راديو

ارتفاع تاريخي في أسعار الذهب عالميا.. أسبابه وكيف يلقي بظلاله على السوق العربي

قفزة تاريخية شهدتها أسعار الذهب عالميا، بعدما تجاوز المعدن النفيس لأول مرة حاجز 3750 دولارا للأونصة، ليسجل رقما قياسيا جديدا في الأسواق العالمية.
Sputnik
هذا الارتفاع الذي لم يأت من فراغ، جاء نتيجة تداخل عوامل اقتصادية وجيوسياسية معقدة: من قرارات البنوك المركزية وخفض الفائدة الأمريكية، إلى التوترات التجارية بين واشنطن وبكين، وكذلك تزايد المخاطر العالمية التي جعلت الذهب والفضة وجهةً آمنة للمستثمرين.

قال الخبير الاقتصادي، أبو بكر الديب، إن أسعار الذهب العالمية تشهد موجة ارتفاع قوية مدفوعة بجملة من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية، أبرزها التضخم العالمي وتراجع قيمة العملات الورقية، مما يدفع المستثمرين إلى اللجوء للذهب كملاذ آمن.

وأوضح الديب أن قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الأخير بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، للمرة الأولى منذ ديسمبر الماضي، أسهم في زيادة السيولة وتعزيز الطلب على الذهب.
كما أشار إلى استعداد الفيدرالي لاتخاذ مزيد من خطوات التيسير النقدي خلال الفترة المقبلة، مما يعزز من جاذبية الذهب كأصل استثماري.
وحول انعكاسات ارتفاع الذهب على الدول العربية، قال الديب إن هناك آثارا إيجابية وسلبية. فمن جهة، تستفيد الدول التي تمتلك احتياطات ذهبية مثل السعودية والإمارات والكويت من ارتفاع الأسعار، كما يشجع ذلك الأفراد على الاستثمار في الذهب.
ومن جهة أخرى، تواجه الدول المستوردة للذهب تحديات في ارتفاع تكاليف الإنتاج، وتراجع الطلب على المجوهرات الفاخرة، مما يؤثر على قطاعات السياحة والتجارة.
ودعا الديب إلى ضرورة تنويع الاستثمارات، سواء على مستوى الحكومات أو الأفراد، وعدم الاعتماد الكامل على الذهب.
أكد الخبير الاقتصادي د. بلال علامة أن ارتفاع أسعار الذهب عالميا ليس حدثا طارئا، بل هو نتيجة مسار تصاعدي بدأ منذ أكثر من عام، مدفوعا بتزايد التوترات الجيوسياسية والاقتصادية حول العالم، إلى جانب السياسات غير المستقرة التي تنتهجها الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة في ظل قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وقال علامة إن الذهب لطالما كان الملاذ الآمن في أوقات الأزمات، وهو ما دفع العديد من الدول إلى تحويل احتياطاتها من الدولار الأمريكي إلى الذهب، كضمانة أكثر استقرارا. وأضاف أن هذا التوجه أدى إلى زيادة الطلب على الذهب، وبالتالي ارتفاع أسعاره بشكل مستمر، في وقت يشهد فيه الدولار الأمريكي تراجعا ملحوظا.
وأشار إلى أن هذا التحول يعكس خللا في النظام المالي العالمي القائم على هيمنة الدولار منذ مؤتمر بريتون وودز، مؤكدا أن الذهب، رغم أهميته، لا يمكن أن يتحول إلى عملة عالمية بديلة بسبب محدودية إنتاجه وعدم قدرته على تلبية احتياجات التداول العالمي.
وحول تأثير ذلك على المنطقة العربية، قال علامة إن الشعوب العربية، بطبيعتها الاستهلاكية، تتجه إلى الذهب كوسيلة لحفظ القيمة، خاصة في ظل اضطراب الأسواق العالمية وتراجع الثقة في الدولار والسندات الأمريكية. وأضاف أن هناك اهتماما متزايدا بالاستثمار في المعادن النفيسة الأخرى مثل الفضة والبلاتينيوم، والتي يرى أنها ستشهد مستقبلا استثماريا واعدا.
مناقشة