يأمل الليبيون أن يشهد هذا العام تحسنا في الأوضاع الاقتصادية وأن يكون عام انفراج ولو بشكل نسبي بعيدا عن الوعود التي يطلقها المسؤولون بين الحين والآخر دون أن تنعكس على أرض الواقع.
ويرى الدكتور سعد الغديوي، الخبير في إدارة الأزمات في تصريحات لـ "سبوتنيك" أن "الوضع الاقتصادي المتدهور الذي تعيشه البلاد خاصة مع استمرار الأزمة لفترة طويلة لا تلوح له انفراجة قريبة في ظل حالة الانقسام السياسي من جهة وسوء الإدارة واستشراء الفساد من جهة أخرى".
عام بلا انفراجات...الليبيون بين غلاء المعيشة وغياب الحلول الاقتصادية
© Sputnik . Walid Lama
وأكد الغديوي أن "الأزمات الاقتصادية والمالية والسياسية التي تشهدها ليبيا مترابطة فيما بينها ولا يمكن معالجة إحداها بمعزل عن الأخرى".
وأشار الغديوي إلى أن "السياسة تؤثر في الاقتصاد وتتأثر به"، موضحا أن: "السياسات النقدية والتجارية للدولة تتأثر بشكل مباشر بالنهج السياسي السائد والذي يعود سببه بحسب رأيه إلى قلة أو انعدام القدرة والمعرفة والخبرة لدى صانعي القرار السياسي والاقتصادي في أعلى هرم السلطتين التشريعية والتنفيذية على حد سواء".
وأكد الخبير الغديوي أن "الدولة لن تتمكن من الخروج من هذه الأزمة ما لم يتم تغيير نظام العمل السياسي والاقتصادي واعتماد نظام كفؤ قائم على أسس علمية ومهنية سليمة"، محذرا من "استمرار الخلل والانهيار الاقتصادي بشكل تدريجي إلى أن تصل البلاد إلى كارثة حقيقية".
عام بلا انفراجات...الليبيون بين غلاء المعيشة وغياب الحلول الاقتصادية
© Sputnik . Walid Lama
وأضاف الغديوي: "على الجميع وخاصة من يملكون صلاحيات صناعة واتخاذ القرار في الدولة وضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار وترك المجال لغيرهم إذا كانوا عاجزين عن إيجاد حلول حقيقية مؤكدا أن إضاعة الوقت ليست في صالح أحد".
وفي سياق متصل، أشار الغديوي إلى أن "تفاقم الأزمة الاقتصادية يعود أيضا إلى ضعف الخبرة والمهارة في إدارة السياسة النقدية" معتبرا أن "محافظ مصرف ليبيا المركزي لا يملك خطة أو استراتيجية واضحة لإدارة هذه السياسة الأمر الذي ساهم في تعميق الأزمة وزيادة حدتها".
من جانبه، قال المواطن يوسف حسن في تصريحات لـ "سبوتنيك": "إن الارتفاع الكبير في الأسعار خلال العام الماضي يرجع بالأساس إلى انخفاض قيمة الدينار الليبي أمام الدولار في السوق الموازية"، موضحا أن "التجار يعتمدون بشكل كبير على شراء الدولار من تلك السوق في ظل عدم كفاية الاعتمادات المصرفية التي يسيّلها المصرف المركزي والتي لا تشمل جميع التجار المتقدمين بطلبات للاستفادة منها".
عام بلا انفراجات...الليبيون بين غلاء المعيشة وغياب الحلول الاقتصادية
© Sputnik . Walid Lama
وأشار حسن إلى أن "بعض التجار الذين يتحصلون على اعتمادات مصرفية بالدولار لاستيراد السلع لا يخصصون كامل قيمة الاعتماد لجلب البضائع من الخارج حيث يقوم البعض بشراء السلع بنصف قيمة الاعتماد فقط فيما يتم بيع المبلغ المتبقي في السوق الموازية للاستفادة من فرق سعر الصرف".
وبيّن حسن أنه لا يرى أي بارقة أمل خلال هذا العام متوقعا استمرار ارتفاع الأسعار وتدهور الوضع الاقتصادي في حال واصل المصرف المركزي اتباع السياسات ذاتها وعلى رأسها قلة السيولة وعدم تنظيم عمل محال الصرافة وغياب الرقابة والمحاسبة على التجار بشأن قيمة الاعتمادات التي تحصلوا عليها وأوجه صرفها .
من جانبها، قالت الموظفة أمل مسعود التي تعمل في إحدى الدوائر الحكومية في تصريحات لـ "سبوتنيك": "إن التجار أضروا بالاقتصاد الليبي نتيجة طمعهم في تحقيق أرباح سريعة رغم أن الدولة وفرت لهم اعتمادات تجارية بالعملة الصعبة وبمبالغ كبيرة لتوفير السلع الضرورية للسوق الليبي إلا أنهم لم يلتزموا بذلك وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الوضع الاقتصادي ليس بالسوء الذي يصوّر به أحيانا مقارنة ببعض الدول الأخرى".
عام بلا انفراجات...الليبيون بين غلاء المعيشة وغياب الحلول الاقتصادية
© Sputnik . Walid Lama
ورأت مسعود أن "على الدولة محاسبة التجار الذين لم يلتزموا بشروط الحصول على الاعتمادات ومعاقبتهم وتنفيذ أقسى العقوبات بحقهم باعتبارهم من أبرز المتسببين في الإضرار بالاقتصاد الليبي مع ضرورة تمكين صغار التجار وأصحاب المشاريع الصغرى من الاستفادة من هذه الاعتمادات".
ويبقى الوضع الاقتصادي في ليبيا مترنحا بين تحسن طفيف وركود خلال معظم شهور السنة نتيجة غياب خطة طويلة الأجل من قبل وزارة الاقتصاد والمصرف المركزي للنهوض به فالقرارات التي تصدر عن المسؤولين لتحسين الوضع الاقتصادي لم تؤت ثمارها ليظل الواقع على ما هو عليه وسط أمل لدى المواطنين بأن يشهد هذا العام انفراجات اقتصادية ملموسة يعيشونها على أرض .