بعد نحو ثلاث سنوات من القطيعة الدبلوماسية، فرضت الجزائر التأشيرة على حاملي الجواز المغربي، لأسباب أمنية، وفق بيان الخارجية الجزائرية.
لم تعلق المغرب على الخطوة حتى الآن، في ظل ترجيحات لبرلمانيين وخبراء مغاربة، بأن بلادهم لن ترد بنفس القرار لعدة اعتبارات، في المقدمة منها الإبقاء على صلة الرحم بين العائلات، وكذلك الإبقاء على اليد الممدودة للجزائر.
وقررت الجزائر إعادة العمل الفوري بالإجراء الخاص بضرورة الحصول على تأشيرة الدخول إلى التراب الوطني الجزائري،على جميع المواطنين الأجانب الحاملين لجوازات سفر مغربية، وفق بيان الخارجية الجزائرية.
ما مصير اتحاد المغرب العربي؟
كانت دول "اتحاد المغرب العربي" تتيح التنقل والسفر دون الحاجة لتأشيرة دخول، غير أن القرار الجديد من الجزائر، فتح الباب لتساؤلات حول مصير الآلية المعمول بها مع الدول الأخرى، وكذلك بشأن أسباب القرار.
وقال بيان الخارجية الجزائرية إن "الجزائر التي لطالما التزمت بقيم التضامن والحفاظ على الروابط الإنسانية والعائلية، التي تجمع بين الشعبين الشقيقين الجزائري والمغربي، تفادت، منذ إعلانها قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع المملكة المغربية، في أغسطس 2021، المساس بحرية وسيولة تنقل الأشخاص".
في الإطار، قال البرلماني المغربي، نور الدين قربال، إن الجزائر سبق وأن طردت نحو 350 ألف من المغاربة، في أعقاب المسيرة الخضراء التي نظمها المغرب باتجاه الصحراء.
لا تغير في الواقع السياسي
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن القرار الجزائري لا يغير أي شيء على الواقع السياسي، بل يمتد تأثيره إلى الجوانب الاجتماعية والإنسانية، إذ يتسبب في قطع العلاقات بين العائلات وبعضها.
ويرد البرلماني الجزائري على التصريحات البرلمانية الجزائرية بأن إجراءات أمنية وراء الخطوة، بأن حقيقة الأمر أن الجزائر تصرف أنظار الشارع الجزائري تجاه أزمة خارجية في ظل الأزمة التي تعانيها داخليا.
ويرى البرلماني المغربي أن سلطات بلاده لن ترد بمثل القرار، ولا يجب أن تتخذ نفس القرار، بل تبقي على تواصل العائلات في البلدين وعدم قطع صلة الرحم.
قرارات متتالية؟
من ناحيته قال نوفل البوعمري، الباحث السياسي، إن الجزائر منذ مدة تتخذ إجراءات أحادية الجانب، اتخذت طابعا عدائيا بدءاً من قرار إغلاق الأجواء الجوية الجزائرية في وجه الطيران المغربي، ثم قطع العلاقة الدبلوماسية مع المغرب، وغيرها من الإجراءات والقرارات، آخرها فرض التأشيرة على المغاربة الراغبين زيارة الجزائر.
يضيف في حديثه مع"سبوتنيك"، أن فرض التأشيرة تأتي في نفس الإطار، في حين أن المغرب ظل متشبثاً بخيار مد اليد للجزائر والرهان على الحوار والتعقل والاستجابة لمطالب الشعبين، في فتح الحدود وبناء علاقات فيها احترام للقضايا الحيوية للبلدين وتحقق التكامل خاصة الاقتصادي منه.
وتابع: "المغرب كما السابق لن يُعلق على هذه الخطوة، ولن ينساق وراء "حرب" دينكوشيطية، بل كما تصرّف سابقا سيتصرف الآن، لا رد لا تعليق، ولا انسياق وراء ردود فعل دبلوماسية".
ويرى أن القرار الجزائري لا انعكاس له على المنطقة بفعل كون المغرب اتخذ مساره على المستوى الإقليمي من خلال المبادرات التي أطلقها بالمنطقة أخرها المبادرة الأطلسية التي انفتح فيها على دول الساحل، و مشروع أنبوب الغاز الذي يجمع نيجيريا بالمغرب و غيرها من المشاريع الاقتصادية الكبيرة.
وتابع بوعمري: "بالتالي فالمغرب ماضٍ في طريقه ولا يمكن لهكذا قرارات أن تعرقل مساره ولا أن يكون لها انعكاس، كما القرارات السابقة".
بشأن تأثير الخطوة على المستقبل واحتمالية إعادة العلاقات مرة أخرى، قال الباحث المغربي: "العلاقة المغربية - الجزائرية أفقها الحالي في ظل استمرار نفس الاختيارات الخارجية للجزائر لن تؤدي إلا إلى المزيد من الاختناق، ومن زرع الشك في بناء علاقات دبلوماسية متوازنة، خاصة أن الجزائر مُصرّة على الترويج لنفس الادعاءات المضللة وغير الحقيقية".
توضيح جزائري
فيما يقول البرلماني الجزائري، علي ربيج، إن فرض التأشيرة على حاملي جواز السفر المغربي، يرتبط بأسباب أمنية، وفق ما أكدت الخارجية الجزائرية.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن لدى الجزائر تخوفات، من دخول عناصر تابعة لإسرائيل بالجواز المغربي إلى البلاد.
ويرى أن الشق السياسي المرتبط بالتوترات بين البلدين، يعود لطبيعة العلاقات بين المغرب وإسرائيل، وهي التي تثير مخاوف الجانب الجزائري.
وأشار إلى أن الواقع الحالي لا يحتمل معه المضي قدما نحو إعادة العلاقات بين البلدين، وأنه في ظل بقاء العلاقات بين المغرب وإسرائيل، فإن عودة العلاقات بين الرباط والجزائر تبقى مستحيلة.
إغلاق الحدود
يشار إلى أن إغلاق الجزائر الحدود البرية في أغسطس عام 1994، جاء ردا على قرار المغرب فرض التأشيرة على رعاياها من جانب واحد، إثر حادث تفجير فندق أسني في مراكش التي اتهمت الجزائر بالوقوف ورائه، وهو ما نفته الجزائر حينها، وفي فترة لاحقة ألغت الرباط في العام 2004 التأشيرة، وتلاه قرار مماثل للجزائر في العام 2005.
اتحاد المغرب العربي
يضم الاتحاد دول المغرب العربي، أنشئ رسميا عام 1989 بهدف توحيد الجهود للنهوض بالمنطقة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، حيث ظهرت الفكرة قبل استقلال كافة الدول العربية، وعقد أول مؤتمر للأحزاب المغاربية في مدينة طنجة بتاريخ 28-30 أبريل/نيسان 1958 ضم ممثلين عن حزب الاستقلال المغربي، والحزب الدستوري التونسي، وجبهة التحرير الوطني الجزائرية.
في فترة لاحقة جرى إنشاء اللجنة الاستشارية للمغرب العربي عام 1964، وكذلك بيان جربة الوحدوي بين ليبيا وتونس عام 1974، ومعاهدة مستغانم بين ليبيا والجزائر، ومعاهدة الإخاء والوفاق بين الجزائر وتونس وموريتانيا عام 1983.
في 10 يونيو/حزيران 1988، اجتمع قادة المغرب العربي بمدينة زرالده في الجزائر، وصدر "بيان زرالده" الذي عكس الرغبة في تحقيق الوحدة. في 17 فبراير/شباط 1989، في مدينة مراكش، أعلن تأسيس الاتحاد من قبل خمس دول هي المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا.
وقررت الجزائر إعادة العمل الفوري بالإجراء الخاص بضرورة الحصول على تأشيرة الدخول إلى التراب الوطني الجزائري، على جميع المواطنين الأجانب الحاملين لجوازات سفر مغربية، وفق بيان الخارجية الجزائرية.