تتكاثر معظم البكتيريا من خلال عملية لاجنسية تسمى الانشطار الثنائي، تنقسم فيها نواة الخلية الفردية التي تشكل الكائن الحي إلى نواتين، ثم تنقسم الخلية نفسها، مما ينتج عنه كائنان حيان.
واحدة من أكثر البكتيريا شيوعًا والتي تعيش في أسناننا، هي بكتيريا خيطية تسمى "بكتيريا كورين ماتروشوتيا"، حيث لا تنقسم إلى خليتين مثل معظم انقسامات الخلايا، ولكن إلى عدة ميكروبات جديدة في عملية نادرة تسمى الانشطار المتعدد.
لاحظ فريق من العلماء انقسام خلايا "ماتروشوتيا" الفردية إلى نحو 14 خلية جديدة، وهو إنجاز يمكن أن يخبرنا كيف تشكل هذه الكائنات القاعدة التي تدعم مضيفات الميكروبات الأخرى التي تسكن الفم.
تقول عالمة الأحياء الدقيقة، جيسيكا مارك ويلش، من مختبر الأحياء البحرية: "إن خلايا "بكتيريا كورين ماتروشوتيا"، في اللويحة السنية تشبه شجرة كبيرة كثيفة الأشجار في الغابة، فهي تخلق بنية مكانية توفر الموطن للعديد من الأنواع الأخرى من البكتيريا من حولها".
ولملاحظة كيف تضيف هذه الهياكل خيوطًا جديدة، استخدم الباحثون مجهر الفاصل الزمني، لمراقبة كيفية تفاعل البكتيريا داخل الميكروبيوم مع بعضها بعضا، وكيف تتعايش، وتنتشر، وتنمو في الوقت الفعلي. وهنا رأوا أن الانقسام الخلوي غير المعتاد لـ "بكتيريا كورين ماتروشوتيا" لم يكن من النوع الثنائي الطبيعي، بل كان أكثر غزارة. ويفعل ذلك بطريقة غريبة للغاية.
أولاً، يمتد الخيط عند أحد الطرفين فقط، وينمو لفترة أطول بكثير من الحجم المعتاد للخلية. ويفعل ذلك بمعدل أسرع بخمس مرات من الأنواع الأخرى ذات الصلة الوثيقة بـ "بكتيريا كورين ماتروشوتيا" التي تعيش في الأنف أو على الجلد. ثم يتشكل عدد من الجدران الفاصلة تسمى الحواجز في وقت واحد، قبل أن تنقسم الخلية إلى ما بين 3 و14 خلية كاملة.
وبفضل هذه العملية الغريبة، يمكن لمستعمرة من "بكتيريا كورين ماتروشوتيا" أن تنمو بسرعة كبيرة بالفعل، حتى نصف ميليمتر في اليوم، وهو ما قد يساعد في تفسير سبب عودة "البلاك" (طبقة لزجة من البكتيريا على الأسنان) إلى أسنانك في غضون ساعات، بغض النظر عن مدى صعوبة تنظيفها.
يقول عالم الأحياء الدقيقة، سكوت شيميلسكي، في مختبر الأحياء البحرية في الولايات المتحدة: "هذه الأغشية الحيوية تشبه الغابات المطيرة المجهرية. تتفاعل البكتيريا الموجودة في هذه الأغشية الحيوية مع نموها وانقسامها. ونعتقد أن دورة الخلية غير العادية لـ"بكتيريا كورين ماتروشوتيا" تمكن هذا النوع من تكوين هذه الشبكات الكثيفة للغاية في قلب الأغشية الحيوية".
هناك شيء آخر مثير للاهتمام حول هذه البكتيريا، وهو أنه يفتقر إلى السوط، الزائدة الشبيهة بالسوط التي تستخدمها البكتيريا الأخرى للتنقل. ولأنها ثابتة في مكانها، فإن نموها السريع قد يكون وسيلة لاستكشاف بيئتها والبحث عن مصادر الغذاء، وفقا للباحثين.
وبحسب الدراسة المنشورة في مجلة "ساينس أليرت" العلمية، فإن هذا هو السبب وراء اكتساب الميكروب ميزة تنافسية في البيئة المزدحمة بالبكتيريا في فم الإنسان.