ويرى خبراء في الشأن الاقتصادي التونسي الليبي، أن هذه الخطوة ستكون لها تداعيات سلبية على المبادلات التجارية بين تونس وليبيا.
ومنذ منتصف أغسطس/ آب الجاري، تعيش ليبيا أزمة حادة بعد إصدار المجلس الرئاسي قرارا يقضي بعزل محافظ البنك المركزي الصديق الكبير، وسط رفض مجلسي النواب والدولة.
تأزم العلاقات التجارية بين تونس وليبيا
يرى الخبير الاقتصادي ووزير المالية التونسي الأسبق حسين الديماسي، بأن "العلاقات التونسية الليبية، هي علاقات متينة خاصة في المجال التجاري والسياحي والاستثمار".
ويضيف الديماسي، في تصريحات لـ "سبوتنيك"، بأن "العلاقات مع ليبيا متأزمة منذ أربع سنوات خاصة مع بداية جائحة كورونا والتي فرضت قيودا معينة وزادها غلق المعبر الحدودي تعقيدا".
كما أفاد الخبير الاقتصادي بأن "غلق المصرف البنكي الليبي سيزيد من تأزم العلاقات الليبية التونسية".
وتابع: "اهتزاز الاقتصاد الليبي سينعكس سلبا داخليا وخارجيا في ليبيا، وبالتالي هذا البلد سيجد نفسه في عزلة مالية ما يصعب عليه عملية المبادلات التجارية مع العديد من الدول ومن بينها تونس".
وتحتل ليبيا المرتبة الأولى بين الدول العربية والأفريقية في التبادل التجاري مع تونس، الذي بلغت قيمته 2,7 مليار دينار (نحو 850 مليون دولار) خلال العام الماضي، وفقا لإحصاءات رسمية.
وقال رئيس مجلس الأعمال التونسي الليبي، عبد الحفيظ السكروفي، في تصريح لـ"سبتونيك"، بأن "الاعتمادات المفتوحة لدى البنوك لتسيير صفقات تجارية متوقفة منذ بداية أزمة مصرف ليبيا المركزي".
وأشار إلى أن "تأخر صرف الميزانية الليبية وتتالي الأزمات يمكن أن يعرقل أهداف زيادة المعاملات الاقتصادية بين تونس وليبيا".
عجز في تسديد المستحقات
ويرى المختص في الشأن الليبي رافع الطبيب، بأنه "يوجد قسمان في التعامل مع الجانب الليبي، الأول يمر عبر التحويلات البنكية والثاني يمر عبر الاقتصاد الموازي وهو العامل الأبرز بين تونس وليبيا في حجم المعاملات".
ويضيف الطبيب لـ"سبوتنيك"، بأن "تداعيات غلق المصرف الليبي ستمس أساسا بعض التحويلات، التي كانت تصدر عن بعض البنوك الليبية لصالح شركات تونسية".
وتابع الطبيب: "تطور الوضع في ليبيا زعزع الشأن الداخلي الليبي من خلال ضرب ركيزة الاقتصاد الليبي والمتمثلة في إنتاج النفط وتصديره".
وأفاد الباحث في الشأن الليبي بأن "ضرب الاقتصاد الليبي سيجعل من هذه الدولة في عجز تام عن تسديد مستحقاتها لعديد الدول"، قائلا : "مثلا تونس وليبيا يتعاملان كثيرا في عدة مجالات وإلى اليوم تونس لديها العديد من المستحقات في المجال الصحي لدى البنوك الليبية وهذا الملف لم يغلق إلى حد الآن".
وأوضح رافع الطبيب بأن "الأحداث الأخيرة في ليبيا عقدت الوضع، الذي يبدو أنه سيصعّب عملية الخروج من الأزمة الاقتصادية، وهو ما سيوقع ليبيا في انتكاسة ستفرض عليها إيقاف التحويلات البنكية إلى عديد الدول".
تصاعد أزمة المصرف الليبي
وفي حديث لـ"سبوتنيك"، أفاد الخبير في الشأن الليبي خليفة حداد، بأن "الفوضى التي تعيش على وقعها ليبيا أثّرت على الوضع التونسي"، قائلا: "هذه الفوضى أقحمت البنك المركزي الليبي في الانقسام الليبي، بعد أن كانت تستثنيه سابقا".
ويرى حداد بأن "الشلل الذي تعيش على وقعه حركات إنتاج وتصدير النفط في ليبيا، سيكون له تأثيرات سلبية على الوضع الاقتصادي والذي قد يتسبب في تراجع الدينار الليبي وارتفاع أسعار التضخم".
وقال خليفة حداد لـ"سبوتنيك": "عدم مبادرة المجلس الرئاسي بتعيين محافظ جديد وإدارة جديدة للمصرف المركزي سيعمق الأزمة".
وتابع: "الوضع في ليبيا لا يبشر بخير ولا أعتقد أن الأزمة ستحل في القريب العاجل لأن إمكانية التوافق على محافظ جديد واردة ولكنها ضعيفة جدا".
ولفت الخبير في الشأن الليبي إلى أن "الغموض الذي يلف مصير إدارة البنك المركزي سيعرض ليبيا لخطر الانهيار الاقتصادي والمالي".
يذكر أن الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب ومقرها بنغازي (شرقا) أعلنت أول أمس الاثنين "حالة القوة القاهرة" على جميع الحقول والمواني النفطية، وذلك بإيقاف إنتاج وتصدير النفط ردا على سيطرة "لجنة تسليم واستلام الصلاحيات" المعينة من قبل المجلس الرئاسي في طرابلس، على مقر المصرف وإعفاء المحافظ الصديق الكبير.