وقال الخبراء، إن واشنطن تنوي العودة للمنطقة بقوة والبقاء فيها بأعداد كبير، في إطار استراتيجية "مواجهة الخصوم" وفق رؤيتها، على أرض المنطقة التي تعتبرها من أهم مناطق نفوذها.
حشد غير مسبوق
وفي مطلع الشهر الجاري، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية، أن واشنطن ستعزز وجودها العسكري في الشرق الأوسط عبر نشر مزيد من السفن الحربية والطائرات المقاتلة عقب تصاعد التوترات في المنطقة، وهو ما يراه الخبراء يزيد من حالة التوتر، خاصة أن واشنطن تريد الإبقاء على مستويات التوتر.
وذكرت تقارير صحفية، في وقت سابق، أن مدمرات أمريكية تتمركز في منطقة الخليج وشرق البحر المتوسط، بما في ذلك حاملة الطائرات "يو إس إس ثيودور روزفلت"، وفرق الهجوم البرمائي، وأكثر من 4 آلاف جندي من مشاة البحرية والبحارة، وهي قوات كبيرة بشكل لافت عما كانت عليه قوات واشنطن في فترات سابقة.
وعرفت العراق أكبر تواجد للقوات الأمريكية، حيث استمر نحو 160 ألفا حتى العام 2007، كما كانت قواتها تبلغ نحو 100 ألف في أفغانستان، قبل أن تنسحب في أغسطس/ آب 2021.
من ناحيته، قال البرلماني السوري السابق، مهند الحاج علي، إن الولايات المتحدة لديها هدفان من دفع قواتها وتعزيزها في المنطقة، وهما هدف تكتيكي مرحلي وهدف استراتيجي.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن الهدف التكتيكي، يرتبط بإدراك أمريكا قوة محور المقاومة، و"أنه قادر على تدمير مناطق حيوية في الداخل الصهيوني، وبالتالي هي تحاول حماية هذا الكيان باستخدام مبدأ التفاوض تحت النار".
معلومات دقيقة
ولفت إلى أن واشنطن لديها معلومات دقيقة تفيد أن المحور سيرد بشكل قاس على اعتداءات الكيان الأخيرة، على العاصمتين بيروت وطهران.
وتابع: "رغم إدراكها أن تبعات جنون حكام إسرائيل قد يدفعها للفناء في معركة يمكن أن تندلع، يبدؤها الكيان ولكن لن يستطيع إنهاءها ولو دعمته أمريكا عسكريا، خاصة أنه مع التعزيزات العسكرية تطرح أمريكا مبادرة للسلام، وفي اعتقادها أن تواجد قواتها في منطقتنا قدتيدفع المقاومة للخوف والتراجع والقبول بالشروط الإسرائيلية الأمريكية المجحفة بحق الشعب الفلسطيني".
واستطرد: "هي تريد تفادي الرد الإيراني اللبناني عبر تقديم العديد من المغريات، ومنها حسب التسريبات تعهد بالعودة للاتفاق النووي، ورفع سلة من العقوبات عن إيران، بالإضافة إلى تقديم تسهيلات لكشف شبكة الموساد التي استهدفت إسماعيل هنية داخل إيران".
ويرى أن الهدف الاستراتيجي، يرتبط بشعور واشنطن بتراجع نفوذها، لصالح النفوذ الروسي والصيني.
وأوضح أنها تعتبر مشروع "الحزام والطريق" يهدد الأمن القومي الاقتصادي الأمريكي، ولا تستطيع احتوائه إلا من خلال إشعال المنطقة.
نجاح الدبلوماسية الروسية
ولفت إلى أن مبادرت روسيا للصلح بين سورية وتركيا من حانب، وبين دول الخليج وسورية، ونشاطها في العراق وحتى في السودان دفع أمريكا للقلق، وخاصة بعد نجاح الدبلوماسية الروسية في نشر الأمن والسلام في شرق أفريقا، مما دفع شعوب تلك المنطق لطرد المستعمرين الذين كان يمصون شعوب تلك المنطقة عبر قرون.
يضاف إلى ذلك "نجاح الدبلوماسية الصينية في تقريب وجهات النظر بين إيران والسعودية، وانكفاء دور وكلاء أمريكا في المنطقة، ما دفعها للتواجد في المنطقة من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، من نفوذها وسمعتها".
وشدد على أن المنطقة متجهة إلى أيام قتالية طويلة، تثبت من خلالها قواعد اشتباك جديدة، لمصلحة المقاومة، ولكن ليس لحرب مفتوحة التي تخشاها أمريكا، خاصة أنها مدى خسارتها في قاعدها الموجودة في المنطقة.
نفوق روسي صيني
في الإطار، قال الخبير الأمني والاستراتيجي عبد الكريم الوزان، إن واشنطن شعرت بتمدد الصين على جميع المستويات في المنطقة، لذلك أصبحت حريصة على مواجهتها.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن تمسك واشنطن بدعم إسرائيل يرتبط بما تحققه لها تل أبيب في المنطقة، من الحفاظ على مكانتها ووجودها ضد الأطراف الأخرى، كما أنها ترى أن خسارة إسرائيل تعني خسارة لواشنطن أمام روسيا والصين.
وشدد على أن واشنطن تسعى من التحركات الحالية في المنطقة من أجل استعادة نفوذها في المنطقة، غير أن ذلك سيترك الكثير من الارتدادات السلبية على الأمن والاستقرار والتنمية.
تعزيز مكانتها مرة أخرى
يقول الخبير الأمني، محمد الطيار، إن الولايات المتحدة الأمريكية أرسلت العديد من البوارج الحربية والآليات، إلى منطقة الشرق الأوسط من أجل تعزيز مكانتها في المنطقة، بالإضافة إلى حماية إسرائيل.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن المنطقة تعيش حالة "عدم اليقين"، وأصبحت مفتوحة على جميع السيناريوهات.
ويرى أن واشنطن تدفع نحو القضاء على البرنامج النووي الإيراني عسكريا، بالإضافة لمحاولة القضاء على جميع الجماعات المدعومة منها.
وشدد على أن استمرار الوضع الراهن، يزيد من عدم الاستقرار، واتساع رقعة الصراع بشكل أوسع.
وتقع أكبر قاعدة أميركية في الشرق الأوسط في قطر، وهي معروفة باسم قاعدة "العديد الجوية"، وتم إنشاؤها في عام 1996. وتوجد قواعد أمريكية أيضا في البحرين والكويت والسعودية والإمارات.
وكانت القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم" قالت في منشور على مواقع التواصل، إن حاملة الطائرات "يو إس إس ثيودور روزفلت" (سي في إن 71) وصلت إلى منطقة عمليات الأسطول الخامس الأمريكي، والتي تشمل منطقة الخليج والبحر الأحمر وخليج عمان وأجزاء من المحيط الهندي في 12 يوليو/ تموز، 2024.
وقررت الولايات المتحدة إرسال مجموعة حاملة طائرات هجومية وسرب مقاتلات وسفن حربية إضافية إلى الشرق الأوسط في ظل ترقب المنطقة المنطقة لرد إيراني في أعقاب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية في طهران.