وشدد في مقابلة خاصة مع "سبوتنيك"، على أهمية قطاع التعدين سواء للمملكة أو للعالم، حيث بات الركيزة الأساسية للتحول نحو الطاقة النظيفة، مؤكدًا أن هذا القطاع استفاد كثيرًا من التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي في تقليل المخاطر وزيادة الإنتاجية.
وأكد الخريف أن المملكة لديها علاقات اقتصادية قوية مع دول مجموعة بريكس، وأنها تعمل مع هذه الدول بشكل كبير، وهناك نقاط تقارب مع بضعها، معتبرًا أن المملكة تبذل جهودا كبيرة مع هذه الدول، وتسعى لزيادة التعامل التجاري معها.
وإلى نص المقابلة..
بداية.. حدثنا عن أهمية النسخة الحالية من مبادرة مستقبل الاستثمار، وما الذي يميزها عن السنوات السابقة؟
مبادرة مستقبل الاستثمار اليوم تعتبر منصة مهمة للمملكة لجذب انتباه العالم فيما يتعلق بالمستثمرين، وتعد فرصة لأن تبرز المملكة القطاعات المستهدفة فيها، وأن يطلع المستثمرون حول العالم بما نحرزه من تقدم في تنفيذ استراتيجيتنا المختلفة، وتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030.
بالعودة للخلف، لأول نسخة من المبادرة حضرتها كوزير، اليوم هناك اختلاف جذري كبير في نوعية الحضور، واهتمامهم بالمجالات المختلفة، في فهمهم للاستراتيجيات الوطنية المختلفة، وفي فهمهم لنوعية الصناعات والمنتجات التي نستهدفها، نحن اليوم نتحدث مع الشركات عن تفاصيل معينة في قطاعات محددة.
برأيك.. ما الذي يميز المملكة ليدفع المستثمرون إليها؟
بات لدينا سجلا حافلا من الإنجازات والممكنات الواضحة؛ السياسات التي تم إقرارها والعمل بها خلال السنوات الماضية، جعلت المستثمر ينظر إلى السوق السعودي، والاستثمار في المملكة بارتياح كبير جدا، من حيث الأنظمة والتشريعات والفرص المتاحة، التمويل، الأراضي الصناعية، البنية التحتية، فرص التوطين، المحتوى المحلي، برامج التدريب والتأهيل للكوارد البشرية، برامج المرتبطة بالأتمتة وتبني التقنيات الحديثة، كل هذا يجعل المملكة وجهة مهمة للمستثمرين، خاصة الشركات الكبرى التي تهدف إلى اقتناص السوق المحلي، وكذلك استخدام المملكة كمنطقة خروج إلى العالم.
حددت المبادرة في نسختها الحالية مجموعة من الملفات التي تم التركيز عليها في مقدمتها الذكاء الاصطناعي.. ما أهمية هذه الملفات برأيك؟
أخذت مبادرة مستقبل الاستثمار على عاتقها أن تهتم بالتوجهات العالمية، اليوم الذكاء الاصطناعي من أهم التوجهات العالمية التي أحدثت تغييرات جذرية في الكثير من القطاعات، والصناعة من أكبر المستفيدين من الذكاء الاصطناعي وكذلك قطاع التعدين.
عندما ننظر اليوم ونتكلم عن الثورة الصناعية الخامسة التي تبني على الثورة الصناعية الرابعة بما فيها من روبوتات وقواعد بيانات ضخمة، بات هناك محاولة لإدخال الإنسان كجزء معها، وتحقيق التناغم ما بين البشر والآلة، حيث يمكن للآلة والتقنيات أن تساعد الإنسان في الإبداع، وتقلل المخاطر، وتستشرف المشاكل والأزمات، وتحصل على حلول سريعة لها، وقطاع التعدين سيستفيد بقوة من كل هذه التقنيات.
وكيف يمكن لقطاع التعدين الاستفادة من هذه المجالات؟
قطاع التعدين، قطاع مهم وواعد، ويعتمد بشكل أساسي على البيانات، بيانات المسوح الجيولوجية وبيانات الاستكشاف، هناك حجم كبير من البيانات، والذي يحتاج إلى الذكاء الاصطناعي لتحليل هذه البيانات والخروج بمقترحات حول نوعية المواد الموجودة، ونوعية المعادن، كيف يمكن الاستفادة منها، ما هي المناطق المتوفرة فيها، كيف يمكن الربط بين مناطق مختلفة في جغرافيا واحدة، أو حتى الجغرافيات البعيدة
اليوم المملكة تشترك مع مصر، في المملكة الدرع العربي والدرع النوبي في مصر، الكثير من المعادن والثروات الطبيعية التعدينية يمكن للذكاء الاصطناعي أن يأخذ هذه المعلومات والبيانات ويجعل منها معلومات ذات قيمة للمستثمر والحكومة على حد سواء.
وما الذي يميز قطاع التعدين ويدفعكم للاهتمام به في الفترة الحالية عن غيره من القطاعات؟
بالنسبة لنا في المملكة، القطاع جديد، فالمملكة لم تلتفت في السابق للتعدين، حيث ركزت خلال 70 عاما الماضية على النفط والغاز، إلى أن وصلت الآن إلى التميز في هذا القطاع، وجاءت رؤية المملكة 2030 لإطلاق قطاعات جديدة، ومن ضمنها قطاع التعدين، ولذلك نعكف على استكشاف المناطق الطبيعية في المملكة، ولدينا برنامج كبير للمسح الجيولوجي.
أما على المستوى العالمي، اليوم العالم في أمس الحاجة لكمية كبيرة من المعادن، لتستجيب للاحتياجات في قطاعات جديدة مثل التقنية، السيارات الكهربائية، البطاريات وغيرها، هناك نمو كبير جدا في الطلب على المعادن، وهنا تأتي أهمية قطاع التعدين على المستوى الدولي.
وتبني التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وغيرها، سوف تساعد على التسريع من اكتشاف المناطق الجديدة، والموارد الطبيعية، ورفع كفاءة أداء المناجم الحالية، وجعل المناجم أكثر أمنا وسلامة.
وكيف يمكن استخدامها برأيك؟
اليوم على سبيل المثال، استخدام المعدات التي تتحرك بدون سائق، مكسب عظيم للقطاع، حيث يخفف من المخاطر الموجودة، ويكون هناك أقل عدد من الأشخاص الذين يحتاجون الدخول داخل المناجم، ويجعلنا نستفيد بشكل أكبر ونقلل من حجم هذه المخاطر، إضافة إلى التحكم في إدارة المناجم من مناطق بعيدة، وهناك تجارب شهدتها لدول كانت تتحكم في مناجم تبعد عنها أكثر من 1000 كيلو وبكفاءة عالية.
أعتقد أن هذه التقنيات مكسب كبير جدا لقطاع التعدين، وسوف تساعد القطاع على الإسراع في إنتاج كميات أكبر من الاحتياج العالمي.
في ظل التوجهات العالمية للتحول إلى الطاقة الخضراء والنظيفة.. إلى أي مدى يساهم قطاع التعدين في هذا التوجه؟
لا يمكن التخيل بأن العالم يستطيع أن يحقق مستهدفاته في خريطة الطاقة والتحول إلى الطاقة المتجددة، بدون ما يكون هناك المزيد من المعادن.. كل شيء يستخدم في مجال تقنيات الطاقة المتجددة، والطاقة الشمسية، والرياح، والطاقة الهيدروجينية، كلها تحتاج إلى معدات، وهو ما يحتاج بالتبعية إلى المعادن لبناء السيارات، والكيابل في شركات الكهرباء، المولدات، وغيرها، تقريبًا كل الحلول تحتاج إلى كمية كبيرة من المعادن، ناهيك أن التقنيات الحديثة التي نعيشها، حيث يستهلك البشر في احتياجاته اليومية الكثير من المعادن، سواء في الأجهزة المتنقلة أو الأجهزة المنزلية وأدوات الحاسوب وغيرها.
أطلقتم قبل أيام الملتقى الأول للمسؤولية الاجتماعية للشركات.. ما المقصود منها؟
الملتقى هو دلالة على اهتمام المملكة بهذا الجانب، المؤتمر برعاية خادم الحرمين، وأي مؤتمر يرعاه خادم الحرمين يكون من الدرجة الأولى من المؤتمرات، ودلالة على أهمية الموضوع لدى المملكة، وبالفعل وزارة الموارد البشرية أدارت الملف بكفاءة عالية.
ونحن نطمح أن تكون الشركات التي تستثمر في المملكة لديها أجندة واضحة لخدمة المجتمع، لتضمن أن هذه الشركاي تكون لها أثر على المجتمعات التي تعمل فيها، ولها ممارسات إيجابية لخدمة المجتمعات وتنميتها، وتلمس احتياجات الناس ومساعدتهم في تحقيق الكثير من المكاسب.
وما أهميتها وما الذي يمكن أن تحققه لهذه الشركات خاصة في مجال الصناعة؟
تأتي أهمية المسؤولية الاجتماعية في قطاع الصناعة والتعدين بشكل أكبر، لأن طبيعة الصناعة والتعدين تكون خارج المدن الكبيرة، التي عادة ما تكون لها حظوظ كبيرة في الخدمات، عندما يكون هناك منجم أو مصنع في منطقة نائية وهناك حس اجتماعي لدى الشركة التي تستثمر في بناء مراكز تدريب أو تأهيل أو الحرص على توظيف أبناء المنطقة، وأن يكون جزء من مشتريات هذه الشركة من المنطقة له مكسب كبير.
هذا الأمر يجعل الأهالي والشعب يحرصون على نجاح هذه الشركات، ويكونوا جزءا منها بدلا من محاربتها ومحاربة بقائها في مناطقهم، ونحن رأينا الكثير من دول العالم تعاني الشركات الأجنبية فيها، فعندما تأتي إلى مناطق معينة يكون هناك تظاهرات أو مواجهة أو رفض لوجودها، لكن في المملكة لا يوجد هذا الأمر، لأن المواطن السعودي يشعر بأن هذه الاستثمارات سوف تعود عليه بالنفع ولأبنائه وأهله ومنطقته بالمصلحة والمنفعة.
شاركت المملكة في قمة بريكس الأخيرة وتحدث وفد المملكة عن شراكات قوية بينها وبين هذه الدول.. ما أهمية هذه الشراكة برأيك؟
بعيدا عن الجانب السياسي، من الناحية الاقتصادية، كل هذه الدول دول مهمة، نعمل معها بشكل كبير جدا، ونرى أن بعضها تجمعها نقاط تقارب كبيرة جدا بالمملكة، لا سيما جنوب أفريقيا، وقوتها في قطاع التعدين والخبرة الكبيرة التي تملكها، هناك عمل معهم في استقطاب الشركات التي تعمل في خدمة القطاع، والخبراء لديهم، وكذلك دولة البرازيل، فنحن ننظر للبرازيل كشريك مهم جدا في قطاع الصناعة والأمن الغذائي والأمن الداوئي، التعدين، لذلك هناك جهود للمملكة مع هذه الدول، ونريد أن نزيد التعامل التجاري.
نحن ننظر إلى هذه الدول من ناحية ضرورة بناء شراكات طويلة، وليس فقط علاقة زبون بمورد، أو صادرات وواردات، إنما علاقات شراكة، تكامل، تبادل خبرات وتقنيات، وبالفعل كل الدول التي نتعامل معها سواء كانت ضمن تجمع بريكس أو غيرها، نحن حريصون على زيادة العلاقات معهم، وهذه الدول تحرص كذلك على زيادة علاقاتها مع المملكة، وأن تجد فرصة مناسبة لتساهم مع المملكة في مشوار التحول.
حدثنا عن العلاقات والفرص بين المملكة وروسيا؟
نحن دائما على اتصال مع المستثمرين والمهتمين في روسيا، وهم شاركوا معنا الأسبوع الماضي في مؤتمر السياسات، وسوف يشاركون في يناير القادم بمؤتمر التعدين، المملكة منفتحة على الجميع، وما يحركها هي مصالحها الخاصة، وأنا أتحدث هنا من الناحية الاقتصادية بعيدا عن أي أمور سياسية.
أجرى المقابلة/ وائل مجدي