قيادي بالانتقالي الجنوبي لـ"سبوتنيك": التسوية المقبلة في اليمن قد تضع المجلس أمام تحديات كبرى

أكد أمجد يسلم صبيح، مدير إدارة الإعلام والثقافة بالهيئة التنفيذية المساعدة للمجلس الانتقالي الجنوبي لشؤون مديريات وادي وصحراء حضرموت، أن التسوية السياسية القادمة في اليمن قد تضع المجلس الانتقالي الجنوبي أمام تحديات كبيرة، لكنها لا تشكل بالضرورة ورطة تُنهي وجوده.
Sputnik
وقال في حديثه لـ"سبوتنيك"، اليوم الخميس، المجلس الانتقالي الجنوبي يمتلك دعمًا شعبيًا واسعًا في الجنوب، وهو ما يمنحه قوة تفاوضية كبيرة، هذا الدعم نابع من عدالة قضية شعب الجنوب التي يسعى المجلس لتحقيقها، والمتمثلة في استعادة الدولة الجنوبية المستقلة ذات السيادة.
وأضاف صبيح: "من ناحية أخرى، لا يمكن إغفال أن التحديات قد تأتي من محاولات بعض الأطراف الإقليمية أو الدولية لإضعاف موقف المجلس الانتقالي، سواء من خلال الضغط السياسي أو الاقتصادي، لكن تاريخ المجلس يُظهر قدرته على الصمود أمام الضغوط والتحديات، فقد واجه بنجاح محاولات متعددة لإقصائه أو إضعافه، سواء من الحوثيين (أنصار الله)، الجماعات الإرهابية، أو الإخوان المسلمين، وخرج من هذه المواجهات أكثر قوة وثباتًا".
وتابع: "المسألة إذا ليست في مدى قدرة المجلس الانتقالي على البقاء أو التواجد، بل في كيفية تعامله مع الضغوط السياسية القادمة من التسوية المحتملة، واستمرار الحفاظ على أهدافه الأساسية، وأهمها تحقيق إرادة الشعب الجنوبي في الاستقلال والسيادة".
الحكومة اليمنية تدعو الأمم المتحدة لنقل مقراتها إلى عدن
وأكد القيادي بالانتقالي أن المجلس يدرك أن أي تسوية سياسية في اليمن، لن تكون مستقرة أو قابلة للتنفيذ إذا لم تأخذ بعين الاعتبار المطالب المشروعة للشعب الجنوبي، وأهمها استعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة بشكلها الحديث الفيدرالي، من هذا المنطلق قد تكون التسوية القادمة فرصة للمجلس لتعزيز موقفه السياسي والدبلوماسي، من خلال الدخول في حوارات ومفاوضات بناءه تسهم في تحقيق أهدافه.
واستطرد صبيح: "من المهم أن يستمر المجلس في تقوية علاقاته مع القوى الدولية والإقليمية المؤثرة، بحيث يتمكن من كسب دعمها لموقفه في أي مفاوضات قادمة، كذلك، يجب على المجلس تعزيز وحدته الداخلية والعمل على معالجة أي انقسامات قد تظهر داخل صفوفه، لأن أي ضعف داخلي يمكن أن يُستغل من قبل الأطراف المناوئة له".
وأوضح القيادي بالانتقالي أن المجلس يظل في موقف قوي إذا ما استطاع الحفاظ على تماسكه الداخلي، واستمر في تمثيل مطالب شعب الجنوب بصدق وفعالية في أي عملية سياسية قادمة، التسوية السياسية قد تشكل تحديًا، لكنها قد تكون أيضًا فرصة لتحقيق مكاسب استراتيجية تخدم قضية الجنوب بشكل أفضل.
قيادي بـ"الانتقالي الجنوبي" اليمني لـ"سبوتنيك": نحذر من خروج الأوضاع في حضرموت عن السيطرة
ومن ناحية أخرى، يقول صبيح إنه يجب على المجلس الانتقالي الجنوبي أن يدرك أن التحديات لن تأتي فقط من الخارج أو من الأطراف المناوئة، بل قد تأتي أيضًا من الداخل، من خلال تغير المزاج الشعبي أو ظهور قوى جنوبية أخرى قد تسعى لإعادة تشكيل المشهد السياسي في الجنوب، لذلك، يتعين على المجلس الانتقالي أن يكون مرنًا في استراتيجياته، وأن يتبنى مقاربة شاملة تضم كافة الأطياف الجنوبية تحت مظلته، مما يعزز من تماسك الجبهة الداخلية ويضمن استمرارية الدعم الشعبي.
ويشير صبيح، في هذا السياق، إلى أنه قد يكون من الضروري للمجلس الانتقالي أن يُعزز من حضوره في المؤسسات الحكومية وأن يسعى لتحقيق مكاسب ملموسة على الأرض تخدم الشعب الجنوبي بشكل مباشر، مثل تحسين الخدمات العامة، وتعزيز الأمن والاستقرار، ودعم التنمية الاقتصادية، هذه الخطوات من شأنها أن تعزز من ثقة الشعب بالمجلس، وتؤكد قدرته على إدارة الجنوب بفعالية.
وشدد القيادي بالانتقالي على ضرورة أن يكون المجلس مستعدًا للتعاطي بذكاء مع المتغيرات السياسية الدولية والإقليمية، خصوصًا في ظل التغيرات المستمرة في مواقف القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة ودول الخليج، وبناء تحالفات قوية ومستدامة مع هذه القوى قد يساعد المجلس في تعزيز موقفه وتجنب أي ضغوط قد تنشأ نتيجة للتسويات السياسية المحتملة.
قيادي جنوبي يكشف لـ"سبوتنيك" حقيقة الأزمة بين قبائل حضرموت والرئاسي اليمني
في النهاية، لفت صبيح إلى أن النجاح في التعامل مع التسوية السياسية القادمة يعتمد بشكل كبيرعلى قدرة المجلس الانتقالي على التكيف مع الظروف المتغيرة، والبقاء متمسكًا بأهدافه الاستراتيجية، والعمل بشكل مستمرعلى تعزيز شرعيته أمام شعب الجنوب، فالتحديات حتمية، لكن الإرادة والقدرة على التكيف والعمل الجماعي هي ما سيحدد مصير المجلس في المرحلة المقبلة.
وفي وقت سابق، أفاد مصدر حكومي يمني بأن الحكومة اليمنية وجماعة "أنصار الله"، توافقتا على تشكيل لجنة لإطلاق حوار بين الجانبين برعاية الأمم المتحدة، لحل قضايا خلافية في الملف الاقتصادي.
وقال المصدر لـ"سبوتنيك"، إن "الحكومة و"أنصار الله" توصلتا بوساطة الأمم المتحدة وسلطنة عمان، إلى اتفاق على تشكيل لجنة مشتركة لمناقشة عدد من القضايا في الشأن الاقتصادي، بينها دفع رواتب الموظفين العموميين واستئناف تصدير النفط الخام".
وأضاف أن "من بين القضايا الاقتصادية التي ستكون محل نقاش بين ممثلي الحكومة و"أنصار الله" في اللجنة المشتركة؛ معالجة الانقسام في القطاع المصرفي وتوحيد العملة وحيادية البنك المركزي اليمني، وآلية صرف المرتبات".
بعد المهلة التي منحها حلف القبائل للمجلس الرئاسي اليمني.. إلى أين يتجه التصعيد في حضرموت؟
ويأتي التوافق بين الحكومة و"أنصار الله" على تشكيل اللجنة المشتركة، بعد إعلان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غرونبرغ، في وقت سابق، توصل طرفي الصراع إلى اتفاق لخفض التصعيد في القطاع المصرفي وعمل الخطوط الجوية اليمنية، يتضمن "إلغاء القرارات والإجراءات الأخيرة ضد البنوك من الجانبين والتوقف مستقبلاً عن أي قرارات أو إجراءات مماثلة، واستئناف طيران اليمنية للرحلات بين صنعاء والأردن وزيادة عدد رحلاتها إلى ثلاث يوميا، وتسيير رحلات إلى القاهرة والهند يومياً".
ويشهد اليمن تهدئة هشة منذ إعلان الأمم المتحدة، في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول 2022، عندما توصلت الحكومة اليمنية وجماعة "ًأنصار الله"، إلى اتفاق لتمديد وتوسيع الهدنة التي استمرت 6 أشهر.
وتسيطر جماعة "أنصار الله" منذ أيلول/ سبتمبر 2014، على غالبية المحافظات وسط وشمالي اليمن، بينها العاصمة صنعاء، فيما أطلق تحالف عربي بقيادة السعودية، في 26 من مارس/آذار 2015، عمليات عسكرية دعماً للجيش اليمني لاستعادة تلك المناطق من قبضة الجماعة.
مناقشة