العالم ينتفض ضد الاستيطان في الضفة.. كيف يمكن للقانون الدولي التدخل لوقف هذه الانتهاكات؟

مع تعالي الأصوات الدولية المنددة بالإجراءات الإسرائيلية الاستيطانية في الضفة الغربية، ووسط بيانات شجب متتالية على مدار سنوات، لم يزل المجتمع الدولي غير قادر على دفع إسرائيل باحترام القانون وتنفيذه.
Sputnik
وفي ظل التحدي المعلن للحكومة الإسرائيلية للقانون الدولي فيما يتعلق ببناء وحدات استيطانية، ومع إعلان المسؤولون الإسرائيليون عن نواياهم بشكل علني لضم الضفة الغربية، يطرح البعض تساؤلات عن الطرق التي يمكن للقانون الدولي من خلالها وقف هذه الانتهاكات.
ونددت 12 دولة من بينها بريطانيا وكندا وألمانيا، في بيان مشترك، بموافقة المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي على إقامة 19 مستوطنة ‌جديدة في الضفة الغربية، وشددت على أنها ⁠"تنتهك القانون الدولي ويمكن أن تفاقم حالة عدم الاستقرار".
وقالت بريطانيا وبلجيكا والدنمارك وفرنسا وإيطاليا وآيسلندا وأيرلندا واليابان ومالطا وهولندا والنرويج وإسبانيا: "نذكّر أن مثل هذه التحركات أحادية الجانب، في إطار تكثيف أوسع لسياسات الاستيطان في الضفة ⁠الغربية، لا تنتهك القانون الدولي فحسب، بل تؤجج أيضا حالة عدم الاستقرار".
ورفض وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، ‌بيان الدول الأجنبية، وقال في منشور عبر منصة "إكس"، إن "القرار يهدف إلى المساعدة على التعامل مع ‌التهديدات الأمنية التي تتعرض لها إسرائيل".

دعم أمريكي

تنديد دولي لخطة بناء مستوطنات إسرائيلية جديدة في الضفة الغربية
قال عضو المجلس الثوري لحركة فتح، الدكتور تيسير نصر الله: إنه لا يرى أي تأثير فعلي لمواقف الدول الأوروبية المعارضة لقرارات الاستيطان على توجهات الحكومة الإسرائيلية.
وأشار في تصريحات لـ "سبوتنيك"، إلى أن سلطات الاحتلال ماضية في تنفيذ برنامجها الاستيطاني بطريقة متسارعة، وتهدف إلى فرض سياسة الأمر الواقع بقوة الاستيطان على الأرض.
وأكد نصر الله أن هذا التصعيد الاستيطاني من شأنه أن يحول دون الوصول إلى أي حل سياسي يعتمد على قرارات الشرعية الدولية، لافتا إلى أن إسرائيل تفرض موقفها مستغلة حالة الضعف التي يعاني منها الموقف الدولي.
وأوضح أن الإدارة الأمريكية، باعتبارها الطرف صاحب التأثير الأول على الحكومة الإسرائيلية، تدعم سياسة الاستيطان بشكل مباشر، مما يفقد المواقف الدولية الأخرى قيمتها وتأثيرها.
وفي ظل هذه المعطيات، لا يرى نصر الله أي قوة حقيقية للقانون الدولي تمكنه من وقف الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة، معتبرا أن غياب الإرادة الدولية الرادعة واستمرار الدعم الأمريكي يشجعان الاحتلال على الاستمرار في تدمير فرص السلام وتجاوز كافة الأعراف والمواثيق الدولية.

قرار الفصل السابع

مسؤول فلسطيني لـ"سبوتنيك": إسرائيل تنفذ ضما فعليا للضفة الغربية وتقوض قيام الدولة
من جانبه قال أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، إن العالم ينتفض حاليا ضد ما يقوم به الاحتلال من ممارسات استيطانية في الضفة الغربية، وخاصة بعد الإعلان عن بناء 19 بؤرة استيطانية جديدة، مشيرا إلى أن هذا العالم بمجمله يعجز عن كبح جماح العصابة الحاكمة في تل أبيب.
وأوضح أن تساؤلاً يطرح نفسه حول كيفية انتصار القانون الدولي، معتبرا أن ذلك لا يتم إلا بصدور قرار تحت الفصل السابع الذي يضمن التنفيذ بالقوة، وهو أمر غير وارد للأسف في ظل وجود الفيتو الأمريكي.
وأكد الرقب أنه رغم صدور القرار 2334 في ديسمبر 2016 ضد الاستيطان، ووجود فتاوى قانونية من محكمة العدل الدولية تؤكد عدم شرعيته، إلا أن كل هذه الجهود تقف عاجزة أمام الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن.
ولفت إلى أن المراهنة على هذه المتغيرات الدولية ليست بالأمر السهل في الوقت الراهن، نظرا للدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في حماية سياسات الاحتلال الإسرائيلي، ومنع اتخاذ إجراءات رادعة بحقه.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية أن الجميع بانتظار فرصة لصدور قرار من مجلس الأمن تحت البند السابع، مشددا على أنه إذا تم ذلك فسيحدث متغيرا حقيقيا، أما دون ذلك فستبقى كل القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن بلا أي تأثير فعلي على هذا الاحتلال، الذي يستمر في تجاوزاته دون مبالاة بالمنظومة الدولية.

إرادة دولية ضعيفة

وزير الدفاع الإسرائيلي: نحن بمرحلة فرض السيادة في الضفة الغربية
بدوره اعتبر فادي أبو بكر، المحلل السياسي الفلسطيني، أن القانون الدولي ينظر إلى الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية على أنه غير شرعي، إلا أن تطبيقه يواجه صعوبات بسبب ضعف الإرادة السياسية الدولية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، يمكن التصدي لهذه الانتهاكات عبر المؤسسات الدولية مثل مجلس الأمن والجمعية العامة ومحكمة العدل الدولية، إلى جانب المحكمة الجنائية التي يمكنها مساءلة المسؤولين عن جرائم الحرب، ومحاكمتهم.
وشدد أبو بكر على أن الدول يمكنها كذلك أن تفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية على قادات جرائم الحرب الإسرائيليين، وتمنع التعامل مع المستوطنات والمستوطنين، ولا تعترف بالوضع غير القانوني في الأراضي الفلسطينية بالضفة.
ويرى أن نجاح هذه الإجراءات يظل مرتبطا بقدرة المجتمع الدولي على تفعيل الضغط السياسي والقانوني والاقتصادي، وتحويل الإجماع الدولي والقانوني إلى خطوات عملية لحماية حقوق الفلسطينيين ووقف التوسع الاستيطاني.
وكان وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، قد أعلن يوم الأحد الماضي، أن "السلطات أعطت الضوء الأخضر لبناء المستوطنات"، قائلًا إن "هذه الخطوة تهدف إلى منع قيام دولة فلسطينية".
ويوم الأحد الماضي، أعلنت إسرائيل رسميا إنشاء 11 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، إلى جانب الاعتراف بـ8 بؤر استيطانية غير شرعية وأحياء تابعة لمستوطنات قائمة، كمستوطنات رسمية جديدة.
وبحسب القانون الدولي، تعد هذه المستوطنات غير شرعية.
ووفقا لـ"حركة السلام الآن" الإسرائيلية، فإن "نحو نصف مليون مستوطن يقيمون في مستوطنات بالضفة المحتلة، في حين يقيم نحو 250 ألف مستوطن بمستوطنات مقامة على أراضي القدس الشرقية".
وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أول أمس الثلاثاء، أن "الحكومة الإسرائيلية دخلت مرحلة فرض السيادة في الضفة الغربية".
وأوضح كاتس أن "إسرائيل ستبدأ ببناء 1200 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة بيت إيل شمال رام الله"، في خطوة تعتبر جزءاً من استراتيجيتها لتوسيع الاستيطان.
وأضاف أن "الانسحاب من قطاع غزة غير مطروح على الإطلاق، وأن الحكومة ستعمل على إقامة بؤر استيطانية شمالي القطاع في الوقت المناسب".
مناقشة