وأكد حلف قبائل حضرموت، في بيان، اطلعت عليه "سبوتنيك"، أن على المجلس الرئاسي "الاعتراف بحق حضرموت وتفعيل دور الشراكة الفاعلة والحقيقية ممثلة في مؤتمر حضرموت الجامع أسوة بالأطراف الأخرى المشاركة في التسوية الشاملة في البلاد"، محذرا من "الإقدام على أي تصرف بنفط حضرموت أو تصديره أو تسويقه، إلا بعد تثبيت مكانة حضرموت وضمان حقوقها بما يرتضيه أهلها، تنفيذا للقرارات المتخذة من مؤتمر حضرموت الجامع في 13 يوليو/ تموز الماضي".
وأشار البيان إلى أن "المخزون النفطي الحالي في خزانات ميناء المسيلة والضبة لن يتم التنازل عنه لأن حقا من حقوق محافظتهم وإذا تم البيع يجب تسخير العائدات كاملة لشراء محطة كاملة للكهرباء خاصة بحضرموت، وفي حال عدم الاستجابة من جانب الحكومة خلال المدة المحددة لتلك المطالب، سوف يضع أبناء المحافظة أيديهم على الأرض والثروة".
إلى أين يتجه التصعيد في حضرموت.. وماذا لو تجاهلت الحكومة مطالب حلف القبائل؟
بداية، يقول محمد بالفخر، الكاتب والمحلل السياسي اليمني: "المتابع لتاريخ حضرموت يعلم أنها أهملت كثيرا في كافة مراحل الأنظمة الحاكمة المتعاقبة، ولم يكن الإهمال من القيادات السياسية التي حكمتها فحسب، بل كان لأبنائها الدور الأكبر في تكريس هذا الإهمال بالتفريط في حقوقهم المشروعة بعدم المطالبة بها بممارسة سياسة أو ثقافة اللاّمبالاة، وأعني هنا هنا النخب السياسية والمثقفة على وجه التحديد".
غياب الدولة
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "تفريط أهالي حضرموت في حقوقهم المشروعة على مدار العقود الماضية جعل قيادات الأنظمة الحاكمة هي الأخرى لا تلقي بالا لاحتياجات المواطن في حضرموت، وإن أعطت شيئا جعلته من باب التفضل والمكرمة من الحاكم وليس من باب الواجب المفترض على عاتقه، وبالطبع لا يخلو الأمر من بعض الرموز الحضرمية من كانت مخالفة لكل ما أشرت إليه وقدمت لحضرموت ما لم يقدمه أحدٌ قبلها".
وأشار بالفخر، إلى أن "حضرموت والوطن اليمني كاملا يعيش في تلك المرحلة أسوأ الحالات بسبب الأجندات الخارجية التي تم فرضها في ظل غياب الدولة ومؤسساتها، وإن وجد شيئا منها، فالأداء في أضعف حالاته، والحراك المجتمعي السياسي الحاصل ليس وليد اليوم، بل تخطى عمره 15 عام ويمثل نوع من الصحوة المتأخرة، وإن كانت غير منظمة ولا تخلو من الأيادي المحركة ولو من خلف الستار ويغيب عنها دقة التشخيص للمشكلة، وبالتالي اختلال الرؤية الواضحة وسمو ودقة الهدف، وتستغل فقط العواطف الجياشة عند الشعب لتحقيق أهدافها الذاتية".
الحقوق المشروعة
ودعا المحلل السياسي، "المكونات الحضرمية والقيادات المجتمعية والنخب السياسة أن تركز بدرجة رئيسية على الحقوق الحضرمية المراد تحقيقها في الوقت الراهن، على رأسها، توفير الخدمات الرئيسية وفي مقدمتها الكهرباء، ودعم مطالب المعلمين والأطباء، مع دعوتهم بعدم الإضرار بحق الطلاب والمرضى في الحصول على تعليم جيد، وعلاج جيد في المستشفيات الحكومية".
وتابع بالفخر، "كما يجب ضمان حصول حضرموت على نسبتها من مبيعات النفط التي أقرها ابن حضرموت الدكتور أحمد بن دغرعندما كان رئيسا للوزراء وإلزام الحكومة الحالية بتسليم ما لديها مما احتفظت به من نسبة حضرموت من مبيعات النفط السابقة،إضافة إلى العدالة في الوظيفة العامة المدنية والعسكرية ليحصل عليها الجميع دون تمييز قبلي أو سلالي او مناطقي، وعليهم أيضا المطالبة بالتجنيد في القوات المسلحة والأمن بنسبة لا تقل عن مائتي ألف جندي أسوة بالمحافظات الأخرى مع تزويدهم بكامل العتاد العسكري بمختلف أنواعه."
توزيع الموارد
وأكد المحلل السياسي،على ضرورة منح حضرموت نصيبها من الموارد الأخرى كالضرائب والجمارك، علاوة على الحوار مع كل الأطراف المعنية لإعادة الاعتبار لمطار الريان، وتسليم الملف الأمني كاملًا لأبناء حضرموت، مع تعزيز مكانة القضاء وضمان استقلاليته، ودعم حق حضرموت في أن تجد لها مقعدا في وفد المفاوضات القادم، فإذا تحققت المطالب في حدها من الممكن أن تكون بداية للاستقرار والاطمئنان النفسي في المجتمع وإذا تحقق ذلك فهو مقدمة لما هو أفضل في المستقبل".
تحذير من التصعيد
من جانبه، يقول عبد العزيز قاسم، القيادي في الحراك الجنوبي اليمني: "بالنسبة للأوضاع في حضرموت والمهلة التي حددها مؤتمر حضرموت الجامع بـ48 ساعة للمجلس الرئاسي لتنفيذ الشروط المطروحة بشأن الثروات النفطية، الأمر يتطلب معالجة الكثير من الملفات العالقة وعلى رأسها إيرادات النفط".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "مصادر الثروة في الجنوب تحديدا محل صراع بين مراكز النفوذ سواء الداخلية أو الإقليمية والدولية هذا من جهة، ومن جهة أخرى بين الجنوب والشمال منذ فترة ما بعد حرب صيف 1994م واجتياح الجنوب، حيث تمت محاصصة بين القوى الشمالية وتوزيعها على مراكز النفوذ المنتصرة، ولازالت حتى اليوم رغم الحرب وتداعياتها إلا أن مصادر النفط تصب لنفس المراكز دون أدنى اعتبار للوضع والأزمات الاقتصادية التي تمر بها البلاد".
المجلس الرئاسي
وتابع قاسم: "بعد الزيارة الأخيرة لرئيس المجلس الرئاسي والقرار باستئناف تصدير النفط وفقا للاتفاقات بين قوى الصراع ومنها جماعة أنصار الله (الحوثيين)، وهو الأمر الذي كانت له تداعيات من قبل المؤتمر الجامع في حضرموت، ويأتي أيضا ضمن الصراع وحاجة حضرموت إلى عائدات النفط لصالح أبناء المحافظة لأنها منتجة للنفط".
وأكد القيادي الجنوبي أن "أبناء حضرموت يشعرون بأن لهم الأولوية في الحصول على قدر من عائدات النفط الذي ينتج داخل أراضيهم، لكن مدى قبول المجلس الرئاسي بشروط أبناء حضرموت خلال المدة القصيرة والمحددة بيومين، لاشك أنها قصيرة وربما ينخرط الجميع في تسوية لهذه المشكلة".
نفاد المهلة
وحول التداعيات التي يمكن حدوثها في حال نفاذ المهلة دون استجابة من مجلس القيادة الرئاسي، يقول قاسم: "في هذه الحالة قد تزداد الأوضاع تعقيدا وتتداعى معها محافظات أو بقية محافظات الجنوب باعتبارها مصادر سيادية لكافة أبناء الجنوب، وهى حق لهم طالما أن ثروات الشمال لا تأتي إلى عدن".
وقال قاسم: "على كل حال موضوع النفط والغاز شائك ومحل حساسية خطيرة، ولابد من منح الجنوب من تلك الثروات باعتبار أن ما يسمى بالشرعية غير موجودة في الجنوب ولا تبسط سيطرتها على الشمال، وهي مسألة معقدة ولابد أن تنحني الشرعية والمجتمع الإقليمي والدولي لهذه الشروط وفقا للواقع، مشيرا إلى أن هذا الصراع لا يخلو من تأثير إقليمي ودولي وحسب المصالح لهذا المحيط الإقليمي والدولي".
وتأتي تهديدات قبائل حضرموت في وقت قالت تقارير إخبارية إن الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا تجري ترتيباتها لاستئناف تصدير النفط الخام خلال أيام من حضرموت، بعد فترة توقف إجباري لنحو عامين تكبدت خلالها الخزينة العامة خسائر بنحو ملياري دولار، نتيجة لهجمات "أنصار الله" على ميناء تصدير النفط في الضبة بمحافظة حضرموت.
وتنتج حضرموت من حقل المسيلة الذي تديره شركة (بترو مسيلة) الحكومية نحو 100 ألف برميل يوميا مخصصة للتصدير إلى الخارج، وتشكل إجمالي إنتاج اليمن من النفط الخام في الوقت الراهن مع توقف عدد من القطاعات النفطية عن التصدير، ويعد قطاع النفط والغاز أهم مورد لإيرادات الحكومة في اليمن، إذ يشكل ما نسبته 70 بالمئة من دخل البلاد، بحسب صحف يمنية.
وشهد جنوب اليمن وخاصة محافظة حضرموت، تشكيل مكوّن سياسي جديد أُطلق عليه اسم "مجلس موحد للمحافظات الشرقية"، وسط اتهامات لأحزاب يمنية بمحاولة الالتفاف على مطالب الجنوبيين الداعية إلى إقامة دولة فيدرالية مستقلة.
وشُكّلت في يناير/ كانون الثاني الماضي، في مدينة سيئون، مركز مديريات وادي وصحراء حضرموت، اللجنة التحضيرية المنبثقة عن الهيئة التأسيسية لإشهار المجلس الموحد للمحافظات الجنوبية الشرقية الأربع، وهي: حضرموت، والمهرة، وشبوة، وأرخبيل سقطرى، بهدف "الإسهام بتحقيق تطلعات أبنائها العادلة"، وفق بيان الإشهار بحسب موقع "إرم نيوز".
وأعلنت اللجنة التحضيرية لإشهار المجلس الموحد للمحافظات الشرقية، انفتاحها على الجميع و"على إبقاء باب الحوار والنقاش مفتوحًا مع كافة المكونات والوجاهات، والقوى السياسية، والقبلية، والمجتمعية، ورجال الأعمال، والمغتربين، والقيادات الأكاديمية، والشبابية والنسوية، لإنجاح المشروع".
ويشهد اليمن تهدئة هشة منذ إعلان الأمم المتحدة، في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول 2022، عندما توصلت الحكومة اليمنية وجماعة "ًأنصار الله"، إلى اتفاق لتمديد وتوسيع الهدنة التي استمرت 6 أشهر.
وتسيطر جماعة "أنصار الله" منذ أيلول/ سبتمبر 2014، على غالبية المحافظات وسط وشمالي اليمن، بينها العاصمة صنعاء، فيما أطلق تحالف عربي بقيادة السعودية، في 26 من مارس/آذار 2015، عمليات عسكرية دعماً للجيش اليمني لاستعادة تلك المناطق من قبضة الجماعة.