عضو "الشؤون الخارجية": المغرب يبحث عن السلم مع جيرانه وغير معني بزيادة التوتر

تتزايد التوترات بين فرنسا وعدد من دول أفريقيا، فيما تسعى باريس للحفاظ على ما تبقى من علاقات في المنطقة.
Sputnik
وتتباين الرؤى بشأن زيارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الأخيرة للمغرب، وما إن كانت ستزيد التوتر بين البلدين العربيين، الجزائر والمغرب، خاصة في ظل توترات قائمة وعلاقات مقطوعة منذ فترة.
اتفاقيات ثنائية
ووقعت الحكومتان المغربية والفرنسية، 22 اتفاقية واستثمار، بلغت قيمتها نحو 10 مليارات يورو، خلال زيارة الدولة التي أجراها الرئيس الفرنسي إلى المغرب.
ويجيب عضو المجلس المغربي للشؤون الخارجية، أحمد نور الدين، في تصريحات لـ"سبوتنيك"، عن بعض التساؤلات حول زيارة ماكرون وانعكاسها على العلاقات مع الجزائر، وما إن كانت ستدفع نحو مزيد من التوتر.
وسائط متعددة
تصويت... برأيك ما هو سر زيارة ماكرون إلى المغرب في هذا التوقيت؟
يقول نور الدين إن "المغرب يبحث عن السلم والتعايش مع جيرانه ومع العالم، ولا يبحث عن مكانة بين الأمم من خلال معاكسة أو مخالفة بلد معين كيفما كان".
وتابع: "المغرب مملكة عريقة، تحكمها أسرة ملكية هي ثاني أعرق أسرة حاكمة بعد اليابان في كل الملكيات عبر العالم، ولدى المملكة تقاليد راسخة في التعاون الدولي".
واستطرد: "أول سفير مغربي لدى باريس، وهو السفير عبد الله ابن عائشة يعود إلى نهاية القرن السابع عشر، وكان لدى المغرب في نفس الحقبة، كذلك بعثات دبلوماسية لدى الإمبراطورية الروسية ولدى بريطانيا وهولندا من بين دول أخرى".
علاقات متقاربة
أضاف أحمد نور الدين في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "الأرقام الاقتصادية تفيد بأن حجم المبادلات التجارية بين فرنسا والجزائر، يقدّر بحوالي 12 مليار يورو خلال عام 2023، وهو رقم لا يبعد كثيرا عن حجم المبادلات بين فرنسا والمغرب الذي يقدّر في نفس الفترة بحوالي 15 مليار يورو، وبالتالي فرنسا مستفيدة من الطرفين ولديها استثمارات ثقيلة بمليارات الدولارت في الجزائر، ولديها عقود للتنقيب واستغلال حقول النفط والغاز الجزائري إلى غاية سنة 2040".
كما أنّ "لفرنسا في المغرب استثمارات بمليارات الدولارات، واتفاقيات يصل مداها إلى 25 سنة، ما يعني أنه لا مجال نهائيا للمفاضلة عند فرنسا بين الرباط والجزائر"، بحسب نور الدين.
وبشأن تساؤلات تعلق بإمكانية عمل الرباط على استقطاب فرنسا، يقول نور الدين: "ردا على هذا السؤال، يقول الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في خطابه أمام البرلمان المغربي، يوم الثلاثاء الموافق 29 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إن "هذا الموقف (يقصد دعم فرنسا مغربية الصحراء الغربية) ليس معاديا لأحد، بل أنه يفتح المجال لكل من يريد العمل في إطار التعاون الإقليمي، في البحر الأبيض المتوسط، ومع البلدان المجاورة للمغرب"، معتبرا أن إشارة ماكرون موجهة للجزائر، وأنه مرحّب بالتعاون معها في الإطار الإقليمي.
مساعي نحو التنمية
وواصل أحمد نور الدين: "يسعى المغرب إلى تحقيق التنمية وبناء حاضر ومستقبل آمن لأبنائه، ويبرهن على ذلك الاتفاقيات الموقعة خلال زيارة الرئيس الفرنسي وعددها 22 اتفاقية وبروتوكول، تتعلق بالتكنولوجيات الحديثة و"الذكاء الاصطناعي"، والطاقات المتجددة، والبنيات التحتية المتطورة، وصناعة الطائرات، والبحث العلمي، والتعاون الأكاديمي، وتطوير الزراعة والبيئة وغيرها من القطاعات المتوجهة نحو المستقبل والتنمية والنهضة الصناعية".
واستطرد: "كما وقع المغرب مع روسيا اتفاقية شراكة استراتيجية سنة 2002، ووقع 16 اتفاقية سنة 2016 خلال زيارة العاهل المغربي على موسكو، ووقع أيضا 11 اتفاقية أخرى بالرباط خلال زيارة رئيس الحكومة الروسية، دميتري ميدفيديف، إلى الرباط سنة 2017".
وشدد على أن "المغرب يبني ولا يهدم، وليس لديه وقت يضيعه في الصراعات العقيمة مع جهات ليس لها من مشروع سياسي غير معاكسة الجيران".
وبشأن احتمالية التوتر في المنطق، يشير نور الدين إلى أن "خطابات العاهل المغربي منذ اعتلائه العرش في عام 1999، وفي كل عام بمناسبة عيد الجلوس، كان يدعو الجزائر إلى التعاون وطي صفحة الخلافات وفتح صفحة جديدة للتعاون بين البلدين، وآخر خطاب رسمي بهذا المعنى كان في يوليو/ تموز 2023، والذي قال فيه "نتطلع إلى أن تكون العلاقات بين البلدين أفضل" وأنّ "المغرب لن يكون أبدا مصدر شرّ أو سوء للجزائر".
الجزائر تستعرض قوتها العسكرية بسرب من طائرات "إيل-39" الروسية
توترات متزايدة
واستطرد نور الدين: "أظن ان هذه المعطيات كافية بأن تؤكد بأن الجزائر ليست بحاجة إلى حُجة من فرنسا أو من أي جهة كانت لتكون مِشجبا تعلق عليه تصعيد التوتر مع المغرب، لأنها تفعل ذلك منذ نصف قرن من خلال احتضان عناصر مسلحة في جبهة "البوليساريو" تهاجم المغرب من فوق الأراضي الجزائرية، وهذا لوحده يعتبر "عملا حربيا" في نظر القانون الدولي، ويعطي للمغرب حق متابعة المهاجمين إلى القواعد التي انطلقوا منها في الجزائر، ولكن المغرب لم يستعمل حق المطاردة، لأن المغرب لا يريد إشعال حرب بين البلدين ستدمر البلدين وتدمر الأمن القومي العربي في بوابته الغربية".
الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى المغرب، بعد إعلان ماكرون في يوليو الماضي دعمه لسيادة المغرب على الصحراء، وحديثه عن أن حل النزاع يجب أن يكون ضمن هذا الإطار، أثار غضب الجزائر التي سارعت لسحب سفيرها غداة إعلان باريس.
توقيع 8 مذكرات تفاهم مهمة بين الجزائر وسلطنة عمان
ونفّذت فرنسا، (التي احتلت الجزائر في الفترة بين عامي 1830 و1962)، 17 تجربة نووية في الصحراء بين عامي 1960 و1966 في منطقتي "رقان" و"إن إيكر"، وهي ضمن أبرز الملفات الخلافية بين البلدين.
في 30 يوليو 2024، قررت الجزائر سحب سفيرها من فرنسا وذلك على أثر اعتراف باريس بخصوص المقترح المغربي للحكم الذاتي في الصحراء.
وجاء في بيان لوزارة الخارجية الجزائرية: "قررت الحكومة الجزائرية سحب سفيرها لدى الجمهورية الفرنسية بأثر فوري عقب إقدام الحكومة الفرنسية على الاعتراف بالمخطط المغربي للحكم الذاتي كأساس وحيد لحل نزاع الصحراء الغربية".
مناقشة