الخروقات الإسرائيلية في لبنان.. هل تهدد بانهيار اتفاق وقف إطلاق النار مع "حزب الله"؟

وسط الجهود الدولية والعربية لاحتواء الموقف، تستمر الخروقات الإسرائيلية في لبنان، على الرغم من توقيع اتفاق وقف إطلاق النار والانسحاب من الجنوب.
Sputnik
الاتفاق اللبناني الإسرائيلي لا يزال صامدًا، في ظل التعنت الإسرائيلي الذي وصل لحد قصف منطقة البقاع، الأمر الذي يثير مخاوف البعض بشأن إمكانية انهيار الاتفاق وتجدد الاشتباكات مجددًا.
ويرى مراقبون أن الخروقات الإسرائيلية تمهد لنسف الاتفاق، وتنذر بإمكانية عودة المواجهات المسلحة مرة أخرى، لا سيما في ظل صمت أمريكا، وفشل اللجنة الخماسية الدولية في الضغط على إسرائيل للالتزام باتفاق وقف الحرب.
أعربت "يونيفيل"، الخميس، عن "قلقها من تدمير الجيش الإسرائيلي للمناطق السكنية والزراعية في جنوب لبنان"، مطالبة بتسريع انسحاب القوات الإسرائيلية واستكمال انتشار الجيش اللبناني.
وقالت "يونيفيل"، في بيان لها، إنها "تعمل بشكل وثيق مع القوات المسلحة اللبنانية بينما تقوم بتسريع جهود التجنيد وإعادة نشر القوات إلى الجنوب"، مشددة على ضرورة التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي 1701 كمسار شامل نحو السلام.
وأضاف البيان أن "البعثة مستعدة للقيام بدورها في دعم البلدين في الوفاء بالتزاماتهما وفي مراقبة التقدّم، ويشمل ذلك ضمان خلو المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني من أي أفراد مسلحين أو أصول أو أسلحة غير تلك التابعة لحكومة لبنان واليونيفيل، فضلاً عن احترام الخط الأزرق".
الولايات المتحدة: الجيش الإسرائيلي نفذ أول انسحاب لقواته في جنوب لبنان

نسف الاتفاق

اعتبر سركيس أبو زيد، المحلل السياسي اللبناني، أن الخروقات الإسرائيلية تؤكد بأنه لا يوجد التزام ببنود وقف إطلاق النار، خاصة أن هناك لجنة دولية بمشاركة فعلية من أمريكا وفرنسا تشرف على تنفيذ هذا الاتفاق.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، استمرار هذه الخروقات الإسرائيلية واللجنة غير قادرة على ردع إسرائيل ومنعها، دليل على أن هناك خللا في هذا الاتفاق، ويمكن أن تؤدي هذه العمليات إلى تكرار ردود الفعل المعاكسة، وتطور المشهد لإسقاط اتفاق وقف إطلاق النار.
وتابع: "ما يحدث يوحي كذلك بأن هناك احتمال بالعودة للحرب وتبادل المعارك، ما يهدد مصير الاتفاق، أو عدم جديته، ويترك المجال لإسرائيل أن تتمادى في خروقاتها حتى تحقق الأهداف التي كانت تريدها من الحرب".
وأكد أن ذلك يضع لبنان أمام خطر العودة للحرب، وكأن الاتفاق ذات الطابع الدولي غير قادر على الاستمرار، في ظل عدم التزام إسرائيل به، وعدم رغبة أمريكا في ممارسة الضغط على إسرائيل لمنع التمادي في هذا الموضوع.
وحذر من أن الخروات تأتي عشية الدعوة لانتخاب رئيس جمهورية، ما يهدد بنسف الاجتماع، أو يضع أمام الرئيس الجديد تحد كبير متعلق بالحرب، مشيرًا إلى أن بعض الأطراف اللبنانية ترغب في أن تستمر هذه الحرب حتى تحسن شروطها في الانتخابات الرئاسية.
ثاني أيام وقف إطلاق النار... قصف مدفعي إسرئيلي على جنوب لبنان

تهديد قائم

قال أسامة وهبي، الناشط المدني اللبناني، إن هناك خروقات بالجملة تمارسها إسرائيل في الجنوب اللبناني تحت غطاء أمريكي وتواطؤ دولي، لأن حزب الله بات محاصرا داخليا وإقليميا، بعد المتغيرات التي حدثت في سوريا ورحيل حكومة بشار الأسد، ومراقب من كل المنافذ البرية والبحرية والجوية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، حزب الله أصبح في موقع الضعيف، وغير قادر للذهاب إلى حرب، لا سيما بعد عملية الدمار الكبيرة التي حصلت في مناطقه، والتململ الذي يصدر من قبل البيئة الحاضنة، لأنه وعد بإعادة الترميم والإعمار، لكن على ما يبدو لا يزال عاجزا عن القيام بهذه العملية، وهو ما يؤشر إلى وجود أزمة مستقبلية بين حزب الله وبيئته الحاضنة في لبنان، إذا لم يستطع أن يعيد كل الأمور إلى نصابها كما وعد من قبل.
وأكد أن هناك خروقات علنية لهذا الاتفاق، وحزب الله كما يقول ينتظر فترة الـ 60 يومًا، لكنه غير قادر للذهاب لحرب، ويضغط باتجاه أن تقوم اللجنة الخماسية بعملها وأن تجبر إسرائيل على الانسحاب من المناطق المحتلة، وأن يقوم الجيش اللبناني بالانتشار في مناطق نهر الليطاني وتطبيق قرار رقم 1701.
ويرى وهبي أن الخروقات الإسرائيلية تهدد اتفاق وقف إطلاق النار، وهناك تخوف جدي في لبنان من استدراج إسرائيل حزب الله إلى عمل عسكري، والعودة إلى المربع الأول، والذي يعني الحرب والدمار.
وأشار إلى وجود ضغوط جدية ومجهود لبناني تقوم به الحكومة لمنع الانزلاق للحرب مجددًا، لكن إسرائيل لا تزال تخرق الاتفاق، وسط غطاء أمريكي واضح، فيما تحدثت مصادر أمريكية عن ربط بين الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان وبين الاستحقاق الرئاسي، وفرض من تسميه الإدارة الأمريكية، وكذلك ربط بين إعادة الإعمار ونزع سلاح حزب الله، وهي معضلة حقيقية، وقد نذهب إلى العنف مجددًا، في حال امتنع الحزب عن تسليم سلاحه.
سلاح الجو الإسرائيلي يقصف منطقة البقاع في لبنان للمرة الأولى منذ إعلان وقف إطلاق النار

خروقات إسرائيلية

وقبل أيام، أعلن الجيش الإسرائيلي، أن "حزب الله اللبناني قام بتركيز أسلحة كبيرة في منطقة البقاع"، مشيرا إلى أن سلاح الجو نفذ هجوما واسع النطاق على تلك المستودعات.
وأفادت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، بأنه "للمرة الأولى منذ وقف إطلاق النار في لبنان، هاجم سلاح الجو تجمعات أسلحة حزب الله في عمق البقاع"، مشيرة إلى أنه "يبدو أن بعض الأسلحة تم تهريبها من سوريا إلى لبنان".
ورفض الجيش الإسرائيلي التعليق، لكن مصادر أمنية قالت لـ"معاريف" إن إسرائيل عازمة على تنفيذ إجراءات إنفاذ ضد "حزب الله" في جميع أنحاء لبنان ومنع إعادة تسليحه.
وفي الشهر الماضي، دخل وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان حيز التنفيذ، وبعد بدء دخول الاتفاق حيز التنفيذ، انطلق نازحون لبنانيون للعودة إلى قراهم ومدنهم في الجنوب، حسبما ذكرت وسائل إعلام لبنانية.
وشنّت إسرائيل هجمات عدة، منذ ذلك الوقت رغم سريان الاتفاق، فيما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية مقتل شخص على الأقل، جراء غارة إسرائيلية على بلدة مرجعيون جنوبي لبنان.
مناقشة