واعتبرت الوحدة الوطنية أن هذه الاستقبال جاء لحكومة لا تحظى بأي اعتراف دولي، وحملت حكومة الدبيبة في الحكومة المصرية في بيان رسمي المسؤولية الاخلاقية والسياسية المحلية والدولية والإقليمية من هذا التصرف.
الدور المصري
من جهته قال المحلل السياسي، حسام الدين العبدلي، إن السؤال الأهم هو "لماذا اختارت مصر هذا التوقيت بالذات لتستقبل رئيس الحكومة الليبية المنبثقة من البرلمان استقبالا رسميا كاعتراف واضح وصريح برئيس الحكومة أسامة حماد والحكومة الليبية؟".
وتابع العبدلي في تصريح خاص لـ"سبوتنيك" قائلا: "لا نخفي أن مواقف مصر داعمة للبرلمان الليبي وهذا وصريح، ولكن اعتراف اليوم يذكرنا بأيام الانقسام السياسي في حقبة عبد الله الثني، ولكن في هذا الوقت الأمر مختلف لأن حكومة الدبيبة لديها اعتراف دولي، ولكنها لا تحظى بزخم الدول المعترفة بها".
وأضاف: "يمكن القول بأن استقبال مدبولي لحماد يأتي لعدة أسباب أبرزها فشل اجتماع القاهرة الذي كانت مصر تعول عليه لجمع شتات الفرقاء الليبيين، أما السبب الثاني نتيجة لانقسام المجلس الأعلى للدولة وهو الجهة الداعمة للدبيبة في أي حوار، وجود رئيسين للمجلس الأعلى للدولة يثير شكوك في شرعية المجلس وهو ما يزيد ضعف موقف حكومة الوحدة الوطنية، والسبب الأخير يعود للاشتباكات التي أصبحت تكثر في الغرب الليبي والذي جعل مصر تنظر لحكومة الوحدة الوطنية في أضعف حالاتها منذ توليها السلطة".
وأوضح بأن ما كان سريا أصبح الآن في العلن، أما عن رد حكومة الدبيبة كان متوقعا للتنديد بهذه الزيارة التي اعتبرتها اعتراف بحكومة موازية ولأن الدبيبة لم يسأل كونه بدأ يتهاوى في أنظار الدول وهو الذي فقد ثقة شعبه الذي يعيش مراحل الفقر وأصبح ينظر للتحالفات السياسية على أنها أقوى من التحالفات الشعبية ولهذا السبب فقد ركيزة الشعب ليراه العالم بهذا الضعف.
يتوقع العبدلي بأن يتم استقبال حكومة حماد من عدة دول أخرى وهذه بداية اعتراف بحكومة حماد نظرا للشركات الاقتصادية والصناعية والزراعية التي تعمل عليها مع عدة دول، أي أن الأمر ليس سياسيا فقط بل أن الشراكات الثنائية لها دور وهذا ما ظهر بعد الاتفاقيات مع جمهورية مصر العربية في البناء وإعادة الأعمار.
وأشار بأن حكومة حماد لديها شراكات مع دولة تركيا ومن المتوقع أن نرى أسامة حماد في تركيا في استقبال رسمي هناك، أي أنها قامت بعدة اتفاقيات وشراكات كبيرة جدا في المناطق التي تسيطر عليها حكومة حماد، ويبدو أن حكومة حماد عرفت تستخلص الواقع والحقيقية التي تجعلها تحظى باعتراف الدول أو بالتحديد الدول المتدخلة في الشأن الليبي.
اعتراف ضمني
فيما اعتبر المحلل السياسي، محمد أمطيريد، أن لقاء حماد ومدبولي في زيارة رسمية زيارة مهمة بعد الاستقبال الرسمي من قبل مصطفى مدبولي رئيس الحكومة المصرية.
وقال في تصريحه لـ "سبوتنيك" تعكس هذه الزيارة آفاقا سياسية جديدة وبُعد دولي مختلف عما سبق، وأن ما حدث يحمل في طياته الكثير، وتحديدا التحولات الأخيرة التي قامت بها تركيا مع مصر واستقبال وزير الخارجية التركي لرئيس جهاز الاعمار.
وأكد بأن هذه الزيارة سوف تحمل رسائل لبعض الدول الشقيقة والصديقة، وسوف تثير الجدل خاصة بعد انزعاج حكومة الدبيبة بها، واعتبرها بأنها سوف تعزز الشراكات بين الحكومة الليبية ومصر واعتبارها اعتراف سياسي وبأن وضع هذه الحكومة سيتغير تغير كبير على ما هو عليه وسيكون لها اعترافات أخرى.
أبدى المحلل السياسي استغرابه من استنكار حكومة الدبيبة خاصة بعد فقد حكومة الدبيبة المجلس الأعلى للدولة الذي كان يعد جسم دعم لحكومة الدبيبة والذي يعد الجناح السياسي للحكومة وممثل لها في الحوارات الدولية، وذلك بعد الانقسام داخل المجلس بعد تولي خالد المشري رئاسة المجلس.
واعتبر أن الأمر الذي أثار جدلا كبيرا هو قيام حكومة الوحدة الوطنية بطرد عناصر من أجهزة المخابرات المصرية، حيث أرسلت حكومة الدبيبة رسائل سلبية توضح كمية عدم الإدراك لديها كونها بدأت تفقد القوة محليا ودوليا.
ويتوقع بأن الحكومة المصرية سوف ترد على هذا الاستنكار لأن الأمور لا تورد بهذا الشكل خاصة في هذا التوقيت الذي فقدت فيه حكومة الدبيبة ثقتها محليا ودولية، وعدم سيطرتها على العاصمة طرابلس بعد الحروب التي اندلعت هناك، وفقدت ثقة المصرف المركزي الذي يعد عنصر اقتصادي مهم كونه بدأ يتعامل مع مجلس النواب بعد اعتماد الميزانية لحكومة حماد، وبالتالي فإن حكومة الدبيبة بدأت تترنح والسلوك الذي قامت به غير مبرر على الإطلاق.
وأوضح بأن هذا الاعتراف بمثابة بداية اعتراف دولي خاصة وأن مصر دولة جوار ولها دورها في الملف الليبي ربما جاء ذلك بعد تقارب القاهرة مع اسطنبول، واعتبر أن مصر استقبلت حماد بكل حكمة وتروي، وأن الدولة المصرية جزء لا يتجزأ من الملف الليبي والمشروع الليبي والمدافع الأول على السيادة الليبية، ولها مكانتها في المنطقة والعالم يحترم قرارات مصر وسوف تقوم عدة دول بنهج هذا السلوك الذي قامت به الحكومة المصرية.
ويتوقع أمطيريد أن تكون هناك خطى من المجتمع الدولي على غرار مصر باعترافها بحكومة حماد، ودعم الحكومة الجديدة التي دأب البرلمان في استقبال ملفات مرشحيه.
ورجح أمطيريد بأنه سوف تكون هناك خطوات مماثلة لموقف مصر ربما ستكون الخطوة القادمة من الإمارات وتركيا خاصة وأن المجتمع غير آراه تجاه حكومة الدبيبة بعد أحداث العاصمة من انقسامات سياسية وعسكرية، وأثبت الدبيبة عدم سيطرته على العاصمة طرابلس.
وأشار بأن المجتمع الدولي سيكون له رد فعل، وربما سيكون لديه مشروع اعتراف بهذه الحكومة، لأن بدأ في إرسال رسائل للتعامل مع هذه الحكومة بشكل غير مباشر إلى أن تكون هناك مساعي أخرى.
واعتبر أن كل المعطيات واردة خاصة بعد الزيارات التي قامت بها بعض الدول إلى بنغازي كون أن هذه الدول لها مكانتها في المجتمع الدولي في تحول سياسي واضح بشكل منفرد، وأن هذا التغير خارج قبة بعثة الأمم المتحدة، وهو تغير داعم لهذه الحكومة، خاصة في الملف الاقتصادي الذي كان داعم كبير لحكومة حماد بالإضافة إلى الاستقرار الاقتصادي والأمني والعسكري الذي يتمتع به الشرق والجنوب الليبي.
ولفت المحلل إلى أن انقسام المجلس الأعلى للدولة أثر بشكل كبير وجعل المجتمع الدولي ينظر بنظرة مختلفة تجاه الملف السياسي، لأنه داعم لحكومة الدبيبة وبالتالي يعتبر انقسم إلى اثنين وتصاعد الصراع على من سيترأس المجلس، ومعارك محتدمة في العاصمة، ربما بدأ العد التنازلي لهذه الحكومة وربما الذهاب لحكومة جديدة.