وزير الخارجية اللبناني السابق: ما يحصل في الشرق الأوسط تفاوض بالنار ونحن على شفير تفجير المنطقة
19:38 GMT, 23 سبتمبر 2024
أكد وزير الخارجية اللبناني السابق، فارس بويز، أنّ "ما يحصل اليوم في منطقة الشرق الأوسط هو تفاوض بالنار، ولا أحد يعلم إلى أين ستذهب الأمور، خاصة أنّ الحروب نادراً ما تتيح لأي طرف التأكيد على قدرته في ضبط الإيقاع".
Sputnikوأضاف في حديث لـ إذاعة "سبوتنيك" أنّه "حتى اللحظة، نشعر أننا نتخطى حدود هذا التفاوض تدريجياً ونتجه نحو المجهول، وكل الأحداث مرتبطة بالمباحثات الأمريكية الإيرانية".
وأشار إلى أنّ "إيران تتألم جراء العقوبات الأمريكية على صادراتها النفطية، التي أدت إلى تجميد مليارات الدولارات منذ عام 1987، كما تواجه البلاد مشكلة اقتصادية داخلية تهدد النظام، مما يفرض عليها فتح باب المفاوضات مع الولايات المتحدة، إذ أنّ إيران تأمل من هذه المفاوضات أن تُرفع العقوبات وتُستعاد أموالها المجمدة، لكنها لن تتراجع عن مشروعها النووي ودورها الإقليمي والسياسي، من جهة أخرى، تسعى الولايات المتحدة، بإدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن، إلى إنهاء ولايته بتسوية سياسية تعزز موقف المرشحة كامالا هاريس، وبايدن لا يرغب في إنهاء فترة رئاسته بحرب إقليمية، وينظر إلى إمكانية تحرير المليارات من الأصول الإيرانية ورفع العقوبات على أنها وسيلة لتحقيق نوع من التهدئة الإقليمية مع إيران".
وأشار بويز إلى أنّ "هناك فريقًا ثالثًا يُعتبر الأخطر في هذه المعادلة، وهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي يسعى إلى أن يسجّل في تاريخ إسرائيل كزعيم يتفوق على "بن غوريون"، من خلال إنقاذ إسرائيل من خطر السلاح النووي الإيراني فيهدف إلى تدمير هذا السلاح، ويسعى لجر الولايات المتحدة إلى معركة مباشرة مع إيران".
ولفت بويز إلى أنّ "نتنياهو، وكلما اقترب من الوصول إلى حل في مفاوضات غزة، يسعى إلى نسف هذه الحلول، وعندما يحقق فريقه المفاوض تقدمًا، يقوم بتغيير هذا الفريق، وعندما تقترب الأمور من الحل في غزة، يحاول إشعال الأوضاع في الضفة الغربية، وينتقل بعد ذلك إلى لبنان، حيث يسعى لإشعال ما يسميه "الجبهة الشمالية" تحت ذريعة عودة المستوطنين، ومن هنا، يسعى نتنياهو، مهما كلّف الأمر، إلى كسب الوقت وتمرير الأشهر قبل الانتخابات الأمريكية دون التوصل إلى حل بين أمريكا وإيران".
ورأى بويز أنّ "المشكلة تكمن في ضعف الإدارة الأمريكية، التي من جهة لا تريد توسيع رقعة الحرب، ومن جهة أخرى، تقوم بإعادة الأسطول الأمريكي إلى البحر الأبيض المتوسط كرسالة دعم لإسرائيل، وتزويد إسرائيل بأخطر الأسلحة والذخائر، بما في ذلك الصواريخ المتفجرة التي تصل عمق انفجارها إلى 20 مترًا".
وأوضح أنّه "لا ينبغي أن ينخدع أحد بالاعتقاد أن واشنطن دائمًا مدافعة عن تل أبيب، إذ أن اسرائيل هي جزء لا يتجزأ من الولايات المتحدة، وأمنها يؤثر بشكل كبير على القرار الأمريكي في ما يتعلق بسياسة الشرق الأوسط من خلال نفوذها القوي، بالإضافة إلى ذلك، هناك وقاحة تاريخية من قبل إسرائيل، حيث تضع إسرائيل نفسها والعالم، وخاصة أمريكا، أمام الأمر الواقع".
وتساءل بويز"عما إذا كانت الولايات المتحدة، من خلال سياستها المتأرجحة، تعاني من عجز أو تمارس خبثًا من أجل منح إسرائيل الوقت الكافي لتنفيذ ما ترغب فيه".
وكشف عن "اتفاق أمريكي إسرائيلي غير مكتوب يقضي بأن تمتنع واشنطن من الضغط على تل أبيب في
كل القضايا السياسية المتعلقة بالشرق الاوسط".وتابع قائلًا: "حتى هذه الساعة، هناك ضغوط أمريكية بسيطة جدًا على إسرائيل، بينما تُمارس ضغوط كبيرة على باقي الأطراف بهدف عدم توسيع المعركة، في الوقت الذي تعتمد فيه إيران سياسة عدم الذهاب نحو الحرب الشاملة في الوقت الحالي، وفي هذا السياق، يظهر فريق رابع يتمثل في "حزب الله"، الذي يُعتبر حزبًا سياسيًا ومنظمة عسكرية، يمتلك حسابات عسكرية معقدة تجعله مضطرًا للرد وفقًا لاعتبارات سياسية داخلية وخارجية".
وبيّن بويز أنّ "الجميع يعلم أن "حزب الله" مرتبط بإيران، وبالتالي لا يمكنه فعلاً تقويض المشاريع الإيرانية، وإذا كانت لطهران مصلحة كبيرة في التفاوض مع واشنطن، فلن يتمكن "حزب الله" من
إشعال حرب شاملة قد تفسد هذه المفاوضات، وعليه، فإنّ الحزب مقيد باعتبارات سياسية تفرض عليه التوازن بين مصالحه ومصالح حليفه الإيراني".
ولفت بويز إلى أنّ "خلال هذه المعركة هناك 3 أفرقاء لا يريدون الحرب، طهران وواشنطن و"حزب الله"، بينما الطرف الوحيد الذي يسعى إليها هو الحكومة الإسرائيلية لأّنها تظن أنها قادرة على تحقيق مكاسب سياسية، وبالتالي لا يمكن التكهن كيف ستكون الأمور في الأيام المقبلة لا سيّما أننا تخطينا ما سُمي بقواعد الاشتباك والخطوط الحمر وبتنا على حافة الانفجار الإقليمي الكبير".
وشدد بويز أنّه "في حال وقع الاشتباك الشامل بين المحورين سيتضرر كل من لبنان وإيران والولايات المتحدة".
ورأى أنّ "ما هو مؤكد أن
إسرائيل هي التي تسعى إلى هذا الاشتباك، وتعتبر نفسها الأقل ضررًا في سياق السياسة الإقليمية، إلا أنّه وفي ظل عملية عسكرية كبيرة، قد تتجاوز المقاومة جميع الحسابات السياسية، وقد تضطر إلى رد فعل متناسب بغض النظر عن النتائج المحتملة".
وحذّر بويز من " نفوذ صبر إيران، على اعتبار أنّها تعطي للمفاوضات كل الفرص المتاحة، لكن إذا شعرت إيران أن حلفاءها قد انهاروا لأسباب معينة، أعتقد أنها لن تتردد في دخول المعركة مهما كلفها الأمر".