وأكد الخبراء أن هذه الهيمنة وراء الصراعات التي تحدث في العالم، والتي غالبا ما تكون أهدافها اقتصادية سياسية، مؤكدين أن هذه الدول مستعدة لارتكاب إبادة جماعية بحق شعوب ودول، في حال هددت مصالحها.
وتحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الخميس، خلال فعاليات منتدى فالداي بنسخته الحادية والعشرين، حول عدد من المواضيع الإقليمية والعالمية وأهم المستجدات السياسية والاقتصادية التي يشهدها العالم.
وأضاف بوتين خلال كلمة ألقاها في منتدى فالداي بنسخته الحادية والعشرين، أن "النظام العالمي الجديد يتشكل أمام أعيننا والسنوات العشرين المقبلة قد تكون أصعب".
وأكد بوتين أن "لحظة الحقيقة قادمة، وأن النظام العالمي القديم ذهب بلا عودة، وأن الليبرالية الغربية أدت إلى التعصب والعدوان الشديد".
ووفقا لبوتين، فإن "الصراع من أجل تشكيل عالم جديد بدأ وهذا ليس صراعا على السلطة بل صراع مبادئ، وأن الدعوات لهزيمة روسيا تكشف النزعة المغامرة والمتطرفة لبعض السياسيين".
وأكد بوتين خلال كلمته: "لقد بدأ يتكشف صراع جدي وغير قابل للتوافق من أجل تشكيل (نظام عالمي) جديد. وهو غير قابل للتوافق وقبل كل شيء، لكونه ليس صراعًا على السلطة أو النفوذ الجيوسياسي، إنه صراع المبادئ في حد ذاتها، والتي ستبنى عليها العلاقات بين الدول والشعوب في المرحلة التاريخية المقبلة".
كلمات منطقية معبرة
وصف الدكتور مختار غباشي، الأمين العام لمركز الفارابي للدراسات الاستراتيجية والسياسية، تصريحات الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين خلال فعاليات منتدى فالداي بـ "المنطقية".
وقال في تصريحات لـ "سبوتنيك"، إن هناك رفضا عاما لمسألة الهيمنة الأمريكية والدول الغربية على مقدرات العالم، حيث تعد سببا رئيسيا من أسباب الصراعات والنزاعات الموجودة، مؤكدًا أن الجميع بأمس الحاجة إلى عالم متعدد الأقطاب.
وأشار إلى أن التقارير التي خرجت من المعهد الأطلنطي في أمريكا والمعهد الدولي في لندن خلال أزمة كورونا، تحدثت عن أن واشنطن في أخطر مراحلها، وهي مرحلة الترهل الإمبراطوري، وهو ما يعني الانحناء للأسفل، ومع صعود روسيا والصين نتحدث عن عالم متعدد الأقطاب، وفي فترة زمنية ليست ببعيدة.
وفيما يتعلق بالعقوبات الأمريكية على روسيا، أكد أنها لم يكن لها أي تأثير على روسيا، مقابل حجم التأثير الكبير الذي منيت به الدول الغربية، حيث أغلق 1200 مصنع في العالم الغربي نتيجة منع استيراد الغاز الروسي، إضافة إلى ارتفاع التضخم، وأسعار النفط، وكانت ألمانيا أكبر الخاسرين لاعتمادها على الغاز الروسي بشكل كبير.
وأوضح أن روسيا تحقق أهدافها في أوكرانيا وتسير وفق مخطط منهجي به شكل من أشكال الاستنزاف لأمريكا والغرب، الذين يدعمون أوكرانيا بمساعدات فنية ولوجيستية شبه يومية، لكنها منيت بخسائر كبيرة دون تأثير على القوة الروسية.
وشدد غباشي على أهمية إشارة الرئيس الروسي للملف الاقتصادي، وهيمنة الدول الغربية، مؤكدًا أن هذه الهيمنة التي تستخدمها أمريكا ودول الغرب تعد بديلا للنظم الاستعمارية القديمة التي كانت تعتمد على الاحتلال العسكري، وهي لا تجوز في الوقت الراهن، حيث يحتاج العالم إلى التحرر من هذه الهيمنة الاقتصادية وخلق ندية لها، وهناك أقطاب دولية كثيرة مستعدة لملء الفراغ الأمريكي الغربي في هذا الصدد.
وقال إن أمريكا والعالم الغربي سعوا إلى انهيار المنظومة الدولية عبر إضعافها وإضعاف سلطاتها، على رأسها المحكمة الجنائية الدولية، ومحكمة العدل، ولم تكترث أمريكا إلى مطالب وقف إطلاق النار في غزة.
وأوضح أن كلمات الرئيس الروسي كانت معبرة، والكثير من الدول تحتاج إليها وتنظر لها باستحسان، لا سيما وأن أمريكا ومن خلفها العالم الغربية منيت بالكثير من الخسائر، لا سيما على مستوى عدم التحكم في مناطق النفوذ، والتأييد الكبير لإسرائيل في ظل ما تمارسه من جرائم، حيث أصبحت واشنطن والكثير من الدول الغربية منبوذة بسبب هذه المواقف.
حقيقة العالم المتوحش
في السياق، علق أسامة وهبي، الناشط المدني اللبناني، على تصريحات الرئيس بوتين، مؤكدًا أن ما يحدث في أوكرانيا وقطاع غزة ولبنان، كشف الوجه الحقيقي لهذا العالم المتوحش، حيث تعتبر الدول العظمى نفسها، خاصة حلف الناتو، أن لها الحق في كل موارد الكوكب.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هذه الدول مستعدة للذهاب إلى إبادة جماعية لشعب بأكمله، عندما يمس مصالحه، ترتكب هذه الجرائم من أجل تأمين مصالحها الخاصة، وقواعدها وممراتها الاقتصادية والتجارة، وجميع الدول الضعيفة يجب أن تقبع تحت رحمة هذه الدول المتوحشة.
وتابع: "وجدنا كيف واجهت هذه الدول مطالب صغيرة لشعب يريد تقرير مصيره، ويطالب بتطبيق القانون الدولي والاتفاقيات الدولية، حيث تستعد أن ترتكب إبادة جماعية أو تستخدم سلاحا نوويا من أجل حماية مصالحها على حساب الجميع".
وقال ما يحدث في أوكرانيا والعراق وغزة ولبنان أكثر مثال، حيث أن إسرائيل الدولة الاستعمارية تمثل قاعدة متقدمة للغرب في الشرق الأوسط الغني بالموارد والمواقع الاستراتيجية، حيث صمتت على المجازر التي ترتكبها هذه الدولة الاستعمارية في غزة ولبنان، ووقفت تشاهد الإبادة الجماعية.
وأوضح أن الصراع اليوم في حقيقته صراع هيمنة، صراع اقتصادي في المقام الأول، لكن لديه وجه سياسي وعسكري، صراع يدور على مواقع استراتيجية، وموارد طبيعية وممرات للتجارة العالمية، لكننا اكتشفنا في النهاية حقيقة هذا العالم المتوحش.
ويعد نادي فالداي الدولي للحوار تجمعًا يضم كبار الخبراء الأجانب والروس في مجال العلوم السياسية والاقتصاد والتاريخ والعلاقات الدولية.