لماذا تتعمد إسرائيل استهداف قوات الـ"يونيفيل" في جنوب لبنان وما علاقته بتعديل القرار 1701؟

مع التصعيد المستمر في جنوب لبنان، تستمر القوات الإسرائيلية في تحرشها واعتداءاتها على قوات الـ"يونيفيل" الأممية، على الرغم من تنديد المجتمع الدولي أكثر من مرة.
Sputnik
الاعتداء الإسرائيلي المتكرر يشكل بحسب بعض المراقبين، بنك أهدف خاص، تسعى من خلاله حكومة نتنياهو إلى تعديل أو تغيير مهام اليونيفيل في جنوب لبنان، لا سيما مع الانتقادات الإسرائيلية الدائمة لهذه القوات بأنها لا تطبق القرار 1701 بشكل صحيح.
ولم يستبعد المراقبون كذلك أن تكون هذه التحرشات الإسرائيلية بهدف سحب هذه القوات من جنوب لبنان، أو على الأقل سحبها إلى عمق لبنان، ما يتيح لإسرائيل استباحة المنطقة بشكل أكبر، خاصة أن هذه القوات ترصد انتهاكات إسرائيل، وتمنعها في بعض الأحيان من التوغل في مناطق وجودها.
وفي وقت سابق، أعلنت قوات الأمم المتحدة في لبنان "يونيفيل"، أن "التدمير المتعمد والمباشر من قبل الجيش الإسرائيلي لممتلكات واضحة المعالم تابعة لليونيفيل يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والقرار 1701، وإننا نذكّر مجدداً الجيش الإسرائيلي وجميع الأطراف بالتزامها بضمان سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة وممتلكاتها واحترام حرمة مباني الأمم المتحدة في جميع الأوقات".
وتابع البيان: "منذ 30 أيلول/ سبتمبر، طلب الجيش الإسرائيلي بشكل متكرر مغادرة جنود حفظ السلام مواقعهم بالقرب من الخط الأزرق "من أجل سلامتهم". وحادثة الأمس، مثلها كمثل سبع حوادث مماثلة أخرى، لا تتعلق بوقوع قوات حفظ السلام في مرمى النيران المتبادلة، بل تتعلق بأفعال متعمدة ومباشرة من جانب الجيش الإسرائيلي".

تعديل مسؤوليات اليونيفيل

مندوب لبنان لدى الأمم المتحدة في جنيف: قوات اليونيفيل غير قادرة على تنفيذ مهامها
بدوره اعتبر العميد خالد حمادة، الخبير الأمني اللبناني ومدير المنتدى الإقليمي للاستشارات والدراسات، أن إسرائيل خلال هذه العملية التي تشنها على لبنان تعمدت أكثر من مرة أن تعرض سلامة قوات اليونيفيل ومراكزها إلى مفاعيل القصف، إن لم يكن بشكل مباشر ولكن بطريقة تستفز وتتجاوز القرار الدولي، وربما لتلقى ما قد سبق وصرحت حوله، بأن قوات اليونيفيل لم يكن لها أي دور فعال في تطبيق القرار 1701، وفي حماية إسرائيل من هجمات "حزب الله".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، قوات اليونيفيل اليوم في خضم هذا التفاوض، أصبحت عنصرا من عناصره، عندما توغلت القوات الإسرائيلية في الجنوب اللبناني، إنما كانت تدخل إلى بقعة مسؤولية قوات اليونيفيل التي يكرسها القرار الدولي.
وقال إن تكرار هذه المحاولات شاءت من خلالها إسرائيل ربما تعريض سلامة هذه القوات للخطر، ما قد يؤدي إلى اتخاذ قرار من قبل الدول التي أرسلت هذه القوات إلى سحبها ليس من جنوب لبنان، وإنما عبر تراجعها للوراء بضع كيلومترات، مما يتيح لإسرائيل حرية عمل أكبر وبالتالي، لا يعيق توغل قواتها، وتصبح وفقا لما تدعيه إسرائيل أن هذه المنطقة باتت منطقة عمل لحزب الله وبالتالي يمكن استباحتها.
وتابع: "لا يمكن لإسرائيل أن تبعد هذه القوات، لا سيما في ظل إصرار أوروبا على الإبقاء عليها، لكن يمكن القول إن إسرائيل من خلال كل ما تحاول إضافته من إجراءات تنفيذية للقرار 1701 تريد القول إنه يجب أن يكون لهذه القوات مهام أكثر دقة، أو طرق تتيح لهذه القوات مزيدا من الصلاحيات والمسؤوليات، بما يطلق يدها أكثر في تطبيق القرار 1701".
وأوضح أن إسرائيل تحاول إضافة مجموعة من الإجراءات وجاءت في الورقة الأمريكية، بأن يكون هناك لجنة دولية مشكلة من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا لمراقبة تطبيق القرار، وربما تحاول إسرائيل الضغط في هذا السياق للقول بإن قوات اليونيفيل بالشكل ليس لها أي قيمة لتطبيق القرار 1701، وهو يدخل ضمن الطموحات الإسرائيلية التي تعرض في مجال التفاوض الدائر حاليًا.
واستطرد: "لا أعتقد أن هناك رابطا مباشرا بين هذه الانتهاكات والمفاوضات، حيث سبق وأن هددت إسرائيل سلامة هذه القوات قبل أن تبدأ المفاوضات".

أهداف إسرائيلية

الـ"يونيفيل" تؤكد قيام الجيش الإسرائيلي بتدمير جزء من سياج خرساني في موقع تابع لقواتها
اعتبر الدكتور حسان الأشمر، الأكاديمي اللبناني، الأمين العام لـ"الجمعية العربية للعلوم السياسية"، أن "زيادة إسرائيل انتهاكاتها لقوات اليونيفيل، يتعلق بالدور المنوط بهذه القوات وأماكن تواجدها، باعتبار أن هذه المواقع تعيق لإسرائيل عمل قواتها على شن عدوانها على لبنان والعمل في عدة أماكن ومسارات".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تقدم القوات الإسرائيلية كان يصطدم بوجود قوات اليونيفيل في بعض المناطق مما حدا بإسرائيل لاستهداف هذه القوات عدة مرات، في محاولة لحصرها في مواقع محددة، وعدم تحركها في كل الأماكن، ومنعها من إعداد التقارير اللازمة التي تبين الانتهاكات الإسرائيلية في لبنان.
وتابع: "إسرائيل لديها مصلحة في تعديل آلية عمل قوات اليونيفيل، لناحية تعزيز دورها التنفيذي بدلا من أن يكون دور مراقب وإعداد تقارير ورفعها للأمم المتحدة، وترى إسرائيل أنه يجب أن تكون لهذه القوات دور تنفيذي فعال لناحية رصد عمليات المقاومة أو منعها أو إيقاف المقاومين في بعض المناطق، وهو أمر لا يمكن حدوثه، حيث ينقل صلاحيات قوات اليونيفيل وقرار 1701 من الفصل السادس إلى السابع وهو أمر مرفوض بالنسبة للجهة اللبنانية، سواء الحكومية أو المقاومة".
ويرى الأشمر أن هذه التحرشات الدائمة لقوات اليونيفيل، والاعتداء عليها وسقوط قتلى وجرحى لهذه القوات في بعض الأحيان، كل من شأنه أن يزيد الضغط على هذه القوات الدولية وعلى لبنان باعتبار أن نظرة لبنان إيجابية لهذه القوات التي تساعد المجتمعات بشكل عام في الأيام الطبيعية، وتعمل على حماية بعض الأماكن والقرى من الاعتداءات الإسرائيلية المباشرة لأنها تشكل عينا مراقبة فعالة تبين بتقاريرها العدوان الإسرائيلي وحجمه في عدة أماكن، وهو يدفع دائما إسرائيل إلى استهدافها لمحاولة إبعادها عن الجنوب، ومحاولة إدخال بعض القوى الدولية والدول الأكثر قربا لإسرائيل وتعمل لمصلحتها.
وأوضح أن "كل استهداف لهذه القوات من قبل إسرائيل لا يصب في مصلحة لبنان، بل في مصلحة إسرائيل، لا سيما أن هناك بعض الدول التي أبدت انزعاجها من العدوان الإسرائيلي على قوات اليونيفيل، مثل إيطاليا وفرنسا، ما حدا بدول أخرى مثل الأرجنتين إعلان سحب عناصرها من تلك القوات".
وأكد أن لبنان ينظر لليونيفيل بنظرة إيجابية ترتبط بالواقع الذي تمثله كنوع من الأمان والاطمئنان للسكان المحليين في الظروف الطبيعية، وحتى في ظروف الحرب، تشكل عين الأمم المتحدة والمجتمع الدولي على ما يجري في لبنان من انتهاكات إسرائيلية.
ويواصل الجيش الإسرائيلي هجومه البري الواسع النطاق على الأراضي اللبنانية، حيث شن هجماته الجوية والبرية على مناطق مختلفة من لبنان.
مناقشة