ونقلت وسائل إعلام أمريكية عن مسؤولين إسرائيليين قولهما إن تل أبيب قدمت لحماس مقترحا محدثا لاتفاق إطلاق سراح بعض المحتجزين الـ 100 المتبقين الذين تحتجزهم حماس وبدء وقف إطلاق النار في غزة، وأضاف أن حماس أبدت استعدادها لأن تكون مرنة بشكل أكبر وأن تبدأ في تطبيق ولو جزئي للصفقة.
وكشفت تقارير إعلامية، أن وفدا إسرائيليا توجه اليوم الخميس إلى القاهرة لبحث مبادرة مصرية جديدة بشأن صفقة في قطاع غزة.
وذكر موقع "سكاي نيوز عربية" نقلا عن مصادر مقربة من الوفد الإسرائيلي، أن "حماس" ما تزال تصر على مطلبها بوقف الحرب والانسحاب الإسرائيلي التام من القطاع.
وكانت القناة 13 الإسرائيلية قد أفادت الثلاثاء، بأن وفدا إسرائيليا سيصل إلى القاهرة خلال الأيام المقبلة لإجراء محادثات بشأن التهدئة في قطاع غزة.
ووفقًا للقناة الـ 13، ستركز المباحثات على التفاصيل الدقيقة لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار، بما في ذلك إدارة الأيام الأولى للتهدئة، في حين تطالب إسرائيل بمعلومات حول أسماء المحتجزين الذين ما زالوا على قيد الحياة لدى حركة حماس، وهو ملف يحمل أهمية قصوى للحكومة الإسرائيلية.
ضغوط إسرائيلية
اعتبر ثائر نوفل أبو عطيوي، مدير مركز العرب للأبحاث والدراسات في فلسطين، إن المقترح المحدث الإسرائيلي يأتي في ظل ضغوطات الرأي العام الإسرائيلي وأهالي المحتجزين في قطاع غزة من جهة، ونظرا للظروف القضائية الإسرائيلية التي يتعرض لها بنيامين نتنياهو من جهة أخرى، وبالإضافة إلى مجريات المحكمة الجنائية الدولية التي تم إصدار قرارها باعتقال نتنياهو وغالانت.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، بات من الملاحظ والمهم أن المجتمع الدولي بشكل عام وبعد إبرام صفقة التهدئة مع لبنان، بات يسعى إلى إنجاز مفاوضات تؤدي لهدنة إنسانية مؤقتة قريبة في قطاع غزة، تكون بمثابة نقطة انطلاق ومرجعية مباشرة للوصول لحل دائم ونهائي لوقف الحرب على قطاع غزة.
وتابع: "من الواضح أن الحرب أنجزت كافة أهدافها ولم يعد الاحتلال الإسرائيلي له أهداف في استمرار الحرب والقصف والتدمير والعدوان كما كانت الأوضاع عليه في بداية الحرب".
ويرى أن حديث مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن قرب اتفاق وشيك لإبرام صفقة تبادل يأتي من خلال واقع الأجواء العامة الإيجابية من كافة الأطراف المعنية وذات العلاقة بإنجاز الصفقة، هذا برغم تصميم الاحتلال الإسرائيلي على وجوده وتمركزه في عدة محاور في قطاع غزة.
وقال إن اليوم الصورة تغيرت بسبب طول عمر الحرب الزمني وامتعاض غالبية المجتمع الدولي من عدم وجود نهاية للحرب تكفل استقرار الأوضاع على كافة الصعد والجبهات.
تفاؤل فلسطيني
وعن موقف حركة حماس، يرى أبو عطيوي أنها باتت تدرك بأن الأمور وموازين القوى قد تغيرت بسبب إبرام صفقة إسرائيلية مع حزب الله، الأمر الذي يعني أن جبهة غزة بقيت وحيدة بالميدان، لهذا كان على حركة حماس أن تدرك هذه المرة أن المتغيرات والمستجدات المتلاحقة تقول بإنه لا بد من حل، وإن كان هذا الحل هو هدنة إنسانية مؤقتة تتراوح مدتها ما بين 42 إلى 60 يوما.
وأكد أن حركة حماس تأمل منها الوصول لإبرام هدنة دائمة عنوانها إيقاف الحرب على قطاع غزة بشكل كامل ونهائي، بعد هذه الهدنة الإنسانية المؤقتة بشكل فوري ومباشر.
وأوضح أن الأوضاع مأساوية جدا لأكثر من مليون ونصف المليون نازح ومشرد فلسطيني الذين يعيشون في الخيام ومراكز الإيواء، ووسط إغلاق المنافذ والمعابر والحصار، حيث أصبحت غزة على وشك الإعلان عنها رسميا عن منطقة جغرافية مصابة بالمجاعة نظرا لعدم توفر الدقيق ولعدم وجود رغيف الخبز في الأسواق، وهو الأمر التي أعلنت عنه الأمم المتحدة والمؤسسات الأممية الإنسانية في تصريحات عديدة.
وشدد على أن هذا الأمر يتطلب حل تلك الكارثة الإنسانية عبر الحلول الإنسانية والتي على رأسها ضرورة تقدم مفاوضات التهدئة والوصول لصفقة تبادل تؤدي لهدنة إنسانية مؤقتة لمعالجة الأوضاع الإنسانية والإغاثية العاجلة، وكل ما يحتاجه قطاع غزة وخصوصًا في مواجهة الحرب والقصف والتدمير والجوع وانتشار الأمراض والأوضاع المأساوية لجموع النازحين، وعدم وجود أغطية وملابس تقي أجساد الجوعى من الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى من البرد القارس.
ومضى قائلًا: "حسب الأخبار الواردة والتصريحات فهناك جهود كبيرة ومضنية تقوم بها القاهرة منذ فترة طويلة من أجل الاقتراب من إنجاز حقيقي وفعلي لإبرام صفقة، وهذا الأمر قد يحقق نجاحا قريبا خلال الشهر الحالي عبر الجهود المصرية المستمرة عبر اللقاءات مع طرفي العلاقة حماس وإسرائيل".
وبحسب المحلل الفلسطيني، تعمل القاهرة بكافة الوسائل لإزالة وازاحة كافة العقبات والمعيقات من خلال المباحثات والمشاورات وطرح الأفكار والآراء المتجددة، التي تعمل على تقريب وجهات نظر كافة الأطراف المعنية، من أجل ضمان النجاح والوصول لهدنة مؤقتة إنسانية محددة تفتح الطريق بعدها لاتفاق نهائي يعمل على وقف الحرب بشكل دائم على قطاع غزة.
وأشار إلى أن هناك حالة تفاؤل في الشارع الفلسطيني، خاصة أن هذه الجولة من المفاوضات ستقود في نهاية المطاف بإنجاز هدنة إنسانية مؤقتة، وهذا من خلال ثقتهم العالية بجهود جمهورية مصر العربية وكافة الدول العربية الداعمة للقاهرة وللوسطاء، والأمر مرهون بشكل مهم بالولايات المتحدة التي تحسب نفسها كوسيط في عملية المفاوضات، أن تقوم بالضغط على إسرائيل هذه المرة بشكل جاد وفعلي من أجل قبولها بالهدنة الإنسانية المؤقتة التي نعتبرها كفلسطينيين مفتاح الحل وبوابة العبور لوقف إطلاق النار والحرب بشكل شامل ودائم على قطاع غزة.
تقدم ملحوظ
اعتبر الدكتور أحمد فؤاد أنور، الأكاديمي المصري والخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن هناك تقدما ملموسا في محاولات إحياء التفاوض بين إسرائيل وحماس، وعبر عن التقدم تصريحات للرئيس ترامب، حيث يعلم أن هناك تقدما ويحاول أن ينسب لنفسه بعض الفضل فيما يتحقق من تقدم.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الكثير من المسؤولين الإسرائيليين صرحوا كذلك عن وجود تقدم في المفاوضات، في إطار المبادرة المصرية التي تقضي بأن يتم منح أيام للمقاومة لترصد الأحياء ما بين الأسرى وتتواصل مع حراسهم بعدها يتم إطلاق سراح مئات من المعتقلين الفلسطينيين وفتح معبر رفح ومنح إدارته للسلطة الفلسطينية أو عناصر منسوبة ليهم.
وأكد أن هذا يتزامن مع التقدم الكبير في الأمر المتعلق بلجنة الإسناد المجتمعي، لإدارة غزة من السلطة الفلسطينية، وعناصر أخرى، وهو ما يدل على تقدم كبير، يتوقف فقط على الإرادة السياسية لدى الجانب الإسرائيلي والمقاوم، حيث هناك مسألة معلقة تتمثل في إنهاء الحرب، وهل تتعهد إسرائيل بوقف الحرب.
وتابع: "يبدو أن المقاومة تبدو مرونة إزاء التعثر الطويل لمدة عام في استكمال الصفقة ودفعات التبادل للمحتجزين، لأسباب تتعلق بالرأي العام الفلسطيني، والأوضاع التي تتغير نسبة إلى الإسناد اللبناني والمقاومة اللبنانية التي رأت منح 60 يوما هدنة"، معتبرًا أن هناك ربطا بين هدنة لبنان وإحياء الآمال في عقد صفقة بغزة ووقف الحرب.
ويرى أنور أن هناك فرصة حقيقية لتحقيق ذلك، لكنها لم تتبلور وتصل لدرجة إرسال وفد إسرائيل، لكن المؤكد أن هناك تقدما ورؤية مصرية ونقاطا محددة وجاري التشاور بشأنها من خلال الرسائل النصية والاتصالات دون حضور الجانب الإسرائيلي للتفاوض المباشر.
وتشير التقديرات المصرية، التي نقلتها وسائل إعلام إسرائيلية، إلى وجود فرصة كبيرة للتوصل إلى اتفاق خلال وقت قريب، ويُعتقد أن هذا الاتفاق قد يتم إنجازه قبل انتقال السلطة في الولايات المتحدة من الرئيس الحالي جو بايدن إلى دونالد ترامب في يناير/كانون الثاني المقبل.
ويتضمن الاتفاق المقترح وقفا مؤقتا لإطلاق النار في قطاع غزة، يتم خلاله تنفيذ خطوات عملية لبناء الثقة بين الأطراف، وتشمل هذه الخطوات إطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين مقابل الإفراج عن محتجزين إسرائيليين، إلى جانب تعزيز تدفق المساعدات الإنسانية للقطاع.