السعودية تعزز قدراتها البحرية بالتعاون مع واشنطن ومدريد.. ما التفاصيل؟
17:30 GMT, 26 ديسمبر 2025
محمد حميدة
مراسل وكالة "سبوتنيك" في مصر
تسعى المملكة السعودية لتعزيز جاهزية القوات البحرية في إطار حماية المصالح الإستراتيجية، من خلال امتلاكها أحدث المنظومات القتالية المتطورة بالتعاون مع عدد من الدول.
Sputnikوفي وقت سابق،
عوّمت القوات البحرية السعودية أولى سفنها الحربية، ضمن مشروع "طويق" الرامي إلى بناء 4 سفن حربية متعددة المهام في ولاية ويسكونسن بأمريكا.
ويشمل مشروع "طويق" تطوير قاعدة الملك عبد العزيز البحرية بالجبيل، وإنشاء مرافق متقدمة للصيانة والتدريب، بما يسهم في رفع كفاءة التشغيل، واستدامة الجاهزية القتالية للقوات البحرية السعودية، وفق رئيس أركان القوات البحرية الفريق الركن محمد بن عبد الرحمن الغريبي الذي شهد مراسم التعويم قبل أيام ، بحضور عدد من كبار الضباط والمسؤولين من الجانبين السعودي والأمريكي، وممثلي شركة "لوكهيد مارتن" وشركة "فينكانتيري" المتخصصة في بناء السفن العسكرية والبحرية المتقدمة، بحسب وكالة الأنباء السعودية (واس).
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2015، وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على التوريد المحتمل إلى المملكة العربية السعودية بموجب برنامج المبيعات العسكرية الخارجية لأربع سفن قتالية سطحية متعددة المهام "MMSC"، بالإضافة إلى المعدات والخدمات ذات الصلة، بقيمة إجمالية تصل إلى 11.25 مليار دولار.
وابتداء من نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، وقّعت البحرية الأمريكية سلسلة من العقود مع شركة لوكهيد مارتن لتوريد المواد وبناء سفن النقل البحري المتعدد الأغراض (MMSC) لصالح البحرية السعودية. ويضم التحالف المسؤول عن البناء شركات "لوكهيد مارتن"، و"فينكانتيري مارينيت مارين"، و"جيبس آند كوكس"، وغيرها. كما يشمل المشروع تحديث قاعدة الملك عبد العزيز البحرية في الجبيل.
ويستند تصميم سفينة النقل البحري المتعددة الأغراض إلى تصميم سفينة القتال من فئة "فريدوم"، مع زيادة في المدى إلى 5000 ميل بحري. يبلغ طول السفينة 118 مترا وعرضها 17.6 متر، وتبلغ إزاحتها عند الحمولة الكاملة نحو 3600 طن، وطاقمها 101 فرد.
وتبلغ سرعتها القصوى المصممة 30 عقدة، ومدى إبحارها 5000 ميل بحري، مما يُمكّنها من العمل خارج المنطقة الاقتصادية البحرية الخالصة للمملكة العربية السعودية، كما تحتوي السفينة على مهبط طائرات وحظيرة لمروحية "MH-60R".
وتشمل تسليح السفينة مدافع عيار 57 ملم، وصواريخ "هاربون بلوك 2" المضادة للسفن، وقاذفات "Mk-41" العمودية لصواريخ "ESSM" (إيفولفد سي سبارو) أرض - جو.
من ناحيته، قال الخبير الاقتصادي السعودي، العميد حسن الشهري، إن "تعويم سفينة " الملك سعود" كأولى سفن مشروع "طويق" في ويسكونسن يحمل دلالتين: الأولى فنية تتعلق بدخول السفينة مرحلة متقدمة قبل التجارب والتسليم، والثانية استراتيجية تؤكد أن المملكة تمضي في تحديث قوتها البحرية ضمن رؤية أشمل لحماية المصالح البحرية وخطوط التجارة والطاقة".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك" أن "المملكة تركز على قدرة بحرية متعددة المهام وليست "سفينة لمهمة واحدة، كما تعمل على تعزيز دفاعاتها الجوية ضد التهديدات الحديثة (صواريخ/مسيرات) عبر منظومات إطلاق عمودي وصواريخ دفاع جوي، وكذلك قتال سطحي وقدرة ردع ضد القطع المعادية عبر صواريخ مضادة للسفن (مثل هاربون)".
ولفت إلى أن الهدف ليس "زيادة عدد السفن" فقط، بل بناء منظومة حماية وسيطرة بحرية تحقق:
تأمين الممرات البحرية الحيوية في البحر الأحمر والخليج العربي وحماية سلاسل الإمداد.
حماية البنية التحتية البحرية والاقتصاد البحري (موانئ، صادرات، منشآت ساحلية) ورفع الجاهزية للتهديدات المركبة.
رفع الاحترافية التشغيلية عبر ربط السفن ببرامج تدريب وتأهيل وتهيئة شاطئية قبل دخولها الخدمة.
وأشار إلى أن السعودية تتوجه نحو "حزمة متكاملة" تشمل:
قيادة وسيطرة بحرية وربط بيانات (شبكات/ روابط تكتيكية) لدمج السفن مع الطيران والأنظمة الساحلية.
تطوير القواعد والبنية الداعمة للصيانة والتدريب.
تعزيز طبقات الدفاع القريب والمتوسط ضد المسيرات والصواريخ، والقدرات المضادة للغواصات/الطوربيدات عبر وسائل خداع وحماية.
وتابع، قائلا: "التعاون مع أمريكا قوي لاعتبارات التوافق التشغيلي والتسليحي وتكامل المنظومات، لكن المملكة ليست "محصورة" بمصدر واحد؛ هي تميل لتوازن بين أفضلية التوافق مع الحليف الأساسي في الأنظمة القتالية، وبين تنويع الشراكات حيثما يخدم الكفاءة والتكلفة ونقل المعرفة والتوطين".
من ناحيته أكد الخبير الأمني السعودي، العميد فيصل الحمد، أن "تعويم سفينة جلالة الملك سعود - وهي السفينة الأولى ضمن "مشروع طويق" القائم على شراكة سعودية أمريكية - يمثل خطوة استراتيجية تعكس عمق التعاون الدفاعي والتقني بين الرياض وواشنطن".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "المشروع يأتي في إطار التزام المملكة بتعزيز شراكاتها الدولية ودعم مستهدفات "رؤية 2030"، التي تطمح لتوطين 50% من الانفاق العسكري كمحتوى محلي".
ولفت إلى أن "المشروع لا يقتصر على توريد 4 سفن قتالية متعددة المهام فحسب، بل يشمل أيضا تطوير بنية تحتية متكاملة، تتمثل في تحديث قاعدة الملك عبد العزيز البحرية بالجبيل وإنشاء مرافق متقدمة للصيانة والتدريب".
أهداف استراتيجية
وحول الأهداف العملياتية، شدد الحمد على أن هذه الخطوات تهدف إلى:
تعزيز استدامة الجاهزية القتالية للقوات البحرية الملكية السعودية.
حماية المصالح الاستراتيجية للمملكة وتأمين الممرات الملاحية الدولية، لا سيما في البحر الأحمر الذي يمثل شريانًا حيويًا للتجارة العالمية.
رفع الكفاءة التشغيلية وتزويد القوات البحرية بأحدث المنظومات القتالية والتقنيات العسكرية المتطورة.
مشروع "السروات"
كما أوضح العميد فيصل الحمد أن "المملكة منفتحة على تعاون دولي واسع، من ضمنه "مشروع السروات"، الذي وصفه بالمشروع الحيوي والاستراتيجي المشترك بين "الشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI)" وشركة "نافانتيا" الإسبانية".
وكشف عن أن "المرحلة الأولى شهدت بناء السفن في إسبانيا، بينما تتضمن الخطط المستقبلية بناء مجموعة من السفن داخل المملكة العربية السعودية، بما يعزز قدرات التصنيع المحلي ويحقق الاكتفاء الدفاعي".
وشدد على أن "هذه المشاريع النوعية تمثل ركيزة أساسية في تحديث المنظومة الدفاعية السعودية وضمان أمن واستقرار المنطقة".
وفي يوليو/ تموز 2021، احتفلت القوات البحرية الملكية السعودية بمراسم تعويم السفينة الأولى لمشروع السروات "سفينة جلالة الملك – الجبيل" من نوع "كورفيت - أفانتي 2200".
ويهدف المشروع إلى توطين ما يصل إلى 60% من القدرات التقنية للمملكـة، وتطـوير منظومـة الدفاع السعودية، وهو ثمرة لزيارة الأمير محمد بن سـلمان السعودي إلى مدريد في نيسان/ أبريل من العام 2018.
وفي أكتوبر 2024، وقعت وزارة الدفاع السعودية في مدريد، اتفاقية تنفيذية مع نظيرتها الإسبانية، لدعم بناء 3 سفن جديدة متعددة المهام من طراز "كورفيت أفانتي 2200" وللتعاون في مجال التدريب وتبادل الخبرات والدعم الفني واللوجستي، لصالح القوات البحرية الملكية السعودية، ضمن عقد توسعة "مشروع السروات"، الذي اكتملت مرحلته الأولى ببناء وتسليم 5 سفن قتالية.
وتتضمن الاتفاقية، تقديم القوات البحرية الإسبانية الدعم الفني أثناء مراحل بناء السفن الثلاث وتنفيذ أعمال الفحص والاختبار وتقييم المنظومات والتعاون في مجال التدريب الأكاديمي والعملي لأطقم المجموعة الثانية من سفن "أفانتي 2200"، إلى جانب التدريب العملياتي والتكتيكي أثناء الإبحار بعد تسليم السفن وتدشينها للقوات البحرية الملكية السعودية.