تم رصد علامات على جسم ضخم غير مرئي مختبئ في أعماق مجرة قزمة تسمى "سحابة ماجلان الكبرى"، تدور حول مجرة درب التبانة في حلقة تتقلص باستمرار، حيث تصل كتلته إلى نحو 600000 ضعف كتلة الشمس.
ونظرًا لأن "سحابة ماجلان الكبرى" ستصطدم يومًا ما بمجرتنا، فهذا يعني أن الثقب الأسود مقدر له أيضًا أن يصطدم بها.
والأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أن الثقب الأسود يقع في نظام كتلة نادرًا ما يرى، أقل من مليون مرة من كتلة الشمس. وإذا تم تأكيد وجوده، فسيوفر لنا ذلك نقطة بيانات جديدة لفهم كيف تنمو الثقوب السوداء من كتل بحجم النجوم إلى وحوش ضخمة تعادل ليس فقط ملايين بل مليارات كتلة الشمس.
قد يكون من الصعب جدًا رصد الثقوب السوداء. ما لم تكن تبتلع المادة بنشاط، وهي العملية التي تنتج ضوءًا متوهجًا مع ارتفاع درجة حرارة المادة بسبب الاحتكاك والجاذبية، فإنها لا تصدر أي إشعاع يمكننا اكتشافه.
ركز العلماء في بحثهم على نوع آخر من الحركة النجمية: النجم فائق السرعة، وهي أجسام شاذة تتحرك بسرعة أكبر كثيراً من متوسط سرعة النجوم الأخرى في مجرتها، حتى أنها قد تنطلق إلى الفضاء بين المجرات. وهناك عدد من هذه النجوم المتهورة تنطلق بسرعة هائلة عبر الهالة المجرية، ولا أحد يعرف وجهتها.
لقد قادت الطريقة التي تتسارع بها هذه النجوم الباحثين إلى فكرة مفادها أنها قد تقودنا إلى ثقوب سوداء مخفية. وتُعرف هذه الحركة التسارعية بآلية "هيلز"، وهي تفاعل ثلاثي بين ثقب أسود ونجمين. وفي نهاية المطاف، سوف تؤدي الحركة الجاذبية إلى دفع أحد أعضاء هذه الثلاثية بقوة عبر الفضاء بسرعة فائقة.
وأجرى الباحثون تحليلاً جديدًا لـ 21 نجمًا فائق السرعة في الهالة الخارجية للمجرة والتي تتوافق مع آلية "هيلز". تنتمي هذه النجوم جميعها إلى النوع الفرعي "ب"، وهي ضخمة وساخنة، ولها أعمار قصيرة نسبيًا، مما يعني أن رحلاتها عالية السرعة عبر الفضاء يجب أن تكون قصيرة نسبيًا أيضًا.
وتضمن هذا التحليل تتبع سرعة النجوم وحركتها إلى نقطة نشأتها، مع الحكم بعناية على سيناريوهات التسارع المحتملة الأخرى. وتمكنوا من تتبع 16 نجمًا. نشأت سبعة منها في مركز درب التبانة.
ومع ذلك، يبدو أن النجوم التسعة المتبقية جاءت من "سحابة ماجلان الكبرى". وتشير معًا إلى القذف عبر آلية "هيلز" بواسطة جسم يزن نحو 600000 كتلة شمسية، وثقب أسود مخفي كامن فيه.
تدور "سحابة ماجلان الكبرى" حاليًا حول درب التبانة على مسافة نحو 160.000 سنة ضوئية. وإن سقوطه البطيء الطويل في مجرتنا ليس بالأمر السهل، بل هو عبارة عن حركة مستمرة، وتشير تقديرات حديثة إلى أن اللقاء قد يستغرق نحو 2 مليار سنة.
بمجرد اندماج المجرتين، فإن الثقب الهائل الكتلة في "سحابة ماجلان الكبرى" سوف يشق طريقه إلى مركز المجرة، حيث سيندمج في النهاية، لتكوين ثقب أسود أكبر.
ووفقا للدراسة التي نشرتها مجلة "ساينس أليرت" العلمية، فإن علماء الفلك يعتقدون أن هذه هي إحدى الطرق التي يمكن أن تنمو بها الثقوب السوداء من أحجام صغيرة نسبيًا إلى أحجام أكبر. وسيكون من المذهل أن نرى هذه العملية تحدث ببطء في مجرتنا.