وأكد الجانب الإسرائيلي، بعد الضربة، أنه سيرد على إيران، فيما أعلنت الدول الغربية دعمها لما أسمته بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، في مقابل إعلان محور "المقاومة" جاهزيته للتصدي للاعتداءات الإسرائيلية على لبنان.
وتنذر التطورات الأخيرة بمواجهة كبرى باتت أقرب من أي وقت مضى، الأمر الذي يطرح تساؤلات عدة بشأن السيناريوهات المرتقبة، وما إن كان الغرب يدعم مواجهة إقليمية مفتوحة أو أنه سيُجبر إسرائيل على عدم المغامرة بذلك، رغم رغبة نتنياهو في الحرب المفتوحة، وفق الخبراء.
تشير تقديرات الخبراء إلى أن إيران استعدت لسيناريو الحرب، وأن قرارها بعد فترة طويلة من الصبر الاستراتيجي، جاء بعد دراسة التداعيات بشكل دقيق ومن بينها المواجهة الشاملة.
من ناحيته، قال البرلماني السوري السابق، مهند الحاج علي، إن "الصبر الاستراتيجي الذي كان يتمتع به محور المقاومة قد نفذ وهذا ما دل عليه هجوم الأول من أكتوبر الإيراني، على الكيان الصهيوني".
"نفاد الصبر الاستراتيجي"
وأضاف الحاج علي، في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "نفاذ الصبر الاستراتيجي، جاء نتيجة الاستفزازات الإسرائيلية بدعم أمريكي غربي لا محدود وخروج الأوضاع عن قواعد الاشتباك المتعارف عليها مع الكيان، بعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023".
وتابع: "يبدو أن قادة المحور سواء كانوا دولا أو حركات تحررية، قد اتخذوا هذا القرار بشكل جماعي، مع ملاحظة أن نتنياهو راغب في كسر حرب الاستنزاف التي فرضها عليه المحور بالهروب للحرب المفتوحة وجر الولايات المتحدة خلفه لحمايته".
ولفت إلى أن "الكرة أصبحت في الملعب الإسرائيلي - الأمريكي، إما بتقبّل الضربة أو القيام برد محدود لحفظ ماء الوجه، على غرار ما فعل الكيان بعد عملية الوعد الصادق الأولى أو إنهم سيستغلون الفرصة بضرب المفاعلات النووية الإيرانية والذهاب لحرب قد تكون عالمية وليست إقليمية فقط".
وأشار إلى أن "إيران ليست لوحدها، ويبدوا أنهم لم يتخذوا هذا القرار إلا من خلال التشاور مع روسيا والصين، حيث ضمنوا الدعم الشرقي لهم في حال الذهاب للحرب".
هل استعدت إيران للحرب؟
ويواصل مهند الحاج علي بالقول: "إيران يبدو أنها جاهزة للحرب، خاصة أنها اتخذت القرار بعد صبر طويل، ودرست تداعياته وجهزت نفسها على أساسه، أما المقاومة العراقية فقد أعلنت جهوزيتها مع المقاومة السورية والعشائر السورية، ويمكن أن نشاهد ارتفاع وتيرة استهداف القواعد الأمريكية غير الشرعية في سوريا والعراق".
واستطرد: "حزب الله" اللبناني في الـ48 ساعة الأخيرة، في موقف عسكري متقدم جدا، إذ مازالت جبهة الإسناد مشتعلة بيد، وفي اليد الأخرى يقومون بتكبيد العدو خسائر فادحة بريا، أما المقاومة اليمنية فهي مستمرة في قصف العدو بالصواريخ الباليستية، وأعلنت جهوزيتها في إرسال المقاتلين لفلسطين المحتلة، وعلى الجانب الآخر، تتابع واشنطن تعزيز تجهيزاتها الدفاعية عن قواعدها في غرب آسيا وأعلنت إرسال بضعة آلاف من الجنود للمنطقة، في ظل استمرار الدعم البريطاني للكيان".
هل يخوض الغرب مواجهة شاملة؟
ويرى الحاج أنه "من الصعب أن يقدم الغرب بهجوم شامل على المحور، خاصة أن ساحة المقاومة تقارب 5 مليون كيلو متر مربع، يصعب معها عملية السيطرة الغربية، لكن الغرب قد يلجأ إلى ضربات مركبة باتجاه سوريا ولبنان واليمن والعراق".
مشاركة أمريكية
في الإطار، قال المحلل الاستراتيجي محمد سعيد الرز، إن "أمريكا تمارس دورها السياسي والدبلوماسي في الشرق الأوسط".
وتابع: "بنيامين نتنياهو، هو الذي يقرر، وتتبع واشنطن تعليماته وقراراته، وتمارس المناورات للتغطية على تبعيتها هذه، وتمضي في موقفها السياسي من المجازر والإبادة، والإطاحة بقرارات ومواقف المجتمع الدولي، بعبارة واحدة هي "أن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "أكاذيب واشنطن حيال الجرائم الإرهابية الإسرائيلية في غزة ولبنان والضفة الغربية بما فيها عمليات الاغتيال تتمثل في قولها أنها لم تكن تعلم، في حين أنها تشارك التخطيط والتنفيذ، وهي إدعت أنها لم تكن تعلم بالحرب على لبنان، وتبين أن مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، شارك في اجتماع تل أبيب في الرابع من أغسطس بوضع السيناريو الكامل للحرب على لبنان".
أكاذيب واشنطن
واستطرد الرز: "واشنطن قدمت للقيادة الإيرانية سلسلة وعود مقابل عدم الثأر لمقتل إسماعيل هنية في طهران، وهي وعود أكدت فيها أمريكا أنها ستوقف قريبا الحرب على غزة وستنهي الاشتباكات في الجنوب اللبناني، وستلغي الحجر على الأموال الإيرانية، لكن كل ذلك ذهب أدراج الرياح، بل سكتت واشنطن على تهديدات نتنياهو لإيران وتخطيطه لتشكيل شرق أوسط جديد فوق جماجم الفلسطينيين واللبنانيين"
ويرى أن "قرار الحرس الثوري الإيراني بضرب إسرائيل، وإعلان الرئيس الإيراني، مسعود بزكشيان، أن أمريكا خدعت طهران، جاء تأكيدا على أكاذيب واشنطن".
وأضاف أن "تهديد نتنياهو بالرد على إيران، يأتي في الوقت الذي تعود فيه الإدارة الأمريكية إلى مناوراتها وأكاذيبها المعتادة، بأن تل أبيب أبلغتها أن الرد سيأخذ المزيد من التحضير، أو بأن إسرائيل لن تستهدف سوى منابع إنتاج النفط الإيراني، أو أن الاعتداء على المفاعل الإيراني مستبعد".
وختم بقوله: "ليس هناك شك في أن نتنياهو سيرد بضربة ضد طهران بالتخطيط والتنفيذ المشتركين مع إدارة البيت الأبيض، وستذهب أمريكا بعيدا حتى لو لامس الأمر حربا عالمية جديدة، لأنها تعتبر أن نتنياهو يشكل رأس حربة في المخطط الأمريكي والأطلسي لإعادة تشكيل شرق أوسط جديد، يخدم الدور العالمي لأمريكا، الذي تحاول فيه رفع سدود بوجه تمدد محور الشرق، وإرساء نظام عالمي قوامه تعدد الأقطاب".
وأعلن الحرس الثوري الإيراني، مساء يوم الثلاثاء الماضي، أنه نفّذ هجوما ضد إسرائيل بعشرات الصواريخ، وذلك ردا على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الفلسطينية إسماعيل هنية، والأمين العام لـ"حزب الله" اللبناني، حسن نصر الله، وقائد فيلق القدس الإيراني بلبنان، عباس نيلفروشان، بينما قالت إسرائيل إن الهجوم الإيراني كان فاشلا، ولم يحقق أي خسائر متوعدة بالرد في المكان والزمان المناسبين.
وبعد تأكيد طهران أن هجومها الصاروخي كان ناجحا بنسبة تجاوزت الـ90% وتوعد إسرائيل بالرد، ستكشف الأيام المقبلة حقيقة من يمتلك قوة الردع الفعلية في المنطقة، وهل أصبحت الغلبة للصواريخ الإيرانية الخارقة أم ستغير طائرات إسرائيل الشبحية واقع الردع الذي فرضته إيران على إسرائيل بهجومها الصاروخي الأخير.