وكان أصدر مصرف لبنان تعميما جديدا في 1 تموز/ يوليو الجاري، يقضي بمنع المصارف من تسديد أي مبالغ من الودائع المصرفية بالدولار الأمريكي، أو غيرها من العملات الأجنبية التي أودعت قبل 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، إلا ضمن السقوف التي تحددها القرارات التنظيمية الصادرة عنه، ومع ضرورة الحصول على موافقة خطية مسبقة من المصرف المركزي.
وجاء في التعميم أن الأزمة المالية التي اندلعت عام 2019 فرضت قيودا على الودائع، ومنعت المودعين من التصرف بأموالهم بحرية، مشيرا إلى أن بعضهم حاول استرداد ودائعه بشكل كامل أو تحويلها إلى الخارج، ما أوجد تمييزا غير عادل بين المودعين.
وأكد مصرف لبنان أن المدفوعات الانتقائية تخالف مبادئ العدالة والمساواة وتقوض أي حل شامل للأزمة المالية، مشددا على ضرورة احترام حقوق جميع المودعين دون تفضيل فئة على أخرى، وبناء عليه، قرر اعتماد إجراءات استثنائية حفاظا على المصلحة العامة والانتظام المالي.
وفي هذا السياق، قال المودع رامي غندور لـ"سبوتنيك": "هذا التعميم الذي أصدره الحاكم مؤخرا، ليس سوى صكّ براءة للمصارف. فمضمونه ببساطة: "لقد سرقناكم، ولا يحق لكم الشكوى على المصرف. هذه هي الحقيقة باختصار. وهو يدعي أن في ذلك مساواة بين المودع داخل لبنان والمودع خارجه".
وتابع: "لكن في الواقع، المودع في الخارج، حين يلجأ إلى القضاء في بلدان تحترم القانون ولا تخضع لسلطة الساسة الفاسدين، يمكنه أن يأخذ حقّه عبر قرار قضائي، وبحسب هذا التعميم، لا يحق له أن يحصّل هذا الحق في لبنان".
وبدوره، أوضح المحامي بيار الجميل أن "التعميم رقم 169، هو تعميم غير قانوني وغير دستوري، لأن حاكم مصرف لبنان لا يملك الصلاحية للتشريع عبر التعميم. فالتعاميم، من حيث المبدأ، ليست أدوات تشريعية، وهذا ما أكده رئيس الدائرة القانونية في مصرف لبنان نفسه، خلال جلسة موثقة، حيث اعترف بأن جميع التعاميم غير قانونية".
وأضاف: "أما مضمون هذا التعميم تحديدا، فهو في غاية الخطورة. أولا، يقوم بفرض قيود إضافية على التحاويل والتحكم في أموال الناس، أي أنه نوع من "الكابيتال كونترول" غير المشرع. ثانيا، يوجه دعوة صريحة للمصارف بأن تلجأ إليه للحصول على إذن لتحويل أموال المودعين، حتى ولو كان بحوزة المودع حكم قضائي نافذ! وهذا أمر بالغ الخطورة".
وتساءل: "منذ أسبوعين فقط، أعلن الحاكم أنه سيحترم الأحكام القضائية، لأن الجريمة التي حصلت مر عليها الزمن، ولأنه يحترم القضاء، فكيف يفسر اليوم رفضه تنفيذ أحكام قضائية واضحة؟".
وختم: "أؤكد أنني سأتقدم بطعن أمام مجلس شورى الدولة لإبطال هذا التعميم الجائر، وسأسعى لكسره قانونيا. ونقول لحاكم مصرف لبنان: لقد أتى بك رئيس الجمهورية لا لتقف ضد المودعين، بل لتقف إلى جانب الحق، وتُكمل ما تبقّى من عهد لا أن تهدمه".