وأبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المبعوث الأمريكي آموس هوكستين، الذي يزور إسرائيل بأنه يسعى الى "تغيير جذري" على الحدود الإسرائيلية اللبنانية حيث يستمر القصف المتبادل بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي.
وقال نتنياهو خلال اجتماعه بهوكاستين، بحسب بيان لمكتبه، إنه "لن يكون ممكناً إعادة السكان النازحين من دون تغيير جذري في الوضع الأمني في الشمال"، مضيفاً أن "إسرائيل تقدر وتحترم دعم الولايات المتحدة، لكنها في النهاية ستفعل ما هو ضروري للحفاظ على أمنها"، وفقا للعربية.
وأكد المبعوث الأمريكي إلى لبنان، أن "شن عملية عسكرية واسعة ضد لبنان لن يعيد الأسرى وسيعرض إسرائيل للخطر".
وطرح البعض تساؤلات بشأن زيارة المبعوث الأمريكي، ومدى إمكانية نجاحها في احتواء الموقف، لا سيما بعد فشل الجهود الأمريكية والدولية في وقف الحرب بقطاع غزة.
عرض أمريكي
قال الدكتور أحمد فؤاد أنور، الأكاديمي المصري، والخبير في الشؤون الإسرائيلية، إن الولايات المتحدة تسعى لتقديم عرض اللحظة الأخيرة للجبهة اللبنانية، وهو عرض سخي بشأن تحويل الخط الأزرق إلى خط حدودي دولي يراعي التحفظات اللبنانية عليه، وكذلك وضع قوى "حزب الله" في مزارع شبعا.
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، العرض الأمريكي الذي يحمله المبعوث الأمريكي هوكاستين، يترافق مع تسريبات إسرائيلية بأن الهجوم البري على لبنان قادم، وأنه وشيك وأن هناك تحذيرات للسكان في الجنوب، وهو ما يعد تطبيقا لسياسة العصا والجزرة، عبر التلويح بالتصعيد العسكري في مقابل عرض سياسي أمريكي.
وقال إن المبعوث الأمريكي شخصية إسرائيلية في الأصل، وسبق له الخدمة في الجيش الإسرائيلي، ومن غير المتوقع أن يقدم خططا عملية تخدم الجانب اللبناني، حيث يسعى لتحقيق مصالح إسرائيل الأمنية بكل الطرق والسبل.
ويرى أن الانقسام الإسرائيلي الداخلي، والحديث عن محاولة نتنياهو تغيير وزير الدفاع، وتهيئة الرأي العام لهذا الإجراء، واستدعاء البديل، ساعار، الذي لديه خصومة كبيرة مع نتنياهو يجعل الداخل الإسرائيلي في حالة ضعف وتخبط، وفي نفس الوقت هناك مزايدات من قبل نتنياهو والأبواق المناصرة بشأن المواجهة مع لبنان.
ويعتقد أنور أن التسوية السياسية في لبنان هي الأقرب، طالما لم تشمل أصل المشكلة المتمثلة في احتلال الأراضي، وهناك رغبة أمريكية في مساندة تل أبيب، لكن سياسة العصا والجزرة لن تتحقق في ظل قدرات المقاومة وهو ما ثبت أخيرا من قبل الحوثي الذي فشلت القبة الحديدة في إسقاط صواريخه.
وأكد خبير الشؤون الإسرائيلية أن الأيام القادمة ستشهد محاولات لشن حربا نفسية على الجانب اللبناني، حتى يقبل العرض الأمريكي، لكنها ستفشل في النهاية في ظل عدم حياديتها وعدم توازنها في عرض هذه المقترحات.
تطويق الأزمة
في السياق، اعتبر سركيس أبو زيد، المحلل السياسي اللبناني، أن زيارة المبعوث الأمريكي عادية جدا، حيث لا تتضمن إمكانية أن تمارس الولايات المتحدة أي ضغط، خاصة على إسرائيل، في ظل تباين وجهات النظر، إصرار الحكومة الإسرائيلية لا سيما نتنياهو على رفض وقف إطلاق النار في غزة أو لبنان، بل يعتمد سياسة الحرب الدائمة والمستمرة، حيث يرفض قيام دولتين، أو إعطاء دولة فلسطينية، وهذه الأمور لن تؤدي إلى حل سياسي.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فالمبعوث يسعى إلى عدم توسيع الحرب، التي يمكن أن تورط الولايات المتحدة الأمريكية في حرب إقليمية أو دولية مع إيران، وهي لا ترغب في هذا الأمر، خاصة مع قرب الانتخابات الرئاسية، فواشنطن تسعى إلى وقف إطلاق النار وإيجاد تسوية، لأن الانتخابات تلزم الحزب الديمقراطي بأن يكون على علاقة جيدة مع الناخب العربي والإسلامي من جهة، بالإضافة إلى الأصوات الصهيونية.
ويرى أن الولايات المتحدة تحاول تطويق الأزمة، وإيجاد الحلول حتى لا تنجر لحرب إقليمية تورطها بنتائج لا ترغب بها، بيد أن نتنياهو وحكومته العنصرية يصعدان باتجاه الحرب، حيث يرفضا الوصول إلى تسوية تقدم إسرائيل خلالها تنازلات للفلسطينيين، بل تسعى الحكومة لتهجير الفلسطينيين واعتماد مبدأ الإبادة والتصعيد المستمر والدائم.
ويعتقد أن زيارة المبعوث الأمريكي تأتي لتطويق التصعيد دون إيجاد حلول، باعتبار أن الظرف غير مناسب الآن للضغط على إسرائيل لإيجاد تسوية، فيما من المتوقع أن تبقى الأمور بالمنطقة في حالة حرب استنزاف حتى الانتخابات الأمريكية، عندما تحسم الأمور، وينتخب الرئيس القادم سيعتمد سياسة حازمة في المنطقة من أجل إيجاد حلول جدية، لكن رغم هذا الوضع المتأزم هناك اتصالات خارج الأضواء تقودها العديد من الدول لتجنيب العالم احتمالية الانجرار لحرب كبرى يخسر فيها الجميع.
وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، أن "حزب الله اللبناني يواصل ربط نفسه بحماس ويرفض إنهاء الصراع".
وخلال لقائه بالمبعوث الأمريكي إلى لبنان آموس هوكاستين، أكد غالانت أن "الطريقة الوحيدة لإعادة سكان الشمال إلى منازلهم هي من خلال العمل العسكري"، موجها الشكر للمبعوث الأمريكي على جهوده في إعادة النظام إلى الحدود الشمالية.
وشدد وزير الدفاع الإسرائيلي على "أهمية الدعم الأمريكي لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وإعادة سكان الشمال إلى منازلهم بعد تغير الوضع الأمني في المنطقة الحدودية".
وكان الجيش الإسرائيلي، قد علّق أمس الأحد، على المناشير التي تدعو سكان قرى جنوبي لبنان، إلى مغادرة منازلهم.
وأفادت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، بأن "قرار إلقاء هذه المناشير لم يحصل على موافقة القيادة العليا، وأنه تمت المباشرة بالتحقيق في الحادث"، مؤكدة أن "التحقيق الأولي كشف أن قائد أحد الألوية العسكرية اتخذ قرار توزيع المنشورات والدعوة إلى إخلاء منطقة الوزاني بحلول الساعة 16:00 من تلقاء نفسه".
وقالت الصحيفة إن "منطقة ميس الجبل شهدت تسجيل خروج السكان من القرية بعد تحميل ممتلكاتهم على الشاحنات"، مدعية أن "عملية الإخلاء تمت بالتنسيق مع الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل".
وكانت القناة 13 الإسرائيلية، قد أفادت مساء السبت الماضي، بأن بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، قرر توسيع العملية العسكرية في الجبهة الشمالية في وجه "حزب الله" اللبناني.
ونقلت القناة الإسرائيلية عن نتنياهو خلال جلسة عقدت، الخميس الماضي، لبحث التصعيد على الجبهة الشمالية، أن الجيش الإسرائيلي بصدد القيام بعملية موسعة وقوية في الجبهة الشمالية، دون تحديد موعد.
وأشارت القناة إلى أن مسؤولين أمنيين، قالوا إن "توسيع الحرب في الشمال سيتطلب في المقابل تقليص الوجود العسكري في غزة، وأي تحرك لتغيير الواقع الحالي على الأرض في الشمال قد يؤدي إلى حرب واسعة النطاق".
ولم تكتف القناة بذلك، بل نقلت عن مصدر مسؤول مقرب من دائرة رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه "لم يتم تحديد موعد للتحرك العسكري، لكنه موعد في المستقبل القريب".
وفي السياق نفسه، أعلن "حزب الله" اللبناني، أول أمس السبت، استهداف مخازن التسليح والطوارئ التابعة للواء المدفعي والصواريخ الدقيقة "282" التابع للجيش الإسرائيلي، شمال غرب بحيرة طبريا.
وقال الحزب، في بيان، إن عناصره استهدفت مخازن التسليح والطوارئ التابعة لقاعدة "282" في يفتاح إليفليط، بعشرات الصواريخ من طراز "كاتيوشا"، مضيفا أن هذه العملية "جاءت رداً على اعتداءات الجيش الإسرائيلي على القرى الجنوبية والمنازل الآمنة وخصوصاً في بلدة كفرمان، ودعماً للشعب الفلسطيني الصامد في قطاع غزة، وإسناداً لمقاومته الباسلة والشريفة".
يأتي ذلك فيما يتواصل الاستهداف المتبادل جنوبي لبنان، بين "حزب الله" من جهة والجيش الإسرائيلي من جهة أخرى، منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حيث يتبادل الجانبان القصف عبر الحدود بشكل شبه يومي.
إلا أن حدة التوترات تصاعدت، في الآونة الأخيرة، إلى حد كبير متزامنة مع تهديدات إسرائيلية بشن هجوم موسع على الجبهة الشمالية مع لبنان.
وتتزايد المخاوف عالميا من نشوب حرب بين إسرائيل و"حزب الله"، قد تتحول إلى صراع إقليمي أوسع يجر دولا أخرى في المنطقة.