن الفيصل في ملف العلاقات بين البلدين هو التوجه الإيراني ومحاولة خلق نموذج مُصغر من "حزب الله" بالمنطقة عن طريق استغلال نزاع الصحراء".
وتابع: إذا عدنا للمناقشات التي تمت مؤخرا باللجنة الرابعة بالجمعية العمومية، فإن المندوب الإيراني كانت مداخلاته عدائية تجاه المغرب، إذ حاول فيها المساس بالوحدة الترابية للمغرب، ونقل وقائع مضللة ومغلوطة عن الملف"، وفق قوله.
ويرى أن "جميع المواقف السابقة تجعل الوضع القائم في العلاقة بينهما وضعا ليس فقط صعبا، بل في صيغته الحالية يستحيل معه أن تشهد أي تطور إيجابي، ما دام أن اختيارات إيران باتجاه المغرب عدائية".
ترقب للمسار الجديد
ولفت البوعمري إلى أنه "بعد انتخاب الرئيس الجديد ذو التوجه الإصلاحي يبقى مراقبة التوجهات الخارجية التي سيدفع فيها بلاده هي المهمة، لمعرفة ما إن كانت ستبقى بنفس الصيغة والأسلوب سواء اتجاه شمال أفريقيا، أو اتجاه المغرب، بشكل خاص، أم أنه سيراجع هذا التوجه ويعيد تقييم علاقاته الدبلوماسية ويجعلها أكثر توازناً في المنطقة".
احتمالية استئناف العلاقات
في الإطار، قال رئيس مركز الأمة الواحدة بإيران، فادي السيد، إن "هناك نقطة جوهرية في العلاقة بين إيران والدول العربية والإسلامية بشكل خاص، تتمثّل في موقف الدول التي اتخذت موقفا من الثورة والإمام الخميني حين جاء في إيران".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" أن "إيران أسست محور المقاومة في العديد من الدول، وهو ما دفع العديد من الدول لاتخاذ خطوات تجاه إيران".
ويرى أن "جميع الدول الخلافات بين إيران والدول العربية هي سياسية، بسبب التحالف مع أمريكا".
ولفت إلى أن "الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، يمكن أن يعبّد الطريق أمام العلاقات الإيرانية - المغربية، وكافة دول المنطقة".
واستطرد: "إيران أصبح لديها صناعات عسكرية متقدمة، ويمكنها أن تساعد الدول العربية والإسلامية عبر الاتفاقيات والتعاون الثنائي".
وشدد فادي السيد على أن "إيران ليس لديها أي عداء سوى مع "الاحتلال الإسرائيلي"، ويمكنها مد يدها لأي دولة وتعزيز علاقتها معها، ما يعني أن فرصة تحسين العلاقة بين المغرب وإيران أصبحت كبيرة ومتاحة، خاصة في ظل تنافي الأسباب الجوهرية للخلاف".
وأشار إلى أن "الخلافات كانت دبلوماسية، إذ كانت الرباط تتهم إيران بالتدخّل في شؤونها، لكنها اتهامات غير صحيحة".
وفق السيد، فإن "العلاقات يمكن أن تعود إلى مجراها بين البلدين، في ظل ولاية الرئيس الجديد، بمساعدة مستشاريه".
وكانت العلاقات بين طهران والرباط عادت إلى طبيعتها أواخر 2016، بعد 7 سنوات من القطيعة، على خلفية اتهام المغرب لإيران بنشر التشيّع في البلاد.