وأطلقت وزارة الري السودانية "إنذارا أحمر"، محذرة من فيضانات محتملة واسعة النطاق، مع استمرار ارتفاع منسوب النيل الأبيض، رغم تراجع منسوب النيل الأزرق، في الآونة الأخيرة. وقد طالت الفيضانات مناطق في جنوب ولاية النيل الأزرق وولايتي سنار والجزيرة، دون تسجيل خسائر بشرية حتى اللحظة.
وفي جنوب العاصمة الخرطوم، غمرت المياه عددًا من المنازل في منطقة "الكلاكلة"، نتيجة ارتفاع منسوب النيل الأبيض القادم من بحيرة "فيكتوريا".
التطورات الأخيرة أعادت الجدل حول تأثيرات سد النهضة الإثيوبي، الذي افتُتح رسميًا في 9 سبتمبر/ أيلول الجاري، ويقع على بعد 15 كيلومترًا فقط من الحدود السودانية. ويحتجز السد قرابة 74 مليار متر مكعب من مياه النيل الأزرق، ما أثار مخاوف من تغيرات مفاجئة في مناسيب المياه خلال موسم الفيضانات (من يوليو/ تموز إلى أكتوبر/ تشرين الأول).
ورغم تصريف السد نحو 750 مليون متر مكعب من المياه خلال الأسابيع الماضية، يرى خبراء أن ضعف التنسيق بين السودان وإثيوبيا في إدارة تشغيل السد يزيد من المخاطر، خصوصًا مع تراجع القدرة التخزينية لسدي "الروصيرص" و"سنار" إلى أقل من 300 مليون متر مكعب.
بينما يرى بعض المراقبين أن الفيضانات الحالية مرتبطة بتغيرات مناخية وأمطار غزيرة في الهضبة الإثيوبية ومنطقة بحيرة "فيكتوريا"، يعتقد آخرون أن توقيت ملء سد النهضة أسهم في وقوع فيضانات غير معتادة.
وأوضح خبير السدود ووكيل وزارة الري السودانية السابق أحمد آدم، أن "إيراد سد النهضة انخفض من 738 إلى 699 مليون متر مكعب خلال يومين فقط"، مشيرًا إلى تأثير ذلك على تدفق المياه إلى السودان.
كما أشار إلى أن "رفع منسوب السد يوم الافتتاح إلى 640 مليون متر مكعب أدى إلى تدفق كبير للمياه باتجاه السودان".
من جانبه، دعا المهندس نبيل النوراني، إلى تنسيق كامل بين السودان وإثيوبيا حول تشغيل سد النهضة، لافتًا إلى أن "هناك أطر تعاون سابقة يمكن تفعيلها لتفادي الكوارث". وأكد أن "السد يمكن أن يعود بفوائد كبيرة على السودان، مثل زيادة الرقعة الزراعية وتوفير الكهرباء، لكن بشرط وجود إدارة مشتركة محكمة".
ويعد سد النهضة أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ إثيوبيا، ويأتي تدشينه بعد سنوات من الجدل الإقليمي والدولي حول تداعياته على مياه نهر النيل، وتعتبر مصر أن السد "يؤثر سلبًا على حقها التاريخي في مياه النيل".