إذ يُعد النفط المصدر الرئيسي للدخل القومي بالعراق، وتشكل عائداته أكثر من 90% من إيرادات الدولة، وهذا الاعتماد شبه الكامل للاقتصاد العراقي على النفط، جعله عُرضة لهزات اقتصادية محتملة حال انخفضت أسعار النفط عالميا.
وبناء على هذه المعطيات، أدركت الحكومة العراقية الحاجة الملحة لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، حيث تم اتخاذ خطوات لتعزيز القطاعات غير النفطية مثل الزراعة والصناعة والسياحة، مع إجراءات لتحسين بيئة الأعمال وتقديم ضمانات للقطاع الخاص مستهدفين جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية لتنمية القطاعات.
لكن هذا التوجه من قبل الحكومة العراقية اصطدم أحيانا بخلافات سياسية داخل البرلمان السابق، عرقل صدور بعض القوانين، ليس هذا فقط بل اصطدم أيضا بأزمة مالية، إضافة إلى مشكلات الجفاف التي تواجه البلاد.
لذلك، يُعلق العراقيون المزيد من الآمال على البرلمان الجديد المنتخب، لتبني سياسيات اقتصادية جديدة لإصلاح الاقتصاد العراقي.
في هذا السياق، أكد مستشار مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي للشؤون الاقتصادية ضرغام محمد علي، أن العراق يواجه جملة من التحديات المعقدة حتى قبيل الاستحقاق الانتخابي، أبرزها ما يتعلق بالموازنة الثلاثية التي صيغت على تقديرات غير واقعية.
وأوضح أن الحكومة اعتمدت سعرا مرتفعا للنفط يفوق السبعين دولارا للبرميل، وهو ما أدى إلى اتساع فجوة العجز، في ظل غياب أدوات فعالة لمعالجته سوى الاقتراض الداخلي الذي استُهلك بشكل واسع خلال السنوات الماضية.
وأشار إلى أن الجهاز الإداري للدولة يعاني تضخما كبيرا نتيجة غياب سوق عمل خاص قادر على استيعاب الأعداد المتزايدة من الموظفين.
من جهته، قال الاستشاري في الاقتصاد والنقل الدولي د. زياد الهاشمي، إن البرامج الاقتصادية التي طرحت خلال الحملات الانتخابية الأخيرة اتسمت بطابع شعبوي.
وأوضح أن هذه البرامج، ركزت على وعود تتعلق بالتوظيف وتحسين مستوى المعيشة، وهي وعود يصعب تنفيذها عمليا بسبب القيود المالية وغياب الأدوات اللازمة لدى الحكومات المقبلة.
وشدد على ضرورة وضع خارطة طريق واضحة تبدأ بضبط الإنفاق العام وتحويل جزء مهم من الموارد نحو الاستثمار، مع إعادة هيكلة القطاع العام ليكون مساندا للقطاع الخاص لا منافسا له.
من جهته، أكد المحلل السياسي والباحث في الشأن الأمني، أثير الشرع، إن اعتماد الاقتصاد العراقي المفرط على النفط يمثل خطرا كبيرا على مستقبل البلاد، خاصة مع تذبذب أسعار النفط عالميا.
وأشار إلى أن العراق بحاجة ماسة إلى حكومة تضم كفاءات اقتصادية وتكنوقراط قادرين على إدارة الملفات المالية والنقدية.
وأكد أن هناك إرادة لدى بعض القوى السياسية لتشكيل حكومة تختلف عن سابقاتها، لكن نجاحها يبقى مرهونا بقدرتها على إدارة الملفات المعقدة وتحقيق إصلاحات حقيقية.