محللون: الوضع الأمني في العاصمة الليبية طرابلس هش وخطر على المدنيين والبعثات الدبلوماسية

شهدت العاصمة الليبية طرابلس توترا أمنيا بعد اندلاع اشتباكات بين التشكيلات المسلحة أسفرت عن وقوع قتلى وجرحى في ظل غياب وصمت المؤسسات الرسمية في العاصمة.
Sputnik
تأتي هذه الاشتباكات على خلفية صراعات بين المجموعات المسلحة ومحاولات فرض النفوذ، مع تهديد حقيقي لأمن المواطن الليبي، الذي يعاني من غياب الأمن والأمان في بلاده.

"أجسام هشة"

من جهته، يرى الأكاديمي والمحلل السياسي، محمود إسماعيل الرملي، بأن "عودة الاشتباكات ليست هي سبب تأزم الملف الليبي، ولكن حتى الوضع السياسي متأزم والواقع العملي يدل على أن الأجسام الموجودة خيّبت آمال الليبيين والمجتمع الدولي وأنها لا وجود لها بشكل حقيقي بين مجلس النواب والدولة والرئاسي والحكومات التي تتصارع، يدل ذلك دلالة واضحة على ضرورة أن يكون هناك عملية سياسية".
إلى أين سيصل الخلاف بين مرشحي رئاسة المجلس الأعلى للدولة في ليبيا؟
وتابع الرملي في تصريحه لـ"سبوتنيك"، أن "الاشتباكات التي بدأت في غرب البلاد يقصد بها إلهاء طرابلس بأن تكون مستعدة لحروب أخرى أكبر. الواقع العملي يقول بأن هناك إشكال كبير، وأطلق المجلس الرئاسي نداءات لعودة هذه التشكيلات إلى مرابضها، ولكن هل تشمل هذه النداءات الجميع".
وقال الأكاديمي الليبي أن "الأمم المتحدة تكتفي فقط بعبارات القلق هي وبعض الدول، ومن ناحية أخرى ينظر بأن العملية السياسية متوقفة وأن الأجسام قد فشلت، والأمم المتحدة أكثر فشلا، وأن الإجراءات المتخذة جد خجولة".
وأكد بأن "هناك قتلى وجرحى وهناك اشتباكات مستمرة حتى هذه اللحظة، وهناك تحرك للقوة المشتركة من مصراتة نحو العاصمة طرابلس، وتحركات في مناطق عين زارة ومناطق أخرى".
واعتبر أن "الحل صعب في ظل أجسام غير موجودة بشكل فعلي وميتة سريريا وهي أمور ورقية لذا يجب التنبه لذلك لأن المتوسط في خطر وليبيا أكثر خطرا، وما لم يكن هناك استقرار أمني لن يكون هناك استقرار".
وأكد بأن "هذه الاشتباكات أدت إلى وجود قتلى وجرحى، ربما الأرقام غير دقيقة، وربما تعود بعد التوتر والانقسام الذي حصل في المجلس الأعلى للدولة ما بين المشري وتكالة، وهو صراع على المناصب أكثر من كونه صراع من أجل ليبيا".
خبراء: إغلاق النفط يهدد الدخل القومي في ليبيا
وأشار الرملي إلى أن "منطقة الغرب الليبي لم تكن بها اشتباكات منذ فترة، وإنما كانت بها بعض المناوشات فقط، وربما ينظر البعض إليها على أنها جزء من إشكاليات الحكومة التي هي في محل الصراع ما بين حكومة حماد التي اعتمدت لها ميزانية وحكومة الدبيبة التي لم تحصل على أموال في حين أنها تتواجد في العاصمة".
وقال: "ينتظر المواطن الليبي الكثير من الأمور، أبرزها رحيل كل الأجسام الحالية مجلس النواب والدولة والرئاسي والحكومات، وأن يكون هناك دستور وديمقراطية وأن تنتهي هذه الصراعات، وأن يوجد جيش قوي لأن الجيش الحالي ورئاسة الأركان لم يعلنوا حتى عن الاشتباكات الدائرة في الغرب الليبي، بالإضافة إلى وزارة الداخلية التي صرفت المليارات، في غياب المواقف الرسمية للدولة التي ينظر لها البعض بأنها كرتونية".
وأضاف أن "الوضع الأمني في العاصمة هش وتعاني العاصمة من حالة هلع وغياب الاستقرار والأمن، في ظل وجود أجسام لا تستطيع أن تؤدي أعمالها، الواقع العملي يقول بأن الدولة الليبية غير قادرة على الوصول لدولة أو مؤسسات مستقرة أو شبه مستقرة".
واعتبر أن "الأمم المتحدة فشلت في التقدم ولو أنملة، واكتفت بعمليات خجولة بالتعبير عن القلق والألم"، مشيرا إلى أنه "إذا توسعت دائرة الصراع سوف تؤثر على البعثات الدبلوماسية الموجودة في ليبيا من السفارات وغيرها، وربما يؤدي ذلك لإمكانية رحيلها".

معاناة مستمرة

كما قال المحلل والخبير السياسي حسام الدين العبدلي، إن "عودة الاشتباكات في العاصمة طرابلس أمر متوقع، بسبب غياب جيش نظامي في المنطقة الغربية أو في العاصمة خاصة، وذلك يعود لعدة أسباب أبرزها المجلس الرئاسي الذي يعتبر هو القائد الأعلى للجيش الليبي متمثلة في أعضائه الثلاثة، لم يقم بتنظيم الكتائب والمجموعات المسلحة ولم يقم بتكوين جيش ليبي نظامي صحيح".
هل يؤثر تصاعد التوترات في "الشرق الأوسط" على التسوية في ليبيا؟
وأضاف العبدلي في تصريح خاص لـ"سبوتنيك"، أن "ليبيا لاتزال تعاني من واقع المجموعات المسلحة غير الموحدة وغير المؤتمره لقادتها سواء وزارة دفاع أو رئاسة أركان، ليبيا أمام معترك جديد متمثل في عودة الاشتباكات للعاصمة طرابلس، وعودة المناوشات بين التشكيلات المسلحة في ظل فترة كانت طويلة في الوضع الآمن للعاصمة، ولكن يدل ذلك على أن الوضع الآمن كان لفترة مؤقتة فقط".
وتابع: "هذا ما يدل على أن اشتباكات يوم الأمس الجمعة كانت خارج سلطة الدولة استعملت فيها مختلف أنواع الأسلحة في أماكن يقطن بها العديد من المدنيين مما أسفر عن جرحى وقتلى".
وقال إن "طرابلس مقسمة إلى مربعات أمنية بين المجموعات المسلحة وكل مجموعة لديها مربع أمني أو مناطق تسيطر عليها، وهذا التقسيم تم بعد معارك العاصمة، وكل تشكيل سيطر على كل ما يتواجد داخل هذا المربع بما فيها وزارت أو هيئات، وهذا ما سبب مشاكل وابتزاز لبعض الإدارات من قبل هذه المجموعات المسلحة، سبب هذا الأمر مشاكل أخرى لدى باقي الليبيين بسبب المركزية الإدارية فعند حدوث أي اشتباك يتسبب في إغلاق الوزارة أو الإدارة الواقعة في نطاق هذا الاشتباك".
واعتبر العبدلي أن "ما حدث يوم الأمس في منطقة تاجوراء شرق العاصمة طرابلس هو زيادة نفوذ لبعض المجموعات المسلحة وزيادة سيطرتها على بعض المربعات الأخرى بعد هزيمة مجموعة مسلحة أخرى، وجاءت هذه الاشتباكات على خلفية محاولة اغتيال آمر كتيبة رحبة الدروع في منطقة تاجوراء، وتسبب ذلك في هجوم كتيبة رحبة الدروع على كتيبة الشهيدة صبرية، واسفرت هذه الاشتباكات على هزيمة كتيبة الشهيدة صبرية وإخراجها خارج نطاق تاجوراء وهذا ما زاد من نفوذ كتيبة رحلة الدروع في تاجوراء وزيادة سيطرتها هناك".
وأوضح أن "الوضع الأمني في طرابلس مرتبط بعدة أمور منها الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، لا يمكن أن يكون الوضع الأمني مستقر بدون استقرار سياسي وإدارة موحدة".
ليبيا وتشاد توقعان اتفاقية بشأن ترحيل المهاجرين التشاديين وتسوية أوضاعهم
وأشار العبدلي إلى أن "ليبيا في وضع سياسي هش تسبب في وجود وضع أمني مهترئ، وما نراه من تحارب لهذه المليشيات في العاصمة طرابلس حول أماكن نفوذ داخل العاصمة، في الوقت الذي يعيش فيه الليبيون ضيق الحال والفقر وهذا قد يتسبب في مشاكل أكبر بكثير".
وأردف: "قادة ليبيا المتواجدين العاصمة طرابلس لا يأبهون بوضع المواطن الليبي بقدر ما يهتمون بمنح الأموال للمجموعات المسلحة في محاولة لاستمالة هذه المجموعات لصالحهم، ونجد كل مجموعة مناوئة لوزير أو رئيس أو أشخاص بعينهم، وهذا ما قد يقود ليبيا إلى تكرار سيناريو لبنان".
وأضاف بأن "المشكلة في ليبيا كبيرة، وقادة هذه المجموعات ليست لديهم النية والجدية في تكوين جيش حقيقي داخل العاصمة طرابلس، سوف تؤثر هذه الاشتباكات على رؤية العالم لليبيا، وعلى عمل البعثات الدبلوماسية خاصة بعد عودة العديد من السفارات للعمل في طرابلس والتسهيل على المواطنين الليبيين في الحصول على التأشيرات المختلفة".
مؤكدًا بالقول: "لم ينتهي وجود المليشيات الموجودة في العاصمة طرابلس، والوضع السياسي المهترئ والأجسام الحالية الغير قادرة على السيطرة على الوضع العسكري، وأن يسيطروا على الفساد المالي والإداري الذي أثر على الشعب الليبي أما يتركوا الواقع لاجسام منتخبة في ليبيا، لأن الليبيين ينتظرون الانتخابات التي سوف تقود ليبيا إلى وضعها الصحيح، وتغير كل المتواجدين في المشهد السياسي".
وأكد بأن "الشعب الليبي سئم اختيارات بعثة الأمم المتحدة لحكومات ضعيفة جدا لم تقد ليبيا إلا إلى مزيد من الانقسام السياسي، بالإضافة إلى الأجسام المنتهية الصلاحية مثل مجلس النواب والأعلى للدولة التي تستمد شرعيتها من اتفاقات تابعة للأمم المتحدة، الشعب يريد الانتخابات التي ستقود ليبيا إلى بر الأمان وتنهي كل الأجسام الحالية وأن يعيش المواطن الليبي في بلاده الغنية في وضع اقتصادي مريح يمكنه من العيش بحياة كريمة وأمن وأمان".
مناقشة