ويرى المراقبون أن الموافقة اللبنانية والإيجابية في موقف "حزب الله" تجاه المبادرة الأمريكية لا يعني إنهاء الحرب، موضحين أن المسألة تتوقف برمّتها على إسرائيل وموقفها، لا سيّما رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي يسعى إلى استمرار الحرب هربا من عدة استحقاقات داخلية، أبرزها الخلافات التي تلاحقه، والمحاكمة التي تنتظره بملفات دسمة.
وقال علي حسن خليل، مساعد رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، في تصريحات صحفية، إن "لبنان و"حزب الله" وافقا على مقترح أمريكي لوقف إطلاق النار مع إسرائيل، مع بعض التعليقات على المضمون"، واصفا الجهود بأنها "الأكثر جدية حتى الآن لإنهاء القتال".
ووصل إلى بيروت، اليوم الثلاثاء، المبعوث الأمريكي إلى لبنان، آموس هوكشتاين، وأكد في كلمة مقتضبة بعد انتهاء لقائه مع رئيس مجلس النواب، نبيه بري، في عين التينة، أن "أمامنا فرصة حقيقية لإنهاء الصراع، ونأمل أن نصل إلى حل في الأيام المقبلة".
تعاطي إيجابي ولكن
قال الناشط المدني اللبناني، أسامة وهبي، إن "ظروف الاتفاق بين لبنان وإسرائيل أصبحت جاهزة، بعد أن وافق "حزب الله" اللبناني على فصل جبهة لبنان عن جبهة غزة، وعلى تطبيق القرار 1701 بجميع مشتملاته، وعلى لجنة لمراقبة تطبيق 1701 يكون فيها الأمريكي والفرنسي، ولجنة ثلاثية تضم الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي وقوات "يونيفيل".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن "حزب الله" كان إيجابيا ناحية الورقة الأمريكية، ومن الجانب اللبناني هناك تعاطي إيجابي وموافقة على التفاصيل، لكن تبقى عقبة وحيدة أمام الاتفاق، تتمثل في شخص بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحاكمة في شهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل، ويعلم أن الملفات التي تنتظره في المحكمة دسمة، وقد يتم سجنه فيما بعد، ويعتبر أن استمرار الحرب هو قارب النجاة الوحيد أمامه".
وأكد أنه "مع وجود إدارة أمريكية منتهية الصلاحية وأصبحت من الماضي، وبقاء شهرين وأكثر لاستلام الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، زمام الأمور في البيت الأبيض، هناك مسافة وفترة من الزمن يعتبرها نتنياهو، فرصة للقيام بأي إنجاز يعفيه من المحاكمة ومن الملفات التي تنتظره، ولكن بينه وبين هذه الإنجازات المرجوة عقبات وصعوبات جمّة، إذ أصبح اليوم الجيش الإسرائيلي في الجنوب اللبناني، وكلما طال الوقت سيغرق في الوحول اللبنانية، وهناك "حزب الله" في هذه الأرض التي يعرفها جيدا".
وتابع: "يعلم الجيش اللبناني أنه كلما تعمّق وتوغل في الأراضي اللبنانية، تصبح كلفة هذا التوغل أكبر بكثير، وهناك مصلحة إسرائيلية ككيان بوقف الحرب، ولكن شخص نتنياهو يحول دون ذلك، لأنه يهرب إلى الأمام من أجل تلافي المحاكمة".
موقف إسرائيلي
في السياق، اعتبر المحلل السياسي اللبناني، سركيس أبو زيد، أن "هناك سباقا بين الحل السلمي واستمرار الحرب، لكن من الواضح أن المساعي التي تقوم بها أمريكا قربت وجهات النظر، وساعدت على إيجاد مخارج لبعض المسائل التي تم التوافق حولها، وحصل موقف إيجابي من لبنان، ممثلا في نبيه بري ورئيس الحكومة و"حزب الله" اللبناني، مما أعطى للموقف اللبناني قوة وفاعلية".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك": "هل توافق إسرائيل على التعديلات التي طرحها لبنان أم ستفاجئنا كما فعلت سابقا بتصعيد كبير، إذ يبدو أنها لا تريد وقف إطلاق النار إلا بعد القضاء على "حزب الله" وحركة "حماس" الفلسطينية، وتحقيق انتصار واضح في الجنوب، حتى تفرض عملية عودة المستوطنين للشمال".
وقال إنه "من الصعب الجزم قبل التأكد من الموقف الإسرائيلي أنه يريد السلام، إذ يواجه، نتنياهو، العديد من الأزمات داخل إسرائيل، سواء مع الفريق الحاكم، أو المعارضة، وكذلك المحاكمة التي تتوجه إليه بمجموعة اتهامات، وهو يفضل أن تستمر استراتيجية الحرب مستمرة حتى يهرب من هذا الاستحقاق".
وتابع: "لا يمكن التأكد قبل أن تقول إسرائيل كلمتها الأخيرة، لأنها من جهة تبدي استعدادها للحل السياسي، ومن الجانب الآخر تقول إنها مستمرة في الحرب حتى تحقيق أهدافها، علينا انتظار الموقف الإسرائيلي قبل الجزم بموقف حازم نحو هذه المسألة، أما لبنان فهو واضح بأن "حزب الله" وحركة أمل والأطراف الحكومية موافقة على التعديلات وتقديم تصور واحد، وتبقى المشكلة عند إسرائيل في الوقت الراهن".
بنود الاتفاق
ووفق الإعلام الأمريكي، تتضمن المسودة اتفاقا لوقف إطلاق النار، وفترة انتقالية مدتها 60 يوما، ينسحب خلالها الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، وينتشر الجيش اللبناني في المناطق القريبة من الحدود، وينقل "حزب الله" اللبناني أسلحته الثقيلة إلى شمال نهر الليطاني.
وفي حال نجاح المحادثات في بيروت، من المتوقع أن يتوجه هوكشتاين بعدها إلى إسرائيل، يوم الأربعاء المقبل.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، أمس الاثنين، إن "أمريكا تحرز تقدما في محادثات وقف إطلاق النار في لبنان"، وأضاف: "نحن عازمون على إيصال المفاوضات إلى خط النهاية".
وقال مصدر سياسي لبناني مطلع على المفاوضات بين لبنان وإسرائيل، في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أمس الاثنين، إن "الموفد الأمريكي آموس هوكشتاين، يتواجد حاليا في العاصمة الفرنسية باريس، وطلب المزيد من التوضيح من الجانب اللبناني، وجرى إبلاغها لمختلف الأطراف السياسية حول شروط وقف إطلاق النار".
وكان المصدر قد أكد، أول أمس الأحد، أن "المصادر الأمريكية تبدي تفاؤلا عميقا بتمرير الاتفاق بحلول 15 ديسمبر المقبل".
وتستمر الغارات الإسرائيلية على مناطق لبنانية مختلفة، أبرزها العاصمة بيروت وضاحيتها الجنوبية، بموازاة استهداف مناطق أثرية أخرى في مدينتي بعلبك وصور.
وتسببت الغارات وعمليات القصف الإسرائيلية على مختلف المناطق اللبنانية، منذ إعلان "حزب الله" اللبناني قبل أكثر من 13 شهرا فتح "جبهة لمساندة غزة"، بمقتل 3481 شخصا، وإصابة 14786 آخرين، بحسب أحدث إحصاء صادر عن وزارة الصحة العامة اللبنانية.
وعلّق المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، في وقت سابق، ردا على سؤال حول مخاوف الكرملين من تصعيد الصراع بين إسرائيل و"حزب الله" اللبناني، قائلاً: "بالطبع، الوضع يتدهور كل يوم، ويتدهور بسرعة والتوتر يتزايد، وعدم القدرة على التنبؤ آخذة في الازدياد، وهذا أمر يثير قلقنا".