وأعلنت أمريكا، أمس السبت، أن اجتماعًا عُقد في مدينة ميامي الأمريكية، بمشاركة ممثلين عن واشنطن ومصر وقطر وتركيا، لمراجعة الخطوات التالية في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، وسط حديث عن تقدم يمهّد للانتقال إلى المرحلة الثانية منه.
وقال بيان مشترك صادر عن المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، إن "الاجتماع ناقش مراحل تنفيذ خطة السلام الشاملة الخاصة بغزة"، مؤكدًا "استمرار المشاورات خلال الأسابيع المقبلة لدفع تنفيذ المرحلة الثانية، مع دعوة جميع الأطراف إلى الالتزام بتعهداتها وضبط النفس".
وأشار البيان إلى إحراز "تقدم ملحوظ في المرحلة الأولى من الاتفاق، شمل توسيع إدخال المساعدات الإنسانية، وإعادة جثامين أسرى، وانسحابا جزئيا للقوات الإسرائيلية، وخفض وتيرة الأعمال العدائية"، مؤكدًا التزام الوسطاء الكامل بجميع بنود خطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للسلام.
وفيما يتعلق بالمرحلة الثانية، شدد المجتمعون على "ضرورة تمكين هيئة حكم في غزة، تحت سلطة غزّية موحّدة، لضمان حماية المدنيين والحفاظ على النظام العام، إلى جانب دعم إنشاء وتشغيل مجلس السلام، كإدارة انتقالية للمسارات المدنية والأمنية وإعادة الإعمار".
كما ناقش الاجتماع، بحسب البيان، خطوات للتكامل الإقليمي تشمل تسهيل التجارة، وتطوير البنية التحتية، وتعزيز التعاون في مجالات الطاقة والمياه، باعتبارها ركائز لتعافي غزة وتحقيق الاستقرار الإقليمي على المدى الطويل.
وفي السياق ذاته، كشف مسؤول أمريكي رفيع، في تصريحات لوسائل إعلام عربية، عن جولة جديدة من المفاوضات بشأن غزة، تعقد في ميامي، في وقت تتواصل فيه التحركات الدبلوماسية لدفع مسار الاتفاق.
تحركات تركية واتصالات مع "حماس"
بالتوازي، أفادت وسائل إعلام تركية،/ نقلا عن مصادر أمنية تركية، بأن رئيس جهاز المخابرات التركي إبراهيم قالن، التقى في مدينة إسطنبول التركية رئيس حركة حماس في غزة، خليل الحية، إذ ناقشا الإجراءات اللازمة للانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، وسبل منع الانتهاكات الإسرائيلية ومعالجة القضايا العالقة.
وأكدت المصادر أن "تركيا، بصفتها دولة ضامنة للاتفاق، تواصل جهودها بالتعاون مع دول المنطقة والمنظمات الدولية لضمان إدخال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع، ولا سيما الخيام ووسائل الإيواء".
من جانبها، جددت حركة حماس الفلسطينية مطالبتها للوسطاء وواشنطن بالتدخل لوقف ما وصفته بـ"محاولات حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فرض معادلات تتناقض مع الاتفاق"، معتبرة أن "قصف مدرسة تؤوي نازحين شرق غزة يشكل خرقا فاضحا ومتجددا لوقف إطلاق النار".
تفاؤل أمريكي وتحذيرات من الانتهاكات
وأعرب وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، في تصريحات سابقة، عن تفاؤله بقرب استكمال المرحلة الأولى من الاتفاق، مؤكدًا سعي واشنطن لتسريع التنفيذ لضمان تدفق المساعدات وبدء إعادة الإعمار، مع إقراره بأن "تنفيذ المرحلتين الثانية والثالثة قد يستغرق سنوات".
في المقابل، حذر وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، أمس السبت، من أن "الانتهاكات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار تهدد خطة السلام"، مشيرًا في تصريحات للصحفيين إلى التوصل إلى "تفاهمات مبشّرة" خلال محادثات ميامي، واصفًا الاجتماع بأنه "الأهم منذ قمة شرم الشيخ".
وأكد فيدان أن "جميع الأطراف متفقة على خطورة الانتهاكات الإسرائيلية، وعلى ضرورة تكثيف مشاورات الدول الوسيطة"، مشددًا على أن "أي ترتيبات مستقبلية لغزة يجب أن تضمن حكم سكانها، ووحدة أراضيها، وأن تكون لصالح الشعب الفلسطيني".
كما شدد أن الموقف "التركي يقوم على 3 معايير أساسية في أي ترتيبات تتعلق بغزة، تتمثل في أن تُدار من قبل سكانها، وألا يتعرض القطاع لأي تقسيم، وأن تكون جميع الخطوات المتخذة في مصلحة أهلها بالدرجة الأولى".
وأشار إلى "توقع تدفق استثمارات كبيرة لإعادة إعمار غزة، مع التأكيد على ضرورة توجيه هذه الاستثمارات لخدمة سكان القطاع بشكل مباشر".
ويأتي هذا الحراك السياسي، في إطار خطة سلام أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في سبتمبر/ أيلول 2025، تتألف من 20 بندا تشمل وقف إطلاق النار، والإفراج عن الأسرى، وتشكيل حكومة تكنوقراط، وإعادة إعمار غزة، وسط تساؤلات متزايدة حول مدى قرب الانتقال الفعلي إلى المرحلة الثانية من الاتفاق.